(٦) لتطيب نفسي

624 56 17
                                    

#روحي_تعاني٤
#لتطيب_نفسي
«لن يرى بشر إرهاق روحك المنهكة، ولن يسمع أحد أنين قلبك، لكن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ففر من الناس إلى الله.»
بقلم آيه شاكر
🌸🌸🌸🌸🌸🌸
(٦)

-إنتِ هتقفي كده كتير يا بنتي خدي الصنيه من إيدي!
-أنا مش هنزل يا ماما! واللي بتفكري فيه ده مش هيحصل انسي... مش هتجوزه.
-خدي الصنيه من إيدي يا إيمان ونزليها للراجل.
-مش هنزل يا ماما.
قلتها بعناد شديد، ونبرة أمي ونظراتها تتأرجع بين حدة وتراخي، حتى وضعت أمي صنية الطعام أعلى الطاولة بحنق، وجذبتني من ملابسي بغتة، فأجفلت، هدرت بي:
-ارحميني، أنا نفسي أعرف إنتِ عايزه إيه؟
-مش عايزه حاجه والله.
قلتها بخوف، فتركتني أمي بغتة كما جذبتني، ورفعت سبابتها بوجهي وهي تنطق محذرة:
-والله وبالله يا إيمان لو ما سمعتِ الكلام ونزلتِ الأكل ده لحاتم لهخلي أبوكي يجوزك ابن عمك ونخلص منك.

أعلم أن أبي لا يرفض لأمي طلب، كما أن ابن عمي يروق له كثيرًا وأنا ولا أتحمله ولا أحب أن أتنفس من الهواء الذي يتنفس هو منه! لذا حملت الصينية وقلت بقلة حيلة:
-ولا تزعلي يا ماما هنزل أفطر وأتغدى معاه لو ده يرضيكِ.

ابتسمت أمي، فرمقتها بريب، وأشرتُ لأخي الذي كان يسمع حوارنا بابتسامة مستفزة، ونزلنا لحاتم وأنا أنفخ بضجر وأتمتم بامتعاض شديد، بينما كانت أمي تلهج بالدعاء:
-ربنا يهديكِ يا بنتي ويجعله من حظك ونصيبك.

وأخي يردد ببهجة:
-آمين... آمين.

طرق أخي بابه بحمـ ـاس، وما أن أبصرنا حاتم ابتسم وصافح أخي، بينما كنت أقف بصمت ونظراتي الراكدة تشي بمدى رضائي عن مجيئ بالطعام، تنحنح حاتم وأخذ الصينيه من بين يدي وهو يقول:
-تاعبه نفسك ليه يا إيمان؟ أنا قولت لطنط إني مش هفطر دلوقتي.

صمتت، وحمدت الله أن النقاب يخفي تعبيرات وجهي النازقة، لكنه لم يخفي نظراتي الساخطة، والتي لاحظها، قال:
-كان نفسي أقولك اتفضلي لكن معلش بقا هـ...

وقبل أن يُكمل تبريره، قاطعته:
-إنت إنسان متربي عشر مرات... روح ربنا يباركلك.

قلتها وقطعت الدرج لأعلى بخطواتٍ واسعة وتركته يقف جوار أخي ينظران لبعضهما بدهشة، فرفع أخي كتفيه لأعلى وقال بابتسامة:
-أنا هفطر معاك.

دخلت للشقة ألهث، وصفعت الباب خلفي وبمجرد أن رأتني أمي قالت:
-يابت مفطرتيش معاه ليه؟

نزعت النقاب، وقلت بابتسامة ونبرة مبتهجة:
-موافقش يدخلني يا ماما.
-ومالك مبسوطه كدا ليه؟
-مش مبسوطه بس مش عارفه بوقي مبتسم ليه! بحاول أبين أد إيه أنا زعلانه ومتأثره لكن بوقي مش مديني فرصه.

قلتها بابتسامة عريضة وأنا أشير على فمي، ولم تتلاشى ابتسامتي إلا بعدما قذفتني أمي بالوسادة فالتصقت بوجهي...

بقلم آيه شاكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن