كأنه يتسلّل عبر فجوةٍ رفيعةٍ للغاية، استعاد الصوت المسحوق بشكلٍ كارثيٍّ شكله تدريجيًا. كلّما تحدّثتُ، شعرتُ أن حلقي، الذي كان مُغلَقًا بشكلٍ رهيب، انفتح تدريجيًا.
استدار إسكاليون الذي كان ينظر إلى بيلادونا، التي تحوّل وجهها إلى اللون الأحمر وكانت تكافح، بسرعةٍ واقترب من الطاولة. بلمسةٍ غير صبورة، التقط الزجاجة على الطاولة وسكب الماء في كوبٍ فارغ، وعاد إليها بسرعةٍ وسلّمها إياه.
"توقّفي عن الكلام الآن واشربي هذا."
"....."
عندما حصلت على كوبٍ منه وشربت الماء الفاتر، شعرت أن حلقها، الذي كان مسدودًا كما لو كان ملتصقًا بغراءٍ ما، أصبح أكثر راحةً قليلاً.
نظر إسكاليون إلى بيلادونا بتنهيدة ارتياح عندما أكّد أنها تتنفّس بشكلٍ أفضل من ذي قبل.
في تلك اللحظة، اجتاح بيلادونا حدسٌ قويٌّ بأن هذه ربما تكون الفرصة الأخيرة.
دون تأخير، رفعت رأسها ونظرت مباشرةً إلى إسكاليون وفتحت فمها.
"لفترةٍ من الوقت ... صـ صحيحٌ أن صوتي لم يعد يخرج. لا أعرف متى سيخرج، ومتى سأفقده مرّةً أخرى."
لقد أصبح التحدّث أسهل كثيرًا من ذي قبل، لكنه لم يعد تمامًا إلى حالته القديمة.
تلعثمت بيلادونا بصوتٍ متحشرجٍ وضعيفٍ لا يزال خشنًا نوعًا ما.
"عن ماذا تتحدّثين؟"
"إذا استمرّ هذا، غدًا، آغه، آه ... قد، قد أفقد صوتي مرّةً أخرى."
"توقّفي."
رفع إسكاليون يده لتغطية عينيه.
"يبدو من الصعب عليكِ التحدّث. لستِ مضطرّةً لإخباري، لذا لا تبالغي. بِتُّ أعلم أنه لم يكن متعمَّدًا أنكِ لم تقولي لي أيّ شيءٍ في الفترة الماضية لكن ...."
"لا أريد، لا أريد أن أذهب ... لا أريد ...."
عند كلمات بيلادونا، توقّف إسكاليون عن الحديث.
وقف صامتًا لبعض الوقت، وكأنه قد تصلّب كما كان، وسحب يده التي كانت تغطّي عينيه. اتّجهت عينيه ذهبيتين العميقتين اللتين كانتا مختبئتين خلف يده نحوها.
بدا وجه إسكاليون، الذي أطلق تنهيدةً صغيرة، غير قادرٍ حتى على معرفة ما يقوله، بدا ان إجابته جاهزةً بالفعل لكنه لم يحمل نفسه حتى على قولها.
كانت بيلادونا قلقةً من عدم إجابته، ففتحت فمها مرّةً أخرى.
" من جـ جريبلاتا ... لا، لا أريد الرحيل ...."
"لقد افتقدتِ أستانيا لفترةٍ طويلة. ما الهدف من قولكِ ذلك الآن؟"
لم أفتقد أستانيا أبدًا.
أنت تقرأ
بيــلادونــا وإسكــاليــون
عاطفية- بترجمتي - الوصف بأول فصل - يمنع نسخ الفصول ونشرها في أي موقع آخر حتى بوجود حقوقي بدأت: 21/9/2023