Part 2

111 5 6
                                    

قبل أنيحل منتصف الليل شعرت بالضجر، أخذت هاتفي وخرجت لأتمشى حول البيت، أردت أن أتنفس هواء نقي فأنا أحب شعور دخول الهواء النقي إلى صدري، تحدثت مع صديقتي عبر الهاتف قاصدة التسلية والهرب من كوابيس الملل، تبادلنا الضحكات والمواضيع المعروفة بين الصديقات.
نتبادل عادة مواضيع تخص الأزياء و عالم الموضة الحديث، هذا ما يلفت انتباهنا ويبهرنا في سننا الصغيرة.
و عادة أيضا، كيف بوسعي أن أقول، أنني حينما أتحدث مع صديقتي، تزيد ذنوبي، من كثرة النميمة التي نسردها معا ااا وهي عن فتيات صفنا و من هم حولنا، نعم أن هذا سلوك لابد له أن يكون حقا سلوك سيء، لكن صديقتي لاتغير عادتها تلك، لكنني أعها بأن أوصلها للصواب والحكمة يوما ما.
"رغد صغيرتي أين أنت ؟" نادتني أمي
"مرح سأغادر الآن سأحادثك لاحقا ، أمي تريدني"
"حسنا، أراك غدا في المدرسة"
دخلت المنزل "نعم أمي ماذا تريدين ؟"
قالت " الا ترين هذا الطقس البارد جدا! لا تخرجي في هذا الطقس ثانية "
"حسنا لن أفعلها مجددا "
"جيد، أغلقي النافذة عزيزتي أريد أن اشعل المدفأة "
"لك ما تريدين" ذهبت لأغلاق النافذة.
ولن تحزروا ما رأيت !
لقد رايت تلك الفتاة التي كانت تجلس مع اخاها والرياح تعصف بهما قبل قليل، كانا يجلسان تحت شجرة في فناء منزلنا، أخذت تنظر إلي بأعينها البنية ووجهها السمراوي المحبب ، كانت أشبه بقطعة شوكولاته لذيذة ، كانت أمي في تلك اللحظة لاتزال تتحدث معي عن هذا الطقس المثلج، لكن من صدمة ما رأيت لم اسمع أي شيء أو بالأجدر علي قول أنني صعقت من هذا وحبست أنفاسي فتوقف عقلي عن العمل ! انتظرت مدة وانا انظر اليها، ثم أغلقت النافذة بسرعة وقلت لوالدتي "أمي، سأذهب للمطبخ لأعد شيئا آكله"
ثم خرجت للفناء واخذت معي بطانية وأكواب الشاي الساخن، وبعض من قطع الحلوى والبسكويت التي جلبتها من المطبخ دون أن تع أمي.
سألتها "ما اسمك يا جميلة؟" قالت "حرية" تعجبت من هذا الاسم ، حقا له ذكرى خاصة ومميزة في قلبي أنا ،تذكرت صديقتي التي تمتلك نفس الاسم والتي ماتت بسب الحرب الاخيرة.
تذكرت كيف قتلت عآئلتها وهي تنظر اليهم مقيدة اليدين غير قادرة على فعل شيء ، وبعد فترة وجيزة ماتت هي من اصابتها والمها. لقد كانت تتمنى ان تذهب لمكان لا احد يجدها فيه، كانت تتمنى أن تعيش كفتاة ككل الفتيات ! شعرت بالضيق كثيرا، وتمنت الحرية والعدالة أكثر.
تحدثت معي لآخر مرة بضيق جدا وأخبرتني "لا تكوني مثلي ، ابحثي عن الحرية لذاتك ! ولا تكوني يوما ممن يفعل شيء رغما عنه ، افعلي ما يحلو لكي ، لان كل فتاة خلقت لتكوني سعيدة" يآآه كم اشتقت لها !
على كل حال، ما بالي أشرد كثيرا هذا اليوم! في هذه الحظة قلت للفتاة "اسمك جميل" ، شعرت بإنني شردت في مخيلتي أكثر من اللازم ،  وسألت بفضول" ما الذي يحدث معكم" ، قال اخاها "نحن أتينا من بلاد لا نعرفها ، لطالما سمعت اننا جئنا بسبب الحرب الى هذه البلاد ، لكننا لا نسكن الآن بأي مكان، لم نجد مأوى مناسبا لنا، و كلما طرقنا أبواب الناس، لم يجبنا أحد ولم يسمعنا أحد، لكننا لانريد أن نخذل أكثر ، نريد أن ننشئ أنا وأختى سكنا خاص بنا، ولكننا لانريد شفقة الناس المزيفة تلك " وهنا وفي هذه اللحظة لم أرى إلا بريق عيني الفتاة التي تلملت فيه الدموع إلى أن غادرت تلك العين ومنها ذهبت للخدين وهاهي تسقط على الأرض!

"امي حبيبتي ماذا تفعلين"
"لاشيء "
"حسنا هل يمكنني التحدث معك ؟"
"ولم لا ؟"
"أمي تعلمين اننا نعيش بالبيت ثلاثة فقط ! أنا وأنت وأبي."
"نعم"
" تعلمين أنني لطالما تمنيت أن يكون عندي أخوة"
"هذا هو القدر يا ابنتي "
قلت راجية "سأبدأ بالموضوع بدون مقدمات ، أمي هل يمكنكي ان تتبني طفلة مع اخاها من اجلي ؟ ، أرجوكي أنا اعلمهم جيدا وهم كانوا ضحية الفقر والحرب ، لا تزيد اعمارهم عن العاشرة "
حملقت بعيناها بنظرات غاضبة. "نعم ؟ هذا مستحيل يا رغد ! "

"ولكن لم لا ! اجوكي أمي ! إن لم نساعد نحن بعضنا فمن سيساعد ؟"
"نحن لا ينقصنا فردا آخر للعائلة هذه يا رغد ! ، ونحن لانريد أن نزيد للطين بلل ، إياكي أن تقولي هذا ثانية ! أفهمتي! " 
ونظرت لي نظرة أخرى أشبعتني خوفا، و كادت أن تميتني حية
"بكيت بكاء شديدا ولم أجد رفيقا تلك الليلة سوى النوم ".

على حافة الحلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن