الفصل الثالث :الجاذبية (٥)

132 2 2
                                    

كان الجميع يبحثون عنا بالرغم من صعوبة الطقس في الخارج، إلا أنهم انتشروا جميعًا للبحث.

حينما وجدونا، رمقنا موسى بنظرة يمتلئها الهجوم والكره في آنٍ واحد. أنهت إيلين ذلك المشهد الصامت تحت شلال الماء من الأمطار قائلة: "في المرة القادمة يجب أن تخبرونا بوجهتكم قبل المغادرة حتى لا نقلق ونشغل الجميع بالبحث."

همّ الجميع بالانصراف، وفي مشهدٍ مكرر رجعنا لذلك البيت الذي بدأت أكرهه حقًا، بدا كبيتٍ للأشباح أو كأنه بيت الرعب في مدينة الألعاب. وضعت رأسي على الوسادة، وبالرغم من الأفكار الكثيرة التي كانت تسبح داخل رأسي، إلا أنني استسلمت للنوم سريعًا وغصت في حلم جعلني أقف في منتصف غابة وأنا تائهة أبحث عن شيء لا أدري ما هو، لكنه كان يلح عليّ بالاستمرار في البحث والسير وسط المجهول.

أصوات تنادي باسمي "سالي"، أصواتٌ بدت  من الداخل كئيبة ومختنقة، ونغمات الرعب تملؤها. وفجأة خرجت لارا من خلف إحدى الأشجار بمنظر مشوه وبعيون جاحظة تكاد تقفز للخارج. حاولت التحدث معي وكأنها تريد إخباري بشيءٍ ما، لكنني لم أفهم ما تقوله. حينما انتبهت إلى فمها، رأيته مغلقًا بخيوط تمنعها من القدرة على الحديث، ذلك ما جعلني أغلق عيني وأصرخ بشكل هستيري.

ظهر صوت آخر من العدم جعلني أنظر سريعًا. كان رجلاً سمينًا للغاية، وشيء ما يخرج من فمه، وفي يده كأسٌ من العصير. بدأ يقول: "لقد فعلتها وقتلتني بعد أن انتشلت يدها من الوحل ورفعتها للأعلى، وفرت لها كل شيء، جعلتها كالملكة في عرشها، وبعد كل هذا دست لي السم." ثم ضحك وأكمل قائلاً: "هي تقول إنني أتعامل معها كسلعة. نور تلك الفتاة الغبية." نعم، تذكرت ذلك الرجل الغريق الذي كان في السفينة، زوج نور. ولكن ماذا؟ هي من قتلته؟ هي من فعلت ذلك؟! إحساسي لم يخطئ نحوها أبدًا بأن وراءها أشياء سيئة، ولكن كونها قاتلة كان بعيدًا جدًا عن شعوري بذلك.

وبعدها رأيت أبي مادًا لي ذراعيه يقترب مني، دموعي انهمرت بشدة لحظة رؤيته. اشتقت له كثيرًا، اشتقت له لدرجة أنني أريد التبخر من هنا والرجوع إلى البيت رفقته. كانت تلك الفكرة كفيلة بإيقاظي من حلمي،  استيقظت على صوت لارا وهي تقول لي: "هيا انهضي، وراءنا رحلة سنجوب بها البحار.لا أعلم كيف نمت، فأنا لم أذق طعم النوم بالتفكير في هذه اللحظة.
حينها فتحت عيني وأنا في غرفتي. يا إلهي، كل ذلك كان حلمًا؟! طرت فرحًا ولم أصدق نفسي أنني هنا ثانيةً.

كان هناك صوت تحت سريري، صوت خدش بأظافر أحدهم على الخشب، ويزداد ذلك الصوت رويدًا رويدًا. إرتجف جسدي من الخوف ورفعت غطائي وأنزلت رأسي للأسفل لكي أرى مصدر هذا الصوت. وحينها وجدت أخي الصغير مختبئًا وهو يحفر بأظافره على الخشب والدماء تغطي يده. قلت له مرتعبة: "ماذا تفعل؟" نظر إلي وقال: "استيقظي،

كان حلمًا آخر! يا للمصيبة، فأنا ما زلت في هذا المكان المجهول.

نهضت من مكاني فوجدت الجميع نائمًا، ونور تضع رأسها على كتف عمر. تلك القاتلة تعيش بيننا، أوهمتنا أنها فتاة ضعيفة لا تقوى على فعل شيء، وها هي ترمي بشباكها نحو عمر.

 الأرض الضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن