كانت تلك الكائنة الضئيلة تستلقي على الأرض العارية، و تمد قدميها بموازاة الجدار، فتلعب بهما ؛ تباعدهما ثم تلاقيهما، أما ذراعاها فقد نامتا أسفل رأسها، و تدثرتا بخصلاتها السوداء المبعثرة.
تحركت سوداوتاها الواسعتان إلى الباب حين فتح، و أطل منه أخوها الأكبر و هو يجر قدميه جراً، أوصد الباب من خلفه ثم ترك القربة -التي كانت بين يديه- على الأرض و خاطبها بعد أن تجاوز دهشته و فرحته و أخفاهما تحت قناع الانزعاج:
- " ما جاء بك إلى داري و أنت من خاصمتني بلا تبرير ؟"نظرت لوجهه بصمت ثم أشاحت بعينيها و عادت تحرك قدميها على الجدار، عض قيس أسنانه يكتم غضبه، ثم اقترب منها و أمسك قدميها الصغيرتين في يد واحدة و أخفضهما.
- " لا توسخي جداري."استقامت جالسة و لا زالت تناظره بصمت، فقط تحدق بوجهه.
تكلم هو : " ما بالك تتصرفين بغرابة يا لبنى ؟ "أخفضت نظراتها و أخذت أصابعها تعبث بغبار الأرض، انخفض قيس و جلس القرفصاء و قد حطت يده النحيلة على رأسها.
- " اسمعي، الحقيقة أني سعيد بزيارتك لي و أخيرا يا أختي الحبيبة، و لكني أود أن أعرف ما جرى لك؟ لما قطعتني كل هذه الأسابيع، و لما لا تردين علي الآن؟ إن أنا فعلت ما يسوؤك فحدثيني عنه لأصلح الأمر"تذكرت لبنى كلمات ماما المحذرة لها من أخيها، أ حقا هو يريد قتلها ؟ إن ماما لا تكذب، لا بد و أنها الحقيقة..و لكن..
و لكن قلبها يحترق كلما تخيلت صورة قيس وحيدا ينتظرها أمام الباب.هي تصدق ماما إلا أنها تريد أن تريح قلبها لذا..
- " جئت لأودعك."- " تودعينني؟! لماذا، أين ستذهبين ؟"
ردت مطأطأة بتعبير غاضب : " لن أزورك بعد اليوم."
- " ما السبب ؟ هل علم آزر بخروجك سرا فمنعكِ؟"
- "كلا!"
- " إذا لما لن تزورني ثانية؟ أنت تعلمين أنك صديقتي الوحيدة في هذا العالم، لا أحد يؤنسني سواكِ، أ تتخلين عن أخيك؟" حدثها مستلطفا راجيا.
رفعت إليه نظرة قاسية : " ماذا تعني لك الأخوة يا قيس؟"
تفاجأ بشدة قبل أن يرد :" إن تحدثنا عن باقي إخوتنا فأخوتهم لا تعني لي أي شيء، و لكن أخوتي معك تعني لي كل شيء..
أنت أختي الوحيدة يا لبنى."- " إن كنت تجاوزت أخوتهم ببساطة فما يضمن لي أخوتنا ؟ إنك فقط تخدعني يا قيس و إني لكشفت أمرك!" وقفت على قدميها بغضب.
- " عما تتحدثين!؟ هم قد آذوني و تخلوا عني! من الطبيعي أن أتبرأ منهم! لكن أنت لم تفعلي مثلهم."
أنت تقرأ
كالحليب مع التمر.
Literatura Femininaتتحدث الرواية عن شخصية لبنى بنت سنمار، شابة من القبائل، و أخت لستة إخوة، تقرر الهرب من زفافها من أجل الالتحاق سراً بمباريات شيخ القبيلة و في نيتها الإطاحة بالرجال انتقاما لحياتها البائسة، و لكنها حيث هربت، تصادف صديق طفولة يعترض أحلامها و يوقع قلبها...