(٢) لتطِيب نفسي

577 55 38
                                    

-والله عريس لُقطه أنا مستخسراه... لعلمك لو موافقتيش عليه، هجيبله عروسه بنفسي... يا بنتي دا دكتور!!

-يادي دكتور!
قلتها لخالتي بنفاذ صبر، فقد بتُ أنزعج من تكرار تلك الكلمة، تنهدتُ بعمق وسلطت بصري على خالتي التي لازالت تُطالع أثر حاتم والإعجاب يُطل من نظراتها، ثم حدجتني بنظراتٍ ساخطة، فأردتُ أن أقلبُ دفة الحوار لصالحي، قلت:
-إنتِ متفقه معاه صح؟!

-آآ... أكيد لأ! هو أنا هتفق معاه على ايه! وليه!
قالتها خالتي بنبرة مرتعشة فضـ ـحت سريرتها، ابتسمت وقلت ساخرة:
-واضح! ما هي مش معقوله تكون صدفه برده! وبعدين هو جاي الملاهي ليه ومش معاه أي أطفال؟ جاي يركب المرجيحه مثلًا! واضح جدًا إنها مؤامرة عليا!

ازدردت خالتي لعابها، وتذبذبت نظراتها وارتعشت نبرتها وهي تقول:
-آآ... أنا رايحه لعمك أشرف عشان العيال...
قالتها خالتي وهي تشير نحو زوجها الذي يلعب مع أبناءه الثلاث، فقبضت على ذراعها برفق، وقلت بعدما أطلقت ضحكة ساخرة:
-أحب أبشرك... باءت خطتكم بفشلٍ ذريع.
-ذريع!!
قالتها خالتي ورشقتتي بنظرة إحباط ثم هزت رأسها باستهانة وزمت شفتيها وهي ترنو نحو أسرتها وتغمغم، بالطبع تمدحني فأنا خفيفة الظل طيبة القلب ولدي أنف أنيق!

وقفتُ أُطالع مكان حاتم الفارغ وأتذكر كلامه ونظراته، وتصميمه العجيب! تنهدت بعمق ثم زحفت بنظراتي نحو خالتي كي لا تتوه منى مجددًا، عفوًا كي لا أتوه أنا!

ارتبكت عندما لمط أجدهم بمكانهم، التفتت يمنة ويسرة في اضطراب حتى وجدتهم خلفي يلتفون حول إحدى الطاولات، فتنهدت بارتياح، وأقبلت نحوهم وأنا أُحذر نفسي ألا أغفل أو أشرد مرة أخرى فهل سينتبهون لصغارهم أم لي!

جلستُ معهم، كان زوج خالتي يرمقني بنظرة لم أفهم كُنهها إلا حين قال:
-حتى يرفض دكتور زي القمر كده!

أشرتُ إلى نفسي وقلت:
-أنا، أنا برفض عادي، يا عمو أشرف أنا فارس أحلامي لازم يكون...

-حداد أو نجار أو سباك.
قالتها خالتي بتهكم وهي تشيح بصرها عني، فحركت عنقي بالنفي وقلت بجدية:
-لأ، فارس أحلامي لازم يكون حافظ القرآن... هل دكتور حاتم حافظ القرآن؟

علقت خالتي بانفعال:
-وهو يعني إنتِ اللي حافظه! دا إنتِ فاشلة.

أطرق عمي أشرف للحظات وهو يبتسم ويفكر، ثم قال:
-نسأله يمكن يطلع حافظ! ولو مش حافظ نحفظه.

ران علينا الصمت لبرهة وقطعته أنا بقولي:
-طيب يرضيك يا عمو أشرف خالتو تتفق معاه و...

قاطعني بضحك:
-لا أنا متأكد إن خالتك متفقتش معاه.
-وليه بقا متأكد؟

قال بابتسامة وزهو:
-عشان أنا اللي اتفقت معاه، أصله صعب عليا... فقلت أوفق راسين في الحلال.

تلجم لساني، وأنا أردد في نفسي، حتى أنت أيها العم أشرف، بينما كانت خالتي تتابع حوارنا وتضحك، وأنا أقول في سريرة نفسي ما هذه العائلة!

بقلم آيه شاكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن