الفصل 3 : لبنى و أخيل

29 7 19
                                    

" صحا القمرُ و غفت الشمس.
زال اليوم و سيصير هو الأمس.
و ها هي ذي، أختي، تستعد لتنام.

صحا القمرُ و غفت الشمس.
و نجوم الليل أخذت في الهمس.
في أذني أختي، لتقابل الأحلام.

هيا ببطء، فلتسدلي الأجفان..هيا لُبنتي نامي بسلام.
فأخوك هنا أبد الأيام."

صدحت تلك الأغنية في كل الأنحاء ، بصوت صغير لطيف، و أخذ صاحبها يرددها مرارا مع كل خطوة كانت تخطوها هي نحو الأمام، أخذت تقترب من مصدره، أوه إنها غرفتها ! هل صاحب الصوت في الداخل؟

دفعت باب القصدير بكفين صغيرين، و قبل أن ترى شيئا شعرت بذراعين تحتضنان رقبتها بلطف.
صار الصوت عند أذنها تماما، واضحا و صافيا و دافئا.

تبسمت، ثم فاضت دموعها حتى ابتلت تلابيب ثوبها، و صاحب الصوت يتابع الغناء و هو يحركها يمينا و شمالا بهدوء.

" لبنى!"

اخترق ذلك الحدثَ صوت مرتفع، جعل المنادى عليها تغادر ذلك العالم لتحط على أرض الواقع بقوة، فنهضت بوجه مذعور و نفس لاهث.

كانت جونة تجلس على ركبتيها و أصابع قدميها و هي تناظرها بخوف، احتاجت لبنى للحظة حتى تستعيد هدوءها، نظرت للغرفة و تذكرت أنها كانت تأخذ قيلولة.
خاطبتها جونة :
" هل أنت بخير؟ لقد كنت.. تبكين."

ارتبكت لبنى و أسرعت تجفف الدموع التي كانت تملأ وجهها، من الطبيعي أن يحظى المرء بأوقات يستيقظ فيها و يجد دمعة أو اثنتين على وجهه، و لكن ما كان على وجه لبنى، كان أكثر من ذلك بكثير، لقد احمرت عيناها بشدة.

  - " آه..لا أدري ما خطبي..وجهي كله مبلل!!" سخرت لبنى بتعب من نفسها، و أفصحت و لا زال شعور ثقيل بالحزن يعشعش في قلبها:" أنا حتى..لا أذكر عما كان الحلم."

  - " حسنا أظنها كانت أضغاث أحلام لا أكثر، إنه العصر لذا يحدث أن تحصلي على بعض الأحلام الغريبة أو السخيفة.
  هيا لتنضمي لنا في المجلس." انتبهت لبنى إلى غياب ضحكة و ياقوت فسألت:" هل أطلت في النوم ؟ " فردت جونة واقفة:" ليس كثيرا، اطمئني لست آخر المستيقظين ففاتنة لم تبرح فراشها بعد، تلك الكسول."

أزاحت لبنى الغطاء عنها و نهضت و هي تمسح وجهها بكسل، ثم عادت تسأل بنبرة لائمة:" صحيح يا جونة! لماذا كذبت على أهلك؟ أكره أن أتعامل بقلة أمانة مع أشخاص طيبين."

  - " للضرورة أحكام، ليس و كأنني أحب أن أكذب عليهم و لكني لم أجد ما أقوله لأضمن بقاءك، لو قلت أنك عروس هاربة لحاول أبي التدخل لإرجاعك و الصلح بينك و بين زوجك أو ما شابه، لا أدري.. كنت مرتبكة."

  - " فهمت، أنا أعتذر لوضعك في موقف كهذا." تأسفت لبنى لتربت جونة على كتفها بابتسامة مواسية:" لا عليك، ثم أنا سأخبرهم بالحقيقة ذات يوم، عندما تستقر الأمور."

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن