" أن تكونَ مُمَيز أمرٌ رائع ولكن ككل شيء في هذه الحياة كانت هناك عواقب و يجبُ عليكَ تخطيها و دفعُ ثمن هذا التمَيُز"داخل مقهى "الرُكن الهادئ" كان يجلس في مكانه المعتاد مع كوبٍ من القهوة محدثاً صديقه في الهاتف قائلاً :
_ لا ماهو مش منطقي كل مرة يغلطوا أنا إلي أشيل الليلة و أحامي عنهم ده شغل عيال.
أجابهُ الطرف الأخر مُترَجيًا :
_ عشان خاطري يا "غَيث" المرادي بجد والدك لو عرف أو أي حد هناك شم خبر هيروحوا في داهية.
تأفف الأخر بضيق مما يفعله أشقائه و ما يورطون أنفسهم به و أجابه :
_خلاص أقفل دلوقتي و أنا....
توقف عن الحديث عندما أبصر الشخص الذي دخل المقهى بنفس الهيئة و نفس الأسلوب المعتاد له و جلس على طاولته الخاصة به هو و أصدقائه، الغير مسموح لغيرهم بالجلوس عليها بأمر من صاحب المكان السيد "درويش"، خرج من شروده على صوت أحد الجالسين على تلك الطاولة ناطقًا بصوت عالي نسبيًا :
_" جيمي" أيه التأخير ده كله والله كنا هنبدأ لوحدنا.
ردت عليه صديقة أخرى بجانبه قائلة:
_ طب أحلف كده إننا كنا نقدر نبداء لوحدنا من غير "چيمي"
رد عليها المدعو "چيمي" بصوت عميق نتيجة للقناع الذي يرتديه و بنبرة خبيثة قائلاً :
_ مظنش إنه هيكررها تاني هو حرم من أخر مرة ولا أيه يا دودي.
أبتلع الأخر تلك الغصة في حلقُه مردفًا بنبرة مرتعبة زائفة :
_ لا لا طبعاً يا كبير أنا أقدر أبداء حاجه من غيرك ده أنا عيل بوق أصلاً
ضحك الجميع عليه و معهم ذلك المراقب الذي تابع الحِوَار منذ البداية و عينه لم تبتعد عن ذلك المقنع الغريب، ليس لشيء مهم لكنه مثير للفضول بشدة، بدايةً من أسمه المُتيقن تمامًا أنه غير حقيقي، و زيه الأسود الذي لا يُغَيره ربما يُبدل الشكل لكن اللون لا يتغير، و الأغرب من كل ذلك هو قناعه الذي لا يُخلع أبداً وهو قناع أبيض فمه يشبه خط مستقيم و عينيه دوائر واسعة سوداء، و دائمًا ما يُخفي رأسه، لا يمكن رؤية شعره أو لصدق القول لا يمكنك رؤية أي شيء منه، فاق من شروده على رنين هاتفه الذي كان أغلق صديقه الخط و أعاد ألاتصال ولم يفق سوا في المرة الثانية فتح المكالمة يستمع لحديث الطرف الأخر:
_ أيه يابني كل ده عمال أكلمك وأنت منطقتش كلمة و أقفل و أتصل معبرتش أمي في أيه؟ !
عقد" غَيث "ما بين حاجبيه بضيق و أردف معتذراً :
_ أسف بجد يا إياد معرفش سرحت كده أزاي، خلاص أنا هتحرك أروح البيت و أنت حصلني على هناك نشوف حل مع الحيوانات دول، سلام.
أغلق الخط و دَفَعَ الحساب و همّ بالمغادرة ولكنه تفاجأ مما حدث كما فعل الجميع، حيثُ أقتحم المكان شخص ضخم البنية، يبحث عن شخصًا ما و عينيه تطلق شرارًا حتى وصل لمبتغاه، أندفع أتجاه الطاولة الخاصة بالأصدقاء و أمسك المدعو" چيمي" من تلابيبه موجهاً فوهة سلاحه لرأسه صارخًا بصوت جَهْوُري :
_ هقتلك يا "چيمي" وربي هقتلك.
تصنم جسد الجميع و وقفوا ما بين متفاجأ و متحفز و جميع الأنظار موجهة لهم و بالتحديد ذلك الهادئ الذي لا يظهر تعبيره ولكن أيًا كان، كما المتوقع منه أن ما سيحدث الآن لا يمكن وصفه سوا بــ المذبحة.
أنت تقرأ
الطفرة
Mystery / Thrillerعندما تُحاسب على ما لا ذنب لك به و تُلقي بك الدنيا أنت و من تحب في غَياهب الطُرُقات، وقتها تعلم أن لا يوجد سبيل أخر للفوز غير القتال و السير فوق أجساد من يعترضوا طريقك. هي فعلت ذلك و هو قام بمساندتها و مضوا قُدُمًا لتحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحا...