" صحا القمرُ و غفت الشمس.
زال اليوم و سيصير هو الأمس.
و ها هي ذي، أختي، تستعد لتنام.صحا القمرُ و غفت الشمس.
و نجوم الليل أخذت في الهمس.
في أذني أختي، لتقابل الأحلام.هيا ببطء، فلتسدلي الأجفان..هيا لُبنتي نامي بسلام.
فأخوك هنا أبد الأيام."صدحت تلك الأغنية في كل الأنحاء ، بصوت صغير لطيف، و أخذ صاحبها يرددها مرارا مع كل خطوة كانت تخطوها هي نحو الأمام، أخذت تقترب من مصدره، أوه إنها غرفتها ! هل صاحب الصوت في الداخل؟
دفعت باب القصدير بكفين صغيرين، و قبل أن ترى شيئا شعرت بذراعين تحتضنان رقبتها بلطف.
صار الصوت عند أذنها تماما، واضحا و صافيا و دافئا.تبسمت، ثم فاضت دموعها حتى ابتلت تلابيب ثوبها، و صاحب الصوت يتابع الغناء و هو يحركها يمينا و شمالا بهدوء.
" لبنى!"
اخترق ذلك الحدثَ صوت مرتفع، جعل المنادى عليها تغادر ذلك العالم لتحط على أرض الواقع بقوة، فنهضت بوجه مذعور و نفس لاهث.
كانت جونة تجلس على ركبتيها و أصابع قدميها و هي تناظرها بخوف، احتاجت لبنى للحظة حتى تستعيد هدوءها، نظرت للغرفة و تذكرت أنها كانت تأخذ قيلولة.
خاطبتها جونة :
" هل أنت بخير؟ لقد كنت.. تبكين."ارتبكت لبنى و أسرعت تجفف الدموع التي كانت تملأ وجهها، من الطبيعي أن يحظى المرء بأوقات يستيقظ فيها و يجد دمعة أو اثنتين على وجهه، و لكن ما كان على وجه لبنى، كان أكثر من ذلك بكثير، لقد احمرت عيناها بشدة.
- " آه..لا أدري ما خطبي..وجهي كله مبلل!!" سخرت لبنى بتعب من نفسها، و أفصحت و لا زال شعور ثقيل بالحزن يعشعش في قلبها:" أنا حتى..لا أذكر عما كان الحلم."
- " حسنا أظنها كانت أضغاث أحلام لا أكثر، إنه العصر لذا يحدث أن تحصلي على بعض الأحلام الغريبة أو السخيفة.
هيا لتنضمي لنا في المجلس." انتبهت لبنى إلى غياب ضحكة و ياقوت فسألت:" هل أطلت في النوم ؟ " فردت جونة واقفة:" ليس كثيرا، اطمئني لست آخر المستيقظين ففاتنة لم تبرح فراشها بعد، تلك الكسول."أزاحت لبنى الغطاء عنها و نهضت و هي تمسح وجهها بكسل، ثم عادت تسأل بنبرة لائمة:" صحيح يا جونة! لماذا كذبت على أهلك؟ أكره أن أتعامل بقلة أمانة مع أشخاص طيبين."
- " للضرورة أحكام، ليس و كأنني أحب أن أكذب عليهم و لكني لم أجد ما أقوله لأضمن بقاءك، لو قلت أنك عروس هاربة لحاول أبي التدخل لإرجاعك و الصلح بينك و بين زوجك أو ما شابه، لا أدري.. كنت مرتبكة."
- " فهمت، أنا أعتذر لوضعك في موقف كهذا." تأسفت لبنى لتربت جونة على كتفها بابتسامة مواسية:" لا عليك، ثم أنا سأخبرهم بالحقيقة ذات يوم، عندما تستقر الأمور."
أنت تقرأ
كالحليب مع التمر.
Chick-Litتتحدث الرواية عن شخصية لبنى بنت سنمار، شابة من القبائل، و أخت لستة إخوة، تقرر الهرب من زفافها من أجل الالتحاق سراً بمباريات شيخ القبيلة و في نيتها الإطاحة بالرجال انتقاما لحياتها البائسة، و لكنها حيث هربت، تصادف صديق طفولة يعترض أحلامها و يوقع قلبها...