خرجت إيلين إلى قومها والجميع في حالة ترقب. عند أول رؤية لها، فزع الجميع من مكانهم وعمّ الصمت انتظاراً لكلامها. قالت إيلين بصوت عالٍ وغير واثق: "سنغير وجهتنا ونتجه إلى الجنوب عكس الجبال، ولكن ليس الآن، إنما بعد يومين لحين قدوم المستكشفين."
قال موسى: "لم يكن أجدادك بهذا الضعف في قيادتنا. لم يكن هناك شيء يجعلهم يتراجعون عن قرار اتخذوه سوى الموت، وإن كانوا في حيرة من أمرهم، استشاروا قومهم. ولكنك تستشيرين الدخلاء، متجاهلةً ما فعلوه بنا."
قالت إيلين بغضب: "هؤلاء الغرباء ليسوا بقاتلين، ما هم إلا ضيوف عندنا ويجب علينا أن نحسن معاملتهم. هكذا غرز أجدادنا فينا القيم النبيلة."
قال موسى بسخرية: "ضيوف؟ لم نعلم معنى الضيوف سوى في مخطوطاتنا."
قالت إيلين: "وهاهم هنا، وها نحن نستقبلهم. وإياك أن تتحدث معي بتلك اللهجة مرة أخرى."
أصبح موسى يخاطب الناس وهو يقول بصوت عالٍ: "يا قوم، إن قائدتنا قد فقدت رشدها وهي تريد الاتجاه بنا إلى الجنوب، تريد أن تقودنا نحو التهلكة. ماذا تنتظرون؟ يجب علينا عزلها، إيلين سلمت رأسها لهؤلاء القتلة الذين يكيدون لنا كل المكائد للإيقاع بنا."
تملك إيلين الغضب وقالت والشر يتطاير من عينيها: "موسى، بقولك هذا أنت تخالف كل الشرائع والقوانين. ليس أنت من يقرر مصيرنا، هناك مجلس مستشارين هو وحده يقرر عزلي. سأجتمع بهم وإذا قرروا ذلك لن أخالف لهم أمراً."
قرروا الاجتماع بعد غروب الشمس كجزء من تقاليدهم في أي مناسبة، سواء كانت زواجاً أو عزاءً أو حتى جلسة للتسامر والتسلية.
نظر لي كمال نظرة فيها إعجاب لأنني استطعت إقناع إيلين بفكرتنا. كنت أريد تجاهله حتى يعلم أنني لا أبالي به وبحديثه، ولكن أفعالي تخونني عندما يخص الموضوع كمال. قلت له بابتسامة: "لكي تعلم أن الفتاة هي المفتاح في هذه المواقف."
قال كمال: "بالطبع، خصوصاً إذا كانت تجمع بين الذكاء والجمال في نفس الوقت فسيكون تأثيرها أكبر."
لم أصدق أذني مما سمعته، أمعقول أن هذا الكلام صادر من كمال. أثناء حديثي معه لاحظت غياب عمر ونور، لا أدري لما قلقت من ذلك. في الحقيقة، لقد خفت على نور من عمر ربما من موقفه السابق معها. بالرغم من أنني لم أسكن لنور منذ رأيتها، إلا أنها تبقى الأضعف لأنها فتاة. حينما سألت كمال عن سر اختفائهم، قال بلا مبالاة: "ربما ذهبوا هنا أو هنا، سيظهرون في أي وقت، سيرجعون بالتأكيد إلى أين سيذهبون."
قلت له بقلق: "هل مضى وقت طويل على غيابهم؟"
قال: "قرابة الساعة، رأيتهم يتحدثون مع جابر ثم اختفوا عن الأنظار."
أكملت حديثي والخوف يزداد عندي: "وماذا إن حدث لهم مكروه؟ كان يجب عليهم إخبارنا أين سيذهبون."
أنت تقرأ
الأرض الضائعة
Misterio / Suspensoرواية الأرض الضائعة رواية خيالية وغموض، عن رحلة على متن السفينة لم تكن سفينة عادية، تاهت في أرض غريبة، ربما تلك الأرض كانت من عالم آخر........