الفصل الرابع:الرجوع إلى المستقبل(١)

77 2 0
                                    

رد كمال: "هي كانت تردد لي هذه الجملة: 'أصبحت تبالغ يا كمال، وتعطي أهمية لكل شيء لا يستحق ذلك.' سألتُه: 'وهل تفعل ذلك حقًا؟'

رد كمال:" حين التقيتُ بها أول مرة، كانت تجلس في مكتبها. عرضتُ عليها معدات طبية، فأنا كنت مندوب مبيعات لهذه الشركة. ابتسمت لي وقالت: 'أبي من يقرر هذا، إنه الآن خارج البلاد.' قلت لها: 'حسنًا، سأعود الأسبوع القادم، أو تعلمين، هذا رقم هاتفي، اتصلي بي حين يعود.'

قالت وهي ما زالت مبتسمة: 'ولكنه سيعود بعد شهر.' سألتها عن سر ابتسامتها ، اعتقدتُ أنها تهزأ بي. كان ردها غريبًا، حيث قالت: 'أتعلم، سيد كمال، تبدو كأنني أعرفك منذ زمن بعيد. هل التقينا من قبل؟' قلت لها: 'لا أظن ذلك. هل زرتِ عرافًا من قبل؟' ضحكت حينها وأجابت مستغربة: 'ماذا؟ بالطبع لا! ولكن لماذا تسأل؟ هل أنت جاد؟"

حينها تجرأت أن أدعوها لتناول شيئًا ما في استراحة المستشفى.

ثم سكت كمال وكأنه ضاع في أفكاره. سألته: "وماذا حصل بعد ذلك؟" قال: "حسنًا، لقد تزوجنا في نهاية المطاف بعد عدة اختبارات من أبيها. اجتزت كل ذلك، وعملت في المستشفى في قسم المحاسبة. كانت أيامًا جميلة، يملؤها الدفء والحب، إلى أن مخاطر عملي السابق بدأت تطرق بابنا."

قلت له مستغربة: "ما المخاطر التي ستأتي لكم من مهنة مندوب مبيعات؟ هل قتلتَ أحدهم بينما تعرض عليه بضاعتك؟"

رد كمال: "ربما تهزئين من ذلك الأمر، ولكنك محقة. لقد قمت بقتل أحدهم، ولكن ليس وأنا مندوب مبيعات."

قلت له خائفة: "يا إلهي، قتلتَ أحدهم؟ ولكن لماذا؟ يا إلهي، قل لي أنك تمزح!"

رد كمال: "كنت أعمل على استحضار الأرواح." قاطعته وقلت: "استحضار ماذا؟ كمال، أرجوك لا تحاول العبث بي! ."

قال حينها، والحزن يملأ وجهه: "اعتقدت في البداية أنني أساعد الناس في لقاء أحبائهم، ومساعدتهم في ما يتمنون إخبارهم للأموات. اكتشفت تلك الموهبة وأنا صغير، حينما استطعت التواصل مع أختي الصغيرة. حينها أخبرتني أين خبأت لعبتي. قلت في نفسي: 'لماذا لا أساعد الناس في التواصل مع من فقدوهم؟' كل شيء كان يسير على ما يرام، إلى أن زارتني تلك الفتاة. حينها، كأنني فتحت باب الجحيم."

أصبح بدني يرتعش من قصته تلك، والطقس في الخارج أصبح أكثر عنفًا، ولأول مرة تمنيت أن يسكت كمال على الدوام بدلًا من كل الهراء الذي يتحدث به. وبالطبع، سألته عن قصة تلك الفتاة.

فأجاب: "حينها، زارتني تلك الفتاة البائسة التي لم تكمل سنين رشدها بعد. تتوسل لي محادثة أمها لتعتذر لها عن طريق معاملتها السيئة. فهي تريد لأمها أن تغفر لها، فهي تزورها باستمرار في أحلامها. تلك الأحلام كانت قاسية على تلك الطفلة، وهي تريد حلًا لقصتها. أقسمت أنها لم تذق طعم النوم منذ أكثر من ثلاثة أيام. حينها جعلتها تتواصل مع أمها وأخبرتها بكل الذي في قلبها."

 الأرض الضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن