الفصل 4 : ما خطب عجو و فاتنة ؟

18 4 17
                                    




فركت لبنى يديها المتعرقتين للمرة العشرين ربما، كانت قلقة  و محرجة بشدة ، بينما تجلس على أقرب فراش لباب غرفة الجلوس، رفعت سوداوتيها تنظر للعائلة الطيبة التي آوتها ليوم كامل، و قد كانوا متحلقين حول ابنهم الوحيد بينما تدهن والدته بعض الزبدة على جانب ذقنه المنتفخ بسبب لكمة لبنى.

كان ابنهم عَجْو ينافس الليل الدامس في سواده، و بفضل ظلمة الحظيرة فلم تتبين لبنى منه سوى عينيه و انتهى بها المطاف تضربه بعد أن ظنته جنيا.

و رغم أن لون ذقنه لم يبدو متغيرا و لكنه كان يؤلمه، فقد كان يضغط على عينه حين تلمسه والدته، و حينما فرغت تحدث إليهم بابتسامة محرجة : " أنا حقا بخير، لا تقلقوا !"

  - " أ تؤلمك كثيرا، أخي ؟" قالت ياقوت بصوت باكٍ و هي تقلب نظراتها حول وجهه. نظرت لبنى إليها بخوف و قد شعرت أنها بفعلتها خسرت محبة ياقوت إلى الأبد، لا بد و أنهم سوف يطردونها شر طردة !

حينها، اختارت التصرف قبلهم، فوقفت على قدميها ما لفت انتباه الأسرة الكبيرة فنظروا إليها، ارتبكت قليلا لكنها ابتلعت
و فتحت فمها بينما تنظر لأسفل:" أنا حقا أعتذر منك سيد عجو، بعد الذي فعلته أعرف تماما أنه لم يعد لي مكان هنا لذلك لا داعي للقلق بهذا الشأن، سوف أغادر منزلكم في الحال.
أردت أن أشكركم على ضيافتكم الطيبة قبلها." ثم قفزت نحو الباب مسرعة بالخروج قبل أن يتم إجبارها على الاعتذار لعجو أكثر، هي ليست آسفة حقا على أذية رجل، كل ما في الأمر أنها آلمت شخصا يهم جونة و أخواتها اللاتي أحببتهن.

  - " مهلا يا مجنونة." أجبرت لبنى على الوقوف لأن شعرها علق في يد جونة التي ظهرت وراءها و جرتها لداخل المجلس، هل سيضربونها لأجل لكمة واحدة عن طريق الخطأ !؟

  - " من قال شيئا عن رغبتنا في رحيلك؟" استنكرت حور بنبرة قلقة و هي تنظر للبنى التي أجبرتها جونة على الجلوس أمام أفراد العائلة بوجه مدهوش أمام ما يقولونه.

ياقوت:" لا يمكنك أن تذهب هكذا يا لبنى، وعدتني باللعب غدا بالدمى !"

الأب:" ثم هل نبدو لك شياطينا لنترك طفلة تمضي ليلتها في العراء ؟! ستبقين عندنا حتى نجد والدك."

ضحكة :" أنت تبالغين، ليس و كأنك ضربت عجو عمدا، صحيح؟ " هزت لبنى رأسها للجانبين بقوة مبعثرة شعرها الناعم لتضحك الأم و تمسح على رأسها : " إذا ليس هنالك من سبب لتتركي بيتنا، صغيرتي."

  - " لكن لماذا؟ كان بالإمكان أن يخسر ابنكم فكه بسببي.." اعترضت لبنى و هي تمط شفتها و تضع عقدة بين حاجبيها، بدت لطيفة للغاية في عيون الجميع، حتى عجو، و لكنه لم يتبسم مثلهم بل شحب وجهه و تسمر في مكانه.

  - " و لكن ذلك لم يحدث، لذا لا بأس." نظرت لبنى بنفس التعبير إلى فاتنة التي ربتت على كتفها مبتسمة، و لكن وجه لبنى تشوه قليلا بسبب أن فاتنة كانت تضغط على كتفها بخشونة رغم وجهها المشرق.

كالحليب مع التمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن