الفصل الأول :رحلة على متن السفينة(٥)

226 6 5
                                    

حل الليل سريعا، حاولت النوم ولكن تفكيري بذلك الرجل منعني من ذلك، وأختي لارا لم تكلمني منذ الموقف الذي حدث في المطعم، قلت في نفسي(غدا في الصباح سأصالحها)، صعدت على سطح السفينة، فضولا برؤية البحر بل وسط البحر ليلا، كنت خائفة من ذلك حتى قبل مشاهدته، كان مخيفا جدا، لدرجة أنني أردت الرجوع إلى الغرفة مرات عديدة، ولكنني تجرأت وشجعت نفسي، كان هناك بعض الأشخاص يتسامرون ويتراقصون على نغمات الكمان، أحدهم كان يعزف عليه بإحتراف، وفي إحدى أركان السفينة زوجان يمسكان بأيدي بعضهم والزوج يشير إلى نجمة في السماء كأنه يقول لها(سأصنع لك من تلك النجمة عقدا)، وهي تبتسم من كل قلبها، وفي ركن آخر فتاة تبكي بحرقة، كانت تكتب على ورقة ربما رسالة إلى أحدهم،

لم أتلقى في حياتي أي رسالة، كنت أنتظرها من معجب يعبر بها عن حبه أو على الأقل إعجابه، لم أكن النوع المفضل لدى الشباب، عكس أختي لارا الذي كان الكثير من الشباب يلاحقها ويتمنون التحدث معها،
صوت البكاء قد تلاشى، تلك الفتاة قد اختفت فجأة، نظرت من حولي سريعا، ولكني لم أجدها، لم أنتبه لها عندما غادرت وكأن الريح الشديدة قد قذفتها لخارج السفينة، ذلك المشهد جعلني أرتعش من الخوف، وتلاطم الموج على السفينة كان ينمي ذلك الخوف، بل جعله يصل إلى حد الهول، شعور بشع قد راودني فجأة، كاد أن يوصلني إلى إلقاء نفسي في هذا البحر الواسع، دموعي بدأت بالإنهمار، لم أستطع منعها من ذلك، لا أعلم لم كل هذا قد راودني فجأة.

برق هائل أضاء السماء، كاسرا عتمتها، تبعه صوت رعد أوقف الدم في عروقي، مطر منهمر وابل وكأن شلالا يتساقط من السماء، بدأ كل هذا في لحظة، بلا هدوء قبله ينذر بقدوم العاصفة، كنت واقفة مكاني، أنتظر استيقاظي من هذا الحلم، وريح شديدة تعصف بي جعلتني أتشبث بإحدى الزوايا.

أصوات عالية، ونداءات استغاثة محال تلبيتها في هذا الوقت العصيب، أصبحت أقاوم كل الظروف مقتربة من السلالم، أختي لارا نائمة في غرفتها، والمياه بدأت بالنزول للأسفل، والناس يخرجون من كل اتجاه، حتى أن بعضهم بدأ بالبحث عن قوارب النجاة، طاقم أمن السفينة بدأ بإبعادهم عن القوارب، أخبر الناس بأن الوضع آمن وليس بتلك الخطورة،.

عندما وصلت المدخل المؤدي إلى الغرف اختل توازني وكدت أنزلق، لولا شخص ما احتضني من الخلف وقال بصوت مخنوق من شدة المطر( إلى أين تذهبين؟!! الوضع خطر في الأسفل)، أردت الرد عليه بأن أختي في الأسفل، ولكنني تلعثمت حينما علمت أنه هو (كمال) ، وأخبرته بكلمات غير مرتبة، ولكنه فهم ما أقصده، قال لي( إبقي هنا، سأذهب لجلبها) وهم بالذهاب، ثم وجه نظره لي وسألني( ما هو رقم غرفتكم؟؟)،.

وفجأة انزلق ووقع على رأسه، ( اللعنة، ما كل هذا.... ما تلك الويلات التي تنصب على رأسي؟؟!)، سندته على إحدى الزوايا الآمنة نوعا ما، وركضت مسرعة للأسفل والمياه قد وصلت لمنتصفي، وتزداد سريعا حتى أنني بدأت بالسباحة والغوص أسفل المياه للوصول إلى الغرفة....... لم أصدق ما رأيت حينما شاهدت إحدى الجثث، كانت لرجل سمين في عقده الخمسين، وزوجته الحسناء تصرخ فزعة وبدأت بالغرق، غصت لأنقذها و أخرجتها من الماء، وطلبت منها أن تمسك بي جيدا،سألتها عن اسمها، اجابتني نور، كان كالضياء ينير وجهها، حاولت أن اطمئنها، حتى هدأت قليلا.

لا أعلم ما سر تلك القوة التي أصابتني، حتى أن شعوري بالخوف كان ضئيلا، وبقيت مستمرة بحركتي حتى وصلت الغرفة، حاولت مرارا وتكرارا فتح الغرفة، ضغط الماء حال دون ذلك، ساعدتني تلك الفتاة بكل ما تملك من قوة في فتح الباب، ودلف الماء معنا إلى الداخل، ولكن الغرفة كانت خالية، شعرت ببعض الإطمئنان بأن لارا ربما صعدت إلى الأعلى، ترافقه شعور بالقلق الشديد على كمال.....

 الأرض الضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن