Part 31

9 1 0
                                    

مرت بنا الدقائق سريعا، و أنا لم أع كم قضينا من الوقت في السيارة، كنت غارقة في سماء مخيلتي، أحلم، أتذكر، أفرح، حتى ترافقني دمعة خوف، مشاعري مبعثرة، أكاد لا أصدق الحياة التي أعيش بها، كيف تتغير الظروف فجأة هكذا! حتى أحاسيسنا و مزاجنا،و عواطفنا أيضا، تتغير باستمرار بلا وعي. الأقدار تتلاعب بنا و تنقلنا من حال لآخر، لكنني على يقين بأننا سنفرح و نسعد و ننسى همومنا يوما لنحظى بأفراح كبيرة في أيامنا القادمة، لأننا نحن بيد الله، و الله -تعالى- سيرزقنا ما يسعدنا و ما يرضيه ثم يرضينا به. أنا على يقين من هذا!
كان الطريق غير مبهوم لدي، هذا طريق البيت!
وصلنا، ثم همت ريم مسرعة بالخروج من السيارة، و هي تتحدث بصوت عال و بارتباك "اخرجي حالا، ليس لدينا مايكفي من الوقت، لا نملك سوى ساعة واحدة لنجمع أشلاء حاجياننا و بضع ممتلكاننا الضرورية"
خرجت، وحملقت بعينيها بفزع "لماذا!" حتى صدمتني بكلمتها "للسفر"
ثم اسرعت وفتحت باب البيت وهي تمسك بيدي و تقول " قلت لك سأخبرك بكل شيء لاحقا، لكن لا تتعجلي الامور الآن! التأخير ليس من صالحنا بتاتا،احملي حاجياتك في حقيبتك هذه"
وهمت بإنزال حقيبتي الكبيرة الموضوعة أعلى خزانة ملابسي.
ذهبت مسرعة وجلبت كل مايخصني، وكل مايهمني، و كل ما لا استطيع العيش بدونه. فتحت الخزانة بهرولة و بدأت بتعبئة الحقيبة بملابس كثيرة،و أكوام من الأحذية، وأشياء كثيرة لن استطيع المكوث بدونها، أخذت ملابس كثيرة جدا، حتى أتفادى حادثة المكوث طويلا بهذا السفر المفاجئ.
ركدت الى مكتبي، وحملت عشرات الكتب التي لا استطيع العيش بدون أن اقرأ وأتلذذ من عنبرها كل يوم، فهي بمثابة الحس والأكسجن الروحي الي.
بعدها أحضرت كل الحاجيات الخاصة لي، و حملت مذكراتي والكاميرا و مشغل الموسيقى بحوذتي، وغيرها وغيرها من الأشياء الضرورية.
صرخت ريم "حرية! ماذا يحصل معك، تعجلي أرجوك"
ذهبت مسرعة للصالة و حملت حقيبة يدي الصغيرة، و حملت ريم حقيبتي الكبيرة وأخذتها للسيارة، وبعدها عادت وحملت حقيبتها ومن ثم أيضا وضعتها بالسيارة بالمقعد الخلفي بسرعة كبيرة جدا.
كنت أرى حقيبة ثالثة في المقعد الخلفي، سألتها"لمن تلك الحقيبة الإضافية؟" فأجابت "لعمر"

ركبنا السيارة وانطلقنا، للمكان الذي على ما أظن أنه المطار.
وصلنا، وركدنا بسرعة، ودخلنا.
أتى رجل لريم و تحدث معها، كان لابد أنه يعرفها، كانت ريم تحدثه بشأن بيتنا وسيارتها، بعدها أعطته مفتاحي البيت والسيارة، و من جانبه أيضا، أعطاها تذاكر السفر، و أخبرها عن مكان انتظار الطائرة، و أخذ حقائبنا ليأخذها و يضعها بمكان فحص وادخال الحقائب، وذهب.

ونحن نبحث عن القاعة رقم ستة عشر، قالت ريم "ستنطلق الطائرة بعد ريع ساعة من الآن" و أضافت "حمدا لله أننا استطعنا اللحاق بالوقت"
بدت علي علامات التعجب و عدم الاستيعاب قليلا، وقلت مع زفير أنفاسي "نعم، حمدا لله"

حتى وجدنا القاعة المطلوبة، وجلسنا على مقاعد الإنتظار كالبقية، ننتظر سماع الجملة التي لطالما نسمعها في الأفلام "على المسافرين التوجه لبوابة الطائرة الآن"
حتى أنني لم أكد أنهي سرد تفكيري، إلا أنني سمعت الصوت عن حقيقة هذه المرة "على المسافرين لكوريا الجنوبية التوجه لبوابة الطائرة حالا"
حتى أنني صعقت!  وتجمدت أطرافي "كوريا! هل نحن ذاهبين لكوريا! هل حقا ما تقولين!"
قالت ريم "نعم، و هيا بنا الآن لنصعد متن الطائرة"
دخلنا الطائرة، و سرنا بالمررات الطويلة نبحث عن مقاعدنا، أنا أحمل مقعد رقم خمسة و عشرون، و ريم تحمل رقم ثمان وعشرون.
للأسف، مقاعدنا متباعدة، وهذا يعني أن ريم لن تكون بجانبي في الطيارة.
خشيت على نفسي من الغرباء، بأنني سأمكث ساعات طويلة بجانب أشخاص لا أعرفهم، من الممكن أن يكون الجالس بقربي لطيف، و شخص طيب يحدثني، ويسليني و يبدد عني الضيق قليلا، ومن الممكن أيضا أن يكون شخصا متعجرفا فظا، يزيد ضيقي ضيقا! لا أعلم أيهما سيكون قدري.
وجدت مقعدي، أطلعتني ريم  على القليل من قواعد الطائرة، و أرتني مقعدها، ثم قالت بجدية "اسمعي حرية، أنا أجلس بالمقعد الذي خلف مقعدك، إن احنجتي أي شيء أخبريني! حسنا!"
أجبت "حسنا" و أردفت "حاولي ألا تختلطي كثيرا بالغرباء، وحاولي أن لا تتحدثي معهم، إلا إن كنت على ثقة بأن هذا الغريب هو شخص طيب، وشخض حسن، لكن حاولي أن تتحاشي الغرباء الذين تريهم سيئو المعاملة"
و أضافت "هذه الرحلة مدتها 10 ساعات لنصل لسيؤل العاصمة"
فقلت "حسنا"
وبعدها قبلتني على خدي و ذهبت لتجلس مكانها، و جلست أنا على مقعدي أيضا، ولحسن الحظ، مكاني قرب النافذة، حمدا لله، هذا أفضل!







على حافة الحلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن