الفصل الثاني :الضّياعُ في المَجهول (٣)

182 2 0
                                    

وقالتْ بَعْد أن تَنهدَت ( اِلتقَيْتُ بِأدْهم فِي الجامعة ، لَقد اِنْجذَبتْ لَه أَوَّل مَرَّة حِينمَا رأيْته ، بِالرَّغْم من أنه رجل عادي،لا شَيْء مُميَّز فِي أَدهَم ، فكما تعلمين نحن الفتيات يرتسم في خيالنا مواصفات الرجل الذي سنشاركه ما تبقى من العمر، نطمع بالشيء الكثير وأحيانا المستحيل، ولكن إن ظهر الحب يهدم كل تلك التطلعات، ويحول أجمل حلم نمتلكه إلى كابوس مزعج.)
ضحكت على ما قالته وسألتها (وماذا كانت مواصفات فتى أحلامك؟؟ ) .
إحمرت وجنتيها خجلا وأجابت ( أن يكون غنيا، بل أن يكون فاحش الثراء، هذا هو الشيء الأساسي)
سألتها بتعجب( وماذا عن أن يكون وسيما أو رومنسيا، أو ما شابه ذلك؟ ؟ )
( تلك الأشياء ستفنى وستكون مجرد ذكرى مؤلمة بحضور الفقر، الفقر أكبر عدو لسعادة الزوجين، فهو يهدم كل الأمنيات)

سَأَلتهَا بِاسْتغْراب ( وأين أدهم من كل هذا ؟ ؟ )      

( عندما رأيت أدهم أول مرة، شعورا غريبا تنامى في داخلي،أردت بشدة الذهاب إليه وبدء أي حديث معه، لا أدري لما ألقيت بكبريائي خلف ظهري، وأضيفي إلى ذلك أنني بدأت أتبع أدهم في كل مكان يذهب إليه، وفي النهاية استطعت أن أظفر به. ).

( ومن الذي إعترف بحبه أولا؟ )
ردت حنان واثقة( بالطبع هو، كان علي أن أحفظ القليل من كرامتي، فبعد أن جعلته يتعلق بي ولا يستطيع الإستغناء عني، أبديت بعض التحفظ وعدم المبالاة، حتى لا أكون قصة تروى على لسانه، ويخبر الجميع أنني من حفي للتحدث معه)
إبتسمت من طريقة تفكيرها، وخجلت بداخلي حينما تذكرت تصرفاتي الأخيرة نحو كمال، وقلت لها متشوقة من قصتها ( أكملي، وماذا حدث بعد ذلك؟؟)

(تَقدُّم أَدهَم لِخطْبَتي فَوْر تَخرجِه ، وَبَعدهَا بِسَنة تَزَوجنَا ، عمل أَدهَم فِي إِحْدى شركات المحاسبة وَكَان راتبه جيِّدًا يُغْنينَا عن الآخرين ، فِي أَوَّل سنة مِن الزَّوَاج كَانَت اَلأُمور تسير على مَا يُرَام ، وَلكِن . . . . . ) )

لَم أُعلِّق على كَلامِها بل اِنْتظرْتهَا لِتكْمل ، أَكمَلت والدُّموع تَملَأ عيْنيْهَا ( كان أَدهَم يُريد طِفْلا ، وحاولْنَا بِشَتى الطُّرق وَلكِن لَم يَحدُث حملا ، وَلأَن اَلشرِكة اِسْتغْنتْ عن أَدهَم ، لَم نَكُن نَملِك اَلْمال لِمراجعة الأطبَّاء ، بَحث أَدهَم كثيرًا عن عمل جديد ، وَلكِنه لَم يَجِد ، أَصبَح أَدهَم بعْدها شخْصًا آخر ، يَجلِس وحيدا في البيْتِ، وَنادِرا مَا يَتَحدَّث مَعِي ، وَبقِي اَلْحال كَذلِك لِعدَّة شُهُور ، حَتَّى فِي يَوْم رَجْع أَدهَم بِغَير حالٍ ، كان سعيدًا ، وَيملِك مَبْلَغا مِن اَلْمال ) .

سَأَلتهَا بِاسْتغْراب ( وَمِن أَيْن حصل على ذَلِك ؟ ؟ ) . ( اِدَّعى أَنَّه اِلتقَى بِالصُّدْفة صديقًا لَه وقد كان غنيًّا ، وَشرَح لَه حَالَتِه وأعْطَاه ذَلِك اَلْمال ، وَعرَض عليْه العمل معه )
( وهل صدقتَيْه ؟ ؟ )
( بِالطَّبْع لََا ، فمن هُو ذَلِك الشَّخْص اَلذِي يُعْطِي صديقًا لَه لَم يَرَاه مُنْذ سَنَوات هذَا المبْلغ ) .
( هل واجهتيْه بِذَلك ؟ ؟ ).
( لَم أُناقِشْه ، أَدهَم مِن النَّوْع المراوغ ، لََا تسْتطيعين أَخْذ حقٍّ أو باطلا مِنْه ) .

 الأرض الضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن