الفصل 21 : رحلت جوراً

13 2 20
                                    

" هل خرجَت.. ؟ "

سألت السيدة لبابة بجزع حين دخل زوجها غرفتهما و قد بدا محبطا مهموما، و اكتفى بهز رأسه نافيا.

مسحت وجهها و عادت تجلس من جديد : " يا إلهي! من أين نزلت علينا هذه المصيبة الآن!
لقد تمرغت سمعتنا في التراب يا أبا هلل فما عسانا فاعلين ؟ "

جلس غمام على كرسي و رأسه بين يديه :
" الأهم من تلك الثرثرات المنتشرة هي نجوم..
إني خائف عليها، هي ترفض الخروج رفضا قاطعا،
لا بد و أنها تمر بوقت عصيب."

" لست أفهم سبب ذهابها إلى هناك ! كيف تخرج شابة لوحدها في الليل ! " صاحت لبابة في غضب شديد ثم همست لزوجها بتوجس:
" أ و تظنها ذهبت حقا لتقابل آزر؟ أ يمكن أنهما
يتواعدان سرا عنا ؟ "

"بحق خالق السماء! أ لا تعرفين ابنتك ؟
ثم هي رفضته قبل أن يجلب أباه عندنا حتى، بمجرد أن سألتِها عن الأمر فإنها ردت بحزم أنها لا تريده."

" لا أدري.. ربما غيرت رأيها أو أنهما كانا متشاجرين وقتها لذا رفضته.." دافعت الأم عن موقفها فزفر غمام بتعب ثم قال بشيء من الهجوم : " ابنتي نجوم تعرف حدودها و لا تلقي بنفسها للخطر، أنا واثق من أن الأمر قد كيد لها "

" أ يمكن هذا حقا ؟ أنا أود أن أصحح الأمر للناس، لقد أوصل الخدم لي أخبار القوم، و الجميع يقول أشياء مخلة بالأدب و يضيف على القصة أكثر مما يلزم حتى كدت أصدق.
إن شرف العائلة على المحك، علينا فعل شيء.."

لم يجبها زوجها و غاص في أفكاره عميقاً، أنى له تبرئة ابنته و إيجاد الحقيقة بينما هو لم يكن حاضرا و هي ترفض فتح باب غرفتها ؟ إنه اليوم الثاني و لا زالت لم تخرج !

نظرت لبابة إلى زوجها حين طرق باب المنزل و لكن لم يبدو عليه أنه سمعه لشدة شروده، و لكنه عاد لإدراك ما حوله حين صار هنالك طرق على باب غرفتهما الآن، نظرا لبعضهما ثم قام هو و فتح.

كان ذلك أحد عبيدهم و قد خاطب سيده بنبرة مؤدبة : " سيدي، إن السيد سنمار و ابنه آزر على الباب، يريدانك في موضوع مستعجل."
تبادل النظرات و زوجته مرة ثانية.

و بذلك اجتمع مع شقيقه الأكبر و ابنه في المجلس، و ضيّفهما بالتمر و الحليب، و لكن لا أحد دنا من الطعام و كان الحوار ما يهم جميع الأطراف.

كان في سنمار شيء من كل أبنائه، و كأنه خليط من سبعتهم و لكن أكثرهم شبها به ملامحاً هم أبناء تودد، و الأكثر شبها شخصية فإنه آزر، و لو أن هذا الأخير أقسى منه تعبيراً و أدنس نفساً.

سنمار : " كيف أخبارك يا أخي ؟ "

تبسم الأخ الأصغر بثقل : " ..بخير، بخير.
ماذا عنك ؟ أرجو أن تتجاوزوا خسارتكم لامرأة طيبة كأم رمل."

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن