الفصل 10 : زمردار

16 5 40
                                    


دخل عجو إلى منزله و من ورائه كانت لبنى، و افترقا عند باب غرفته حيث دخل لجمع أغراضه في حين ارتقت هي السلالم لجمع حاجياتها القليلة.

كانت تبتسم بتحمس، فها هي ذي الأيام مضت سريعا، و هي مسألة وقت فقط حتى تبدأ النزالات في القبيلة، لكم هي تتلهف لتمسح الأرض برجال قتام ! لتجلب الفخر لماما ! لتأخذ بالثأر لنفسها و لجميع النساء !

تنهدت بابتسامة حالمة بينما تحتضن حقيبتها الجلدية التي انتفخت بالأثواب الثلاثة التي اقتنتها لها الخالة علياء.
كما أنها قريبا سترى غزالة، لقد اشتاقت لها كثيراً.

نظرت لبنى لباب الغرفة الموصد حين طرق، و قبل أن تأذن كان قد فتح على مصرعيه و اندفعت منه جونة و ضحكة و ياقوت و على وجوههن تعابير فوضوية، و لكن كلماتهن كانت أشد فوضى.

هزت لبنى يديها في الهواء:" على مهلكن! واحدة واحدة."
أزاحت جونة شقيقتيها و صاحت:" هل كنت خطيبة عجو طوال هذا الوقت و نحن لا خبر !! "

فهمت لبنى أنهن قد علمن بالأمر، فأجلست جونة و حكت لهن على قدر ما حكت لوالديهن، فأنصتن باهتمام ثم سكتن للحظات كي يستوعبن.

و كانت ردود أفعالهن جيدة، فياقوت احتضنتها بسعادة لأن هذا يعني إقامة لبنى معهن رسميا، و جونة بدت مدهوشة من رسم الأقدار و لكنها ضحكت كثيرا ، أما ضحكة فقد قفزت إلى الصناديق التي تحوي ثيابهن و أخذت تعبث بحماسة.
سألت جونة : " ماذا تفعلين ؟"

  - " ها هو ذا !" هتفت ضحكة ثم ردت على شقيقتها بينما ترفع ثوبا جميلا و علبة خشبية واسعة :" لن تغادرا حتى نحصل على ما كنت أتلهف له!" فنظرت الفتيات لبعضهن بحيرة.

و لكن ضحكة قفزت نحو لبنى و جعلتها تقف، ثم نظرت إليها بكل جدية الأرض:" سأسخر كل مواهبي لأصيب أخي الصغير بنوبة قلبية، هل أ جدنك مستعدة لدعمي !؟" طرفت لبنى كمن رش على عينيه التراب:" عفوا؟ ما الذي تقولينه؟"

و تم استيعاب ما تخطط له ضحكة حين وقفت بابتسامة واثقة بجانب جونة و هي تمسك بخصرها، و كانتا تتطلعان إلى لبنى بانذهال بعد أن فرغت من تجهيزها.

كانت لبنى تطرف بحرج من نظرات صديقتيها، فأخفضت عينيها اللتان برزت أهدابهما بفضل التبرج، و انسدلت بعض الخصلات من شعرها المجموع في كعكة بينما تتأمل الثوب الذي تلبسه، كان غريبا عن المعتاد و يظهر عليه أنه باهظ الثمن، و لكن الشيء الأكيد أنها قد وقعت في حبه، بزركشاته و خياطته المتقنة و لونيه الأبيض و الأزرق الداكن.

رفعت لبنى ذراعيها تتفقد بإعجاب أيدي الثوب الطويلتين و المنسدلتين ، ثم سألت ضحكة:" ما كنت لأتخيل نفسي في ثوب بهذا الجمال !"

قالت ضحكة:" إنها أثواب مدينة زمردار، كل شيء من هناك مثالي و رائع، حتى وصفات المخبوزات التي أعدها من عندهم."

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن