(١٢)لتطيب نفسي

629 58 24
                                    

(١٢)
#لتطيب_نفسي ( #روحي_تعاني٤ )
-لو معملتيش اللي بقولك عليه والله يا إيمان لأكون ضـ ـرباكِ ومش بس كده... هكون غضبانه عليكِ ليوم الدين.
قالتها أمي بانفعال، فاضطررت أن أوافق على مضض، ارتديت إسدال للصلاة ونقابي وأخفيت عيني كي أراه ولا يراني...

قطفت النعناع وأسقطته بالوعاء وانتظرت ليظهر حاتم بشرفته وقلبي يخفق بشدة، وما أن سمعت باب الشرفة يُفتح تواثبت دقات قلبي أكثر حتى ظهر، رمقني بنظرة جامدة وخاطفة ثم أخذ النعناع مرددًا باقتضاب أزعجني:
-شكرًا.

-عفوًا.
قلتها بنفس نبرته، وانتظرته أن يرفع رأسه ثانية لينظر لي أو يتحدث بشيء لكنه دخل مسرعًا فوقفت لبرهة أستوعب أنه تجاهلني ولم يحيني ولو بابتسامة! فسحبت الوعاء وأنا أغمغم بغيظ إنه قليل ذوق!

-ها قالك ايه؟
اجفلت حين التفتت فرأيت أمي خلفي تقول هكذا، وضعت يدي على قلبي وقلت:
-ايه يا ماما فزعتيني والله.
-اخلصي قولتوا ايه؟
-ولا حاجه يا ماما، شكرًا عفوًا.

قلتها ودلفت للغرفة ومن خلفي أمي وصيحاتها وتأنيبها لي على رفضي لعريس مثل حاتم، فدخلت المرحاض وصفعت بابه خلفي، عله يصد سهام كلماتها تلك! وغسلت وجهي وأنا أسمع صوتها الهادر:
-منك لله يا إيمان! حد يرفض عريس زي ده! دكتور ملو هدومه، يا خساره... اه يا حسرة قلبي على شاب زي القمر راجل ولا كل الرجاله...

وكلمات أخرى لم أسمعها بعدما شردت وأنا أُطالع وجهي بالمرآة وملامحي الباهتة وخاصةً أنفي وأضغط عليه عدة مرات عله يصغر قليلًا كي لا أُعير به!

كتمت عبراتي، وبدلت تشنج فمي بابتسامة واسعة متصنعة ثم ضحكت بخفوت...
يُقال تصنع الضحك ليقتنع عقلك أنك سعيد، لم أنتبه لصخب ضحكاتي إلا حين قالت والدتي بسخرية:
-بتضحكي على إيه في الحمام يا باردة؟ عندك شيطان بيقول نكت ولا إيه؟ يا حسرة قلبي على بنتي بـ ـايره وملبوسه ومجنـ ـونه.

تجهمت وصمتت هنيهة وكلمات والدتي تتردد في أذني وكدت أبكي لكنني نظرت لأرجاء المرحاض حولي، وأخذت أتخيل أنه ربما هناك شيطان يقف خلفي الآن وأنا لا أراه! أو ينظر إلي من أعلى أو ربما يقف أمامي، وفي تلك اللحظة سقطت فرشة أسنان من مكانها فأجفلت وخرجت مسرعة وأنا أصرخ، وأصيح:
-الحمام ده فيه حاجه والله...

رشقتني والدتي بنظرة ثاقبة، وتأففت بضجر وهي تقول:
-عوض عليا عوض الصابرين يارب.
-يارب يا ماما يارب.
قلتها ودخلت غرفتي لأُكمل تمارين الضحك، ضحكات مصطنعه تبعها ضحكات أخرى لم أتصنعها، قطعها قول أمي بنبرة مرتفعة:
-ضحكيني معاكي يا ست الحُسن والمناخير...
ضحكت على كلمات أمي الساخرة، وقلت من خلف ضحكاتي:
-يا ماما دا تمارين، جربي كده تضحكي هتلاقي نفسك بتضحكي بجد.

أطل أيمن برأسه من باب الغرفة وقال:
-الأستاذ قالنا في المدرسة إن كثرة الضحك تُميت القلب.
تجهمت فجأة وقلت:
-كثرة الضحك تميت القلب!! ازاي يعني؟
رفع كتفيه لأعلى وهو يقول:
-مش فاكر بقا! اسألي الشيخ جوجل هيقولك.

بقلم آيه شاكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن