تبعنا إيلين ونحن في حالة ارتباك وقلق. نظرت إلى كمال ويدي ما زالت في يده، وفي حقيقة الأمر سرحت في ملامحه وقلبي يخفق بشدة، فرحًا بذلك أو ربما خوفًا، لا أدري.
مشاعري باتت مختلطة ولا أفهمها، وكانت دموعي ستتساقط لولا أنني أوقفتها. مسحتها سريعًا حتى لا أبدو في لحظة ضعف، ولكنني تنهدت جراء كبتي لمشاعري مما جعل كمال ينتبه لي، فوجه نظره نحوي ولم أستطع مقاومة نظراته الساحرة فابتسمت له كأنني أخبره عن إعجابي به وتصاعد أسهم حبي نحوه.
ابتسم سريعًا وأزاح وجهه عني، مما جعلني أصحو من سذاجتي وكأن شيئًا كُسر في داخلي. إلى متى يا كمال ستبقى منغلقًا على نفسك وعائشًا في تيه الماضي؟ اسمح لي أرجوك باقتحام عالمك، عسى أن يكون بيدي دوائك. أرجوك لا تخمد نار حبي نحوك، فأنا أعلم أنك تقرأ عيني وتشعر بقلبي الملهف. أرجوك أشعل فتيل الحب يا كمال.
وصلت إيلين إلى أحد البيوت التي كان يحرسها الكثير من الرجال، بدا أنه منشأة مهمة. ولكن ما المهم هنا؟ ما الذي يحرسونه وما الذي جعل هؤلاء الرجال يتسمرون في مكانهم رغم الفوضى في الخارج؟ دخلنا مع إيلين، والغريب في الداخل لا شيء مهم إنما مجرد بعض الأدوات القديمة مضى على وجودها الكثير من الزمن. لم أعلم معظمها، ولكن هناك شيء يشبه البندقية، وأيضًا أداة تستخدم لرصد النجوم، كأنني رأيت صورتها في كتاب التاريخ الخاص بالمدرسة. بات المكان كأنه متحف يحوي الكثير من الماضي.
نظرت إلينا إيلين وقالت:( بالطبع أنتم مستغربون من هذا المكان أو هذه الأشياء، ولكن هنا هو التاريخ بالنسبة لنا، هنا بدايتنا ونشأتنا. هذه أدوات أجدادنا يستخدمونها منذ زمن طويل، ونحن الأحفاد وجب علينا حمايتها) .
سألها كمال مستغربًا: (حمايتها من ماذا؟ ثم كيف تكون تلك الأدوات البالية تاريخكم؟)
ردت إيلين بعد أن رمقته بنظرة تدل على عدم الرضا من كلامه: (نحميها من الطامعين في القضاء علينا وإنهاء وجودنا هنا. هذه الأدوات إذا كانت لا تعني لك أي شيء، فهي كل ما نملك، هي نحن، تجسدنا في هذه الفانية) .
تحرك كمال باتجاهها وقال: (أنتِ تتحدثين عن الطامعين، من هنا غيرنا؟ وفيما سيطمع أحدهم في وجودكم أو مقتنياتكم؟)
قاطعته سريعًا لأنني رأيت أن إيلين بدأت تغضب من كلامه كثيرًا. قلت لها بلطف: (آنسة إيلين، ما يقصده كمال أننا أناس مسالمون ليس لنا مطمع في أي شيء. في الحقيقة، نحن لا نعلم شيئًا عن هذا المكان ولا ندري كيف وصلنا إلى هنا. كل الذي نريده منكم مساعدتنا في الرجوع إلى الديار.)
ابتسمت إيلين لي وقالت: (ما هو اسمك أيتها الحسناء؟)
خجلت من مجاملتها اللطيفة وأجبتها بصوت خافت: (سالي، وهذا كمال)
قالت:( هل هو زوجك؟)
قلت سريعًا:( لا، لا، كمال صديقي، أقصد لقد التقيت به...)
قاطعني كمال سريعًا كأنه لا يريد إخبارها عن السفينة وقال:( هل جلبتينا إلى هنا لتسألين عن ماذا أكون لها؟)
ردت إيلين: (ولكني لم أطلب منك المجيء)
أنت تقرأ
الأرض الضائعة
Mystère / Thrillerرواية الأرض الضائعة رواية خيالية وغموض، عن رحلة على متن السفينة لم تكن سفينة عادية، تاهت في أرض غريبة، ربما تلك الأرض كانت من عالم آخر........