صحن حساء انخفض محتواه قليلا و برتقالة أكلت بضع قطع منها، كان هذا كل ما تناولته غزالة و تركت ما بقي على الطاولة جوار السرير، و بعد أن أرضعت ابنتيها فإنها غفت فورا من الإجهاد، أما جونة فقد عادت للنوم في المجلس و بقيت لبنى يقظة لوحدها و قد جافاها النوم.
جلست أرضا، على الجانب الآخر من السرير تتأمل الطفلتين بعين محبة و أخرى مشفقة، كيف يمكن لامرئ أن يقتل هذه البراءة و كأنه يقتل حشرة؟
هل حياة الحروب بين القبائل هونت القتل على الرجال إلى هذا الحد ؟مررت يدها على خد أقربهما فتحركت قليلا خلال نومها و مددت يديها لتمسك أصبع لبنى، خفق قلب العمة و لمعت عيناها، كانت قد وقعت في الحب !
مالت على الاثنتين و قبلتهما بخفة ثم عدلت الغطاء فوق غزالة و قبلتها هي الأخرى كأخت كبرى حنون، ثم مضت إلى الخارج على أطراف أصابعها.
كانت تعلم أن جونة في المجلس الثاني فلم ترد تنغيص نومها و اتجهت للأول القريب من المدخل.
تفاجأت بإنارة خافتة فدخلت مستغربة لتجد عجو هناك و قد أضاءت شمعة الظلام.
" أ لم تنم ؟ " رفع رأسه بعد أن كان شاردا و هزه للجانبين : " لم أستطع.. و شعرت أنك الأخرى لن تستطيعي، تعالي انضمي إلي."جلست بجانبه و كان هادئا جدا فلكزته بمرفقها:
" ماذا هناك ؟ " نظر لها بزاوية عينه العلوية كطفل على وشك البوح بفعلته : " أتذكرين رهاننا ؟" دحرجت عينيها : " ما الأمر معه ؟ "" كان يفترض بأنني عندما أفوز سنظل متزوجين دون انفصال.. و شيء آخر."
عقدت حاجبيها تحاول التذكر ثم هتفت :
" الشيء خاصتي ! الذي بحوزتك، قلت ستخبرني ماهيته ! " فأومأ لها باسما.بسطت يدها في الهواء بابتسامة مستقيمة :
" حسنا، هيا أعده."رمقها بسخرية فقالت باستنكار : " ماذا ! " رفع عجو أنفه بتكبر : " قلت بوضوح إني سأخبرك ما يكون، لكن لم أحسم أمر إعادته." جادلته بانزعاج:
" لكنه ملكي في الأصل، هذه سرقة يا عجو."رفع كتفه : " من وجد شيئا يحصل عليه، أنت ذهبت دون أن تتفقدي إن أسقطتِ شيئا ! "
عقدت حاجبيها : " متى حدث هذا ؟ "لوح بيديه بدرامية في الهواء : " في ليلة ليلاء، و عند اكتمال البدر و التقاء النجوم السبعة في خط مستقيم.." صفعت لبنى ركبته المثنية بضجر:
" عجو ! كن جادا."" حسنا، حسنا.. لم يكن الوقت ليلا، بل كان نهاراً.
أ تذكرين ما حكيت لك في السرداب عندما كنا أطفالا ؟ عن الشخص الذي حرضني للهرب بكلامه الشجاع و ساعدني حينها ؟ "ضحكت ببعض السخرية من تعبيره الذي علق في رأسها لكونها رأته مبالغا فيه يوم قاله : " الشخص الذي كان يلمع من بين الجميع ؟ "
أنت تقرأ
كالحليب مع التمر.
أدب نسائيتتحدث الرواية عن شخصية لبنى بنت سنمار، شابة من القبائل، و أخت لستة إخوة، تقرر الهرب من زفافها من أجل الالتحاق سراً بمباريات شيخ القبيلة و في نيتها الإطاحة بالرجال انتقاما لحياتها البائسة، و لكنها حيث هربت، تصادف صديق طفولة يعترض أحلامها و يوقع قلبها...