٢-صدمة.

119 13 22
                                    

ج•

" يبدو بأن السُم إختارها إذن، ولكني لن أدفع لعلاج سيليا ولا دولاراً واحداً، دعوها تتجرع ألماً لحين موتها وليكن الربُ بعونها. "

وتصنمت، نظرتُ لها وهدأتُ ليهدأ الجميع، وكسى قلبي شحوبٌ مرعب، أرمق أمها محاولاً إستيعابَ كلماتها، ثم نظرتُ لأختها التي تتكئ برأسها على يداها وتبكي بحرقةٍ، حبيبها الذي لازال ينظر لها وبصدمته لإصابتها، وعيناي التي تنظر لسيليا التي ترمقني بنظراتٍ بأكثر نظراتٍ منكسرةٍ، مرهقةٍ، وخذولةٍ، نظراتٌ آلمتني بشدةٍ لأعلمَ أني حقاً أفسدتُ الأمر بأكمله!.

وقعت سوداوتاي على جيمين الذي يبكي ثم مسح دموعه بخشونةٍ فجأة، ناظراً إلي بغضبٍ عميقٍ، ولكنه إلتفتَ ووجه إهتمامه لوالدة سيليا وقال بفحيحٍ غاضباً مهسهساً بحدةٍ  " سيدة كيم يبدو أنكِ لا تستوعبين الأمر، ولكن إبنتكِ مصابة بسرطان المعدة في حالةٍ متقدمة! هي على مشارف الموت إن لم نعالجها! وأنتِي تقولين هاته الأحاديث البائسة!!. "

ولازالت عيناي لم تفارق تلكَ المنكسرة والتي تناظرني بنظراتٍ موبخة، أستمع لشجار الطبيب بارك والسيدة كيم، أستمع لشجار أختها والجميع كيف يغلون ويجعلون الأجواء جد خانقةٍ أكثر مما هي عليه، يتشاجرون رهبةً من المال والمرض وما آل بهم الحال إليه، ولكن قلبي ينغزني ويقرصني بسبب نظرات سيليا لعيناي التي تبوح لي صارخةً بكم أني أخطأت القول وأسأتُ الأمور، وأقسم أني لو علمت أنها ستؤول هكذا لما تفوهت بحرفٍ، ولكني ظننت أن أمها ستخاف عليها وتجبرها على العلاج، لا أن تتركها للموت!!.

وجذب ناظري جيمين الذي صرخ بجنون صوته  "سيدة كيم!!." وهاهي إقتربت مني ومن الطبيب بارك حيث نقف بجانب بعض، ونظرت لأعيننا بمقلتيها الدامعة، وتنهدت قائلةً بصوتٍ مرتعشٍ وبكلماتٍ مسمومةٍ " لا أحد ينجو من السُم ولا يوجد ترياقٌ، وهي لن تنجو مثلما لم ينجو الذين قبلها، لن أفني حياتي بأكملها أتأمل شفاء إبنتي وهي ستقبل قبرها في أية ثانية، وعندها سينكسر قلبي ويصبح فتاتاً بموتها، فأنا ذقتُ هذا الشعور قبلاً، لا أريد أن أذوقه مرةً أخرى، وليكن الرب في عون سيليا." وذهبت!! ذهبت مغادرة!!!.

شاهدتها تغادر الغرفة بلا تصديقٍ، ونظرتُ لأختها التي تعانقها وتبكي بشدةٍ ونحيبها مسموعٌ، وجيمين الذي ذهب خلف السيدة كيم صارخاً بقهرٍ تاركاً الباب مفتوحاً خلفه، وأعدتها إلى تلكَ الصامتة والتي جف حلقها وهي تناظرني، الدموع تنساب على طول وجنتيها بصمتٍ وشقيقتها تعانق رقبتها وتضمها لصدرها المهتز باكيةً، وتبادلنا النظرات العميقة وقلبي يهتز بداخل صدري، أنظر إليها وأعلم حقاً أنه ما كان يجب علي الحديث، بل هاهي همست لي بأكثر نبرةٍ منكسرةٍ ورجفتها المتعبة  " وهل إرتحتَ الآن بعدما أذقتني مُرّ الجواب الذي لاطالما كنتُ أتجنب سماعه هاربةً من والدتي! أم أنكَ لا تزال تريد كسري فوق كسري!!. "

تِـرياق•JKWhere stories live. Discover now