" المنزل المهجور "

32 4 6
                                    

مكان مظلم مليء بشباك العناكب، صرير الفئران ينسج ألحان كابوسية على أوتار أعصابهم مع طنين الباعوض في آذانهم ليشكل صورة سمعية لا ترى فيها سوى الظلام حتى يضيء أيمن فلاش هاتفه ويشتم غبائه، سار جواره سامي الذي فتح فلاش هاتفه هو الآخر وظل يتفحص المكان الغابر ويعطس عندما تعلق في أنفه ذرات الغبار، بينما حرص أيمن على تكميم أنفه وفمه بمنديل قماشي منذ البداية، كانت جدران المنزل منقوشة برموز غريبة وملطخة بالدماء الجافة التي بدت لهم كأنها طقوس ساحر يقدم قربان لمجموعته الشيطانية، فبدأ تصديقهم للإشاعة يزداد مع كل خطوة يقدمون عليها وخاصة بعد إشتمام رائحة قذرة ومقززة كاد سامي يتقيأ بسببها فأغلق أنفه وتراجع عن تلك الغرفة التي تجنب فتحها أو الإقتراب منها، كان أيمن قد وجد صندوق حديدي كبير صديء مستطيل الشكل، حدثه فضوله بفتحه وما إن أمسك جانبيه وقبل فتحه أتاه سامي ينصحه بالخروج من هنا فقد بدأ يشعر بالغرابة وكأن أحدًا يراقبه وأن الأمر أكثر خطورة مما تصوره، نظر إليه أيمن بملل وكأنه قتل متعته، نظر سامي إلى الصندوق وسأله عن محتواه، أجابه أيمن بأنه لم يفتحه ومد يده يريد فتحه إلا أن سامي إعترضه وأمسك ذراعه يخبره بأن الأمر خطير وعليهما المغادرة حالاً، ضحك أيمن بخفوت وسأله إن كان قد جبن الآن وأين الحماس والشجاعة التي كانت تفيض منه قبل دخولهما، امتعض وجه سامي قليلاً إلا أنه أصر على الذهاب ولو أضطر لاستخدام القوة، فشعوره بالغرابة يزداد بعد كل ثانية والأخرى، حتى أنه سمع أصواتًا وهمهمات غريبة بدا له أنه الوحيد الذي يسمعها، بينما يتصارعان سامي بالذهاب وأيمن بالبقاء. أُغلق باب الغرفة بقوة بعد أن أصدر صريرًا مزعجًا، أوقف سريان الدم لعقليهما للحظة، حتى ركضا يحاولان فتحه فأبى أن يفتح. حينها نظر سامي إلى أيمن بحدة يعاتبه على عناده، هز أيمن كتفيه بغير اكتراث يخبره أن عليهما كسره فقط. نظرا إلى الغرفة وكان لا يوجد بها شيء غير الصندوق، فكر أيمن إن كان سيعثر فيه على شيء يساعدهما في كسره إلا أن سامي أعترضه مرة أخرى وكان مصراً على عدم فتح الصندوق وأن حدسه الأواتاكي يخبره بأن ما يخمد داخله ليس سوى الشر الذي سيصيبهما، سخر أيمن منه رغم إقتناعه بكلامه وأقترح أن يكسر الباب بقبضتهما فقد بدا مهتريء للغاية، سددا وابلاً من الركلات إلا أن هذا لم يحدث سوى صوت صدى تردد في المكان، حتى أنهكت قواهما وجلسا على الأرض ينظر كلاً منهما إلى الآخر وجبينهما يلمع عرقاً تحت الضوء الذي تسرب من شقوق السقف لتزيل جزءً من العتمة، فتنهد أيمن وتوجه إلى الصندوق يريد فتحه فتفاجأ من سامي يلكمه ليقع على الأرض ويتصاعد الغبار فيعطس سامي عطساً متتالياً حتى يرد له أيمن اللكمة فيقع هو الآخر على الأرض، نظرا لبعضهما بحدة وكأن معركة على وشك الوقوع، في كسر من الثانية ركض سامي إلى الصندوق وجلس عليه يقسم أنه لن يسمح له بفتحه إلا على جثته، نظر إليه أيمن مطولاً يستغرب إصراره.. تنهد وأخبره أنه سيتصل بأحدهم طلباً للمساعدة وصار يعبث بهاتفه، أخبره سامي أن يتصل بلؤي فنديم سيكون مشغولاً وهذه المنطقة قريبة من مسكن لؤي وأنه سيصل في عشر دقائق إذا أسرع، نظر إلى أيمن فإذ يجده مدهوشاً وقد تجمد مكانه، إبتسم أيمن بمرارة وقال:
- يبدو بأننا سنعلق هنا أبد الدهر.. فلا إشارة في هذا المكان..!

رحلة أحد عشر خريفاً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن