الفصل 5 : حتى بيداء قنديل

22 4 19
                                    





عندما فتحت لبنى ذات الأحد عشر ربيعاً عينيها، وجدت نفسها مستلقية في غرفتها الضيقة، و يوجد ألم يخز رأسها من الخلف. استغرقها الأمر فترة حتى استعادت ذكرياتها قبل أن تفقد الوعي، و سرعان ما انتفضت مستقيمة بفزع.

لمست قطعة القماش التي تحيط برأسها، ثم ارتعشت يداها و انهمرت الدموع من عينيها ، كيف يمكن أن يفعل أخيل بها هذا من بين جميع الناس! لم تستطع تصديق ما حدث، ذلك الشاب البليد لا يمكن أن يكون أخاها الحنون بأي فرصة.

و في وسط نشيجها، أصدر باب الغرفة صريرا مزعجا، رفعت نظراتها الضبابية بضيق فوجدته شقيقها الأصغر دريد، و الذي لم يكد بصره يسقط عليها حتى ركض إلى حضنها باكيا بصوت مرتفع." أختي! لقد اعتقدت أنني لن أراك ثانية! " رغم نفسيتها المدمرة، إلا أنها رفعت يدها و مسحت على ظهره.

رفع دريد وجهه الملوث بالدموع و المخاط: " كيف تشعرين الآن؟ قال آزر لن يحضر طبيبا لذا وضعت أختي غزالة لك بعض الأعشاب أسفل هته العصابة."

  - " هل..كنت قلقا على أختك يا دريد؟" سألته لبنى بابتسامة حزينة فاحتضنها :" نعم، كثيرا. " قبلت رأسه و اعتذرت لإقلاقه، كانت تعرف قدر حبه و لا بد أن رؤيته لها فاقدة للوعي و الدماء تتدفق منها قد أخافه.
 
سأل دريد :" أخي أخيل ليس طيبا كما قلت لي، أنا أكرهه، لماذا دفعك على الحجر!" لم تكن الإجابة بحوزة لبنى و تمنت لو يخبرها أحد عن السبب، و لكنها وجدت نفسها تقول و آخر قطرات المحبة تحفزها:" ربما..لم يتعمد ذلك."

  - " إذا لما لم يأتِ ليعتذر أو يتفقدك، هو لم يحملك حتى للبيت بل ترك ضرغام يحملك ثم ذهب لمكان ما، لقد عاد فقط بعد الغروب!" احتج دريد بغضب كبير.

سألت لبنى بذهول:" هل غربت الشمس ؟ "

  - " نعم، منذ فترة. لقد كنت نائمة طوال اليوم و كنت و غزالة خائفين بشدة من أن لا تفتحي عينيك مرة ثانية."

  - " و أين غزالة الآن؟ "

  - " إنها مشغولة في إعداد العشاء لآزر و أصحابه، لقد جعلها تفعل الكثير من العمل الشاق، إنه شرير! و لم يسمح لنا بطلب المساعدة من عمي ليجلب الطبيب لك بدلا منه."

  - " لست متفاجئة، يسعدني أنه لم يقل ألقوا بها خارجا، هي لم تعد صالحة." سخرت لبنى بوجه بارد.

ثم انتبهت بعد أن رجعت من عالم أفكارها الذي غاصت به لفترة إلى أن دريد كان يلتزم الصمت على غير عادته، و بدا لها أنه يخفي عليها شيئا ما فسألته:" ما بك يا دريد؟" انتفض الطفل كما لو أن صاعقة أصابته، ثم قفز من فراشها و أسرع للباب خارجا و هو يقول:" سأذهب لأطمئن غزالة عليك، و سنجلب لك طعام العشاء."

كانت ستفتح باب الفرضيات لتفسير غرابة أخيها، و لكن الصداع كان يعصف بأعصابها فاستلقت بتعب.

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن