- " يا أم نجوم ! تعالي و انظري من جاء يزورنا و أخيرا" دخل السيد غمام و هو منتشٍ فرحا و مبشرا زوجته بقدوم من هي بمثابة ابنته الراحلة.
أما لبنى فقد كانت عند مدخل الدار كي تودع ' زوجها ' و الذي استفاق من صمته و شروده على عطسة قوية هزت ضلوعه، خلعت لبنى معطفه عنها و غطته بسرعة : " يا إلهي! أنا حقا آسفة، عد حالا كي تبدل ملابسك يا عجو، أخاف أن تمرض."
فرك أنفه ثم سألها بجدية: " لبنى، دعيني أتفقد رأسك.. أشعر أنه قد أصيب و لم تنتبهي." مطت شفتها و دحرجت عينيها:
" لا تقلها هكذا و كأنني لم أراع أحداً يوماً."- " ليس هكذا، إنما أنت تتصرفين بشكل غريب!
واثقة أنكِ بخير؟ لا أدري..تبدين كهدوء ما قبل العاصفة أو ما شابه."ضحكت قبل أن تسحب القلنسوة على رأسه و لو أن المطر توقف منذ فترة : " أنا بأحسن حال يا عجو، كن مطمئنا. أنا فقط.. أشعر و كأنني استيقظت من حلم طويل.. "
- " رأيتِ! تتفوهين بكلمات غريبة أيضاً !"
أمسكت أصبعها الأوسط بإبهامها ثم أطلقته على جبهته بقوة فتأوه، و بينما يمسد جبهته كانت هي قد هربت إلى داخل الدار بينما تلوح له بابتسامة نشيطة.
عاد عجو إلى البيت، و لم يدرِ كيف عاد، إذ كان شاردا طوال الطريق، و بعدها أمضى الساعات يتجول في داخله و يكاد الضجر يقتله، حقا يشعر بفراغ كبير حين لا تكون لبنى في الجوار.
◇◇
- " آه، أشعر أني ولدتُ من جديد! " أعلنت لبنى بانتعاش و هي تغادر بيت الخلاء و قد غسلت عن نفسها الوحل و التعب و دماء الجروح، و أطلت في ثوب أنيق كان لابنة عمها الراحلة، فرفعت أكمامه لأنفها تستنشق من رائحتها العالقة به.
رفعت رأسها حين أحست بعيون نحوها و حركة قريبة، لتجدها السيدة لُبابة و ابنها البكر بجوارها يقفان بصدمة و كأن أمامهما شبحاً.
أوه، ربما هو بسبب شعرها المقصوص! لقد صدمت لبابة حين رأتها عند المدخل فهل تقرر أن تصدم في كل مرة تراها ؟وضعت وجها منزعجا نحو ابن عمها العزيز، و قد تجهزت نفسيا لحرب كلمات طاعنة، و ربما قد تنتهي بمشادة بالأيدي حتى كما جرت العادة بينهما منذ الصغر، و لكنها تفاجأت به يتجاوزها و يهرول مبتعداً.
نظرت في أثره بحاجبين مرتفعين، و لكنها أعارت انتباهها ثانية نحو زوجة عمها التي دنت منها تتفحص مظهرها : " لقد سألَتني دوما متى أصير بحجم هذا الفستان ؟ كانت تنمو ببطء فلم تتحمل و ظلت تلبسه في البيت و تتجول به و هي غارقة في قماشه الفضفاض..و كأنه الأمس فقط." ثم وضعت يدها تغطي فمها.
تبسمت لبنى بحزن:" إن رائحتها تملؤه..يسعدني أنها كانت تلبسه كثيرا، أشعر و كأنها ها هنا."
أنت تقرأ
كالحليب مع التمر.
ChickLitتتحدث الرواية عن شخصية لبنى بنت سنمار، شابة من القبائل، و أخت لستة إخوة، تقرر الهرب من زفافها من أجل الالتحاق سراً بمباريات شيخ القبيلة و في نيتها الإطاحة بالرجال انتقاما لحياتها البائسة، و لكنها حيث هربت، تصادف صديق طفولة يعترض أحلامها و يوقع قلبها...