الفصل 6 : اللقاء الأول

21 5 1
                                    


حسبت لبنى أنها تجهزت جيدا، فهي قد تنكرت كصبي صغير و اختبأت في هودج الجمل بين الحاجيات طوال الطريق، و لكن ما لم تحسب له حسابا كان شقيقها الصغير!
لقد قفزت لتكشف عن نفسها و نسيت أن تمرر العمامة على وجهها، و ذلك كان بسبب حماستها للتباهي أمام المعلم قنديل بقدرتها على الرمي، فقبل تدريب ماما المكثف، هي كانت تعرف الأساسيات من أخيل لذلك تطورت بسرعة.

  - " أختي، كيف أتيت؟ و لماذا تلبسين كالأولاد؟"

سألها دريد بتعجب و هو يتلفت حولها، كان الأولاد قد اقتربوا منهما فأخذت لبنى تنظر حولها بقلق، أبعدت دريد:
" من أنت أيها الطفل؟ أنا لا أعرفك، ثم أنا ولد فكيف لي أن لا ألبس لباس الأولاد !"

  شك دريد في عينيه حين التمس تغيرا صغيرا في صوت شقيقته، و لكن هذا الطفل أمامه نسخة طبق الأصل عن أخته فكيف هذا؟

تحلق الأطفال حول لبنى المتنكرة و أغدقوها بالأسئلة المتحمسة حول كيف نجاحها في التصويب من تلك المسافة، و لم يعيروا الاهتمام لما قاله دريد و لم يشك أحد في أنها صبي في الحادي عشر من عمره.

و قبل أن تجد لبنى الفرصة للإجابة عن أسئلة معجبيها الصغار، كانوا قد بدأوا يفسحون المجال لمعلمهم الذي تقدمهم بخطواته الرزينة، و شعرت لبنى أنه قد اخترق أعماقها بعينيه الثاقبتين.
أغلقت عينيها ثم فتحتهما بنظرة قوية:" لا بد و أنك المعلم قنديل."

مشط لحيته بأنامله:" هذا صحيح، و من السيد الصغير؟"

  - " اسمي هو قيس بن سنمار، و أريد أن أكون تلميذا عندك بأي ثمن كان."

  - " قيس بن سنمار سيكون الآن في عشريناته، كان عليك أن تحيط علما بمن تنتحل شخصيته قبل انتحالها. ثم هو قد حصل على ختمه بالفعل."

  - " إنه تشابه أسماء لا غير يا سيد قنديل، لست أنتحل شخصية أحد." رفعت لبنى رأسها بثقة.

  - " أوه حقا؟" قال المعلم بنبرة ساخرة جعل ثقة لبنى تهتز قليلا فأسرعت تقول: " أنا اسمي قيس و والدي يدعى سنمار، هذه ليست المرة الأولى التي يحمل فيها شخصان الاسم ذاته.
  دعنا ندخل في المهم، كيف أستطيع أن أصبح تلميذك؟"

  - " و ما غايتك من التتلمذ لدي؟"

كانت لبنى تسعى للحصول على ختم بنفس اسم أخيها حتى تتمكن من الالتحاق بمباراة شيخ القبيلة مستعينة بهويته، فالشرطان الأساسيان للمشاركة هو أن تكون قتاميا و في حوزتك ختم من أحد معلمي البيداء.

قالت لبنى:" أنا أريد القوة، أحتاج لتعلم ما يتقنه أبناء العاشرة. فقد فاتتني فرصة القدوم إلى البيداء لظروف قاهرة، إنك لن تتعب معي كثيرا فأنا معي الأساسيات و كبير لأفهم و أعي تعليماتك بشكل أفضل من هؤلاء الصغار." قلب الشيخ عصاه لليد الأخرى:" ما زلت لم تكشف عن غايتك، ماذا تريد بالقوة بعد أن تحوزها ؟"

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن