الفصل 13 : أظنني أحبه

14 5 21
                                    



فتح فمه في ابتسامة مريضة :
" عدتي إلَي بقدميكِ.. يا أيتها الهاربة الحقيرة."

أحست لبنى و كأن كل الدماء في جسدها قد تجمعت في رأسها و حجبت عن عقلها التفكير.

عادت خطوة إلى الوراء، و لما كادت تتعثر استعادت وعيها بما حولها و أدركت أن آزر ماثل أمامها حقا، بنظرات تشتعل غضبا، و هي الآن عالقة معه في السطح دون عجو، أ تقفز من الخلف و تكسر قدما في سبيل النجاة أم تقارعه حتى توشك على لفظ روحها و تزحف نازلة السلالم !؟

أ إذا صرخت سمعها أحد؟
هي لا يمكنها في هذه اللحظة تذكر كيف تقاتل أصلا حتى تعرف إن كانت ندا له..!

اِبتلعت بخوف و تيبست قدماها في مكانهما و هي تراه يترك مكانه و يتجه نحوها بهدوء، مستحضراً كل ذكرياتهما دون نقصان في أقل من ثانية، أ سيشدها من شعرها أم يلكم أولا؟
أ هي صفعة أم يباشر بالضغط النفسي؟ فكرت بجزع شديد وأحست بالدموع تتجمع في عينيها حين احتجز ذراعها رهينة في يده الخشنة.

إمساكه القوي، و برودة كفه جعلها تدرك أكثر خطورة وضعها و ضآلة إمكانية نجاتها منه، فحاولت تحرير ذراعها:" أفلتني حالا! من تظن نفسك؟ أنا الآن متزوجة و ليس لك كلمة علي!!"

أفسدت وجهها لنفسه النتن و هو يتكلم بنبرة ساخرة:
" عجباً ! أ لم يخبرك أحد من قبل؟ الزواج لا يفسد الروابط الأسرية، إن كلماتي هي أوامر لك حتى تموتي."

  - " لا! أنا لست أَمَة لديك! و أنا من آل رمح الآن لذا ابتعد عني حالا!."

  - " لا تُفضُّ الأصول بهذه البساطة يا ساذجة.
  لا يسعك الهروب من قبضتي، أ تسمعين؟ و من أين لك كل هذا الغرور و الكفاح؟ أ تخالين حقا أن ذلك الفأر الذي تزوجته قادر على فعل شيء؟" ثم ضحك في الأخير، و كم كانت ضحكته مثيرة للغثيان.

  - " ليس عجو بل أنا ! " كبركة ماء سقطت فوقها الشمس فتبخرت، كذلك كان خوف لبنى، تلاشى في لحظة مباغتة كأن لم يكن، و وضعت نظرة في غاية القوة و التحدي، نظرة لم يرها آزر على قسماتها منذ أيام صغرها حين كان أخيل يمدها بالشجاعة.

لسبب ما ، كانت تلك النظرة تقتله قتلاً، فيغمره شغور بغيض، كيف تتجاسر و تنظر إليه بقوة !؟ هو، آزر بن سنمار ! رعب قتام و ما جاورها ! كيف لصعلوكة صغيرة أن تحتفظ بالعزم داخلها و هي تَمثُل أمامه !؟ أ و لم يدمرها منذ زمن؟

اشتاط غضبا فازداد ضغطه على ذراعها حتى كاد يكسرها، فتأوهت لبنى و لكنها حاولت الاحتفاظ بتعابيرها القوية.
أخيل كان محقا فيما قاله و هما أطفال ؛ و لو لم تجابهه في العضلات إلا أن آزر حقا يخشى قوتها الداخلية.

ابتسمت بجانبية و كلها ثقة : " لماذا أنت خائف، أخي الكبير؟"

شعرت بانتفاضة جسده و دهشته الخفيفتين، فتابعت و هي تستعمل يدها الحرة لتضرب ذراعه في منطقة معينة فتحرر ذراعها الأخرى و أخيراً:" أظنك اكتشفت الأمر مثلي.. أنني أعلم أنك مجرد خائف جبان، يغطي ذلك بالغضب و الضرب، بينما أنا، أنا لا أحتاج ذلك لأثبت قوتي، لأنني قوية في داخلي، مهما كسرت فيَ فسأعيد إصلاحه، و لكن أنت..مكسور تماما و مشوه في داخلك لا تعرف سوى الثوران في وجوه الناس لتتأكد أنهم لن يمسكوك من يدك التي تؤلمك! و لكنني سأمسكك من تلك اليد و أكسرها يا آزر!
أنا من سأحطم شوكتك و تذكر كلماتي جيدا !"

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن