الفصل 24 : الهجوم على قَتام

14 1 1
                                    


صحن حساء انخفض محتواه قليلا و برتقالة أكلت بضع قطع منها، كان هذا كل ما تناولته غزالة و تركت ما بقي على الطاولة جوار السرير، و بعد أن أرضعت ابنتيها فإنها غفت فورا من الإجهاد، أما جونة فقد عادت للنوم في المجلس و بقيت لبنى يقظة لوحدها و قد جافاها النوم.

جلست أرضا، على الجانب الآخر من السرير تتأمل الطفلتين بعين محبة و أخرى مشفقة، كيف يمكن لامرئ أن يقتل هذه البراءة و كأنه يقتل حشرة؟
هل حياة الحروب بين القبائل هونت القتل على الرجال إلى هذا الحد ؟

مررت يدها على خد أقربهما فتحركت قليلا خلال نومها و مددت يديها لتمسك أصبع لبنى، خفق قلب العمة و لمعت عيناها، كانت قد وقعت في الحب !

مالت على الاثنتين و قبلتهما بخفة ثم عدلت الغطاء فوق غزالة و قبلتها هي الأخرى كأخت كبرى حنون، ثم مضت إلى الخارج على أطراف أصابعها.

كانت تعلم أن جونة في المجلس الثاني فلم ترد تنغيص نومها و اتجهت للأول القريب من المدخل.

تفاجأت بإنارة خافتة فدخلت مستغربة لتجد عجو هناك و قد أضاءت شمعة الظلام.
" أ لم تنم ؟ " رفع رأسه بعد أن كان شاردا و هزه للجانبين : " لم أستطع.. و شعرت أنك الأخرى لن تستطيعي، تعالي انضمي إلي."

جلست بجانبه و كان هادئا جدا فلكزته بمرفقها:
" ماذا هناك ؟ " نظر لها بزاوية عينه العلوية كطفل على وشك البوح بفعلته : " أتذكرين رهاننا ؟" دحرجت عينيها : " ما الأمر معه ؟ "

" كان يفترض بأنني عندما أفوز سنظل متزوجين دون انفصال.. و شيء آخر."

عقدت حاجبيها تحاول التذكر ثم هتفت :
" الشيء خاصتي ! الذي بحوزتك، قلت ستخبرني ماهيته ! " فأومأ لها باسما.

بسطت يدها في الهواء بابتسامة مستقيمة :
" حسنا، هيا أعده."

رمقها بسخرية فقالت باستنكار : " ماذا ! " رفع عجو أنفه بتكبر : " قلت بوضوح إني سأخبرك ما يكون، لكن لم أحسم أمر إعادته." جادلته بانزعاج:
" لكنه ملكي في الأصل، هذه سرقة يا عجو."

رفع كتفه : " من وجد شيئا يحصل عليه، أنت ذهبت دون أن تتفقدي إن أسقطتِ شيئا ! "
عقدت حاجبيها : " متى حدث هذا ؟ "

لوح بيديه بدرامية في الهواء : " في ليلة ليلاء، و عند اكتمال البدر و التقاء النجوم السبعة في خط مستقيم.." صفعت لبنى ركبته المثنية بضجر:
" عجو ! كن جادا."

" حسنا، حسنا.. لم يكن الوقت ليلا، بل كان نهاراً.
أ تذكرين ما حكيت لك في السرداب عندما كنا أطفالا ؟ عن الشخص الذي حرضني للهرب بكلامه الشجاع و ساعدني حينها ؟ "

ضحكت ببعض السخرية من تعبيره الذي علق في رأسها لكونها رأته مبالغا فيه يوم قاله : " الشخص الذي كان يلمع من بين الجميع ؟ "

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن