Part 29

13 2 0
                                    

انا فرحة جدا لهذا.
أسطر كلماتي تلك على دفتري وانا جالسة بجانب ريم في سيارتها، تنتابني احاسيس جليلة، تتغير في الثانية عشرات المرات، بعضها مفرحة، لإنني في طريقي لرؤية اخي، ويعضها شوقا له، لكن لا اعلم لماذا ينتابني شعور سيئ، عدم الطمأنينة، وفقدان للراحة، وكأن شيئا سيئا يسصدمني ويغير حالتي السعيدة هذه ليبدلها بمرارة فقد وبكاء.
كتبت آخر جملة بقلب يدعو بامتنان وثقة بالله، "لعله خير يالله"
أوقظتني ريم من قيلولتي، "حرية، لقد وصلنا"
فقمت بهلع شديد، حتى تناثرت خيوط شعري بشكل عشوائي غير مرتب، وحملت الهدايا والطعام بكلتا يداي وخرجت من السيارة.
فخرجت ريم أيضا بعد أن وضعت سيارتها بجانب الشارع لتصفها بمحاذات السيارات الأخرى.
سارت أمامي، وأنا أتبعها بأقدام مرتبكة جدا، أخطو خطوة للأمام وخطوة للخلف.
حتى نظرت لي ريم ولخطواتي البطيئة التي تهتز رجفا، وحملق بي، فمسكت يدي وانطلقت بي مسرعة، "حرية، موعدنا عند الثالثة، ولا وقت لدينا لنرتبك، حسنا".
دخلنا المقر، ذهبنا للشرطية المنتصبة أمام مكتبها، التي بدت غاضبة، وممتقعة من الخارج بلون لباسها العسكري.
"مرحبا، نريد مقابلة المدعو عمر" نطقت ريم.
فردت الشرطية "وهل أخذتما موعدا لمقابلته ؟"
"نعم" أجابت ريم.
قالت "ما اسم كنيته، لأبحث عن موقعه في بيانات السجناء"
نظرت لي ريم، وقالت "ما هي كنيتك حرية؟"
امتقع وجهي، وتلون بألوان محرجة.
وكيف لي أن أعلم كنيته، أو كنيتي، كل ما اطلعني عليه عمر منذ عرفته، أننا أخوان وصلنا هنا بسبب الحرب، وافقترقنا عن ذوينا، أيما افتراق، ونحن لا نعلم شيئا عن كنيتنا، فكنا صغارا وقتما وقعت الحرب، وانتصب البعد يفرقنا عن والدنيا، ويزيدنا فوق البلاء بلاء.

لم أعلم ماذا أقول سوى "لا أعلم، لقد نسيت، مرت سنين طويلة على اعلامي به"
فردت الشرطية بمكر "تمزحين صحيح"
فبدأت أوصف لها شكله، بقامته، ونحافته، وتفاصيله.
حتى أخذتنا لسجن، وأخبرتنا بأن ننتظر قليلا، ونجلس على طاولة متخصصة لمقابلة السجناء.
فجلسنا، وريم تتبادل أطراف الكلام معي، لتحاول أن تقود لسانعا لسؤالي كيف لي أن لا أعرف اسم عائلتي.
لكنها تحاول كتم أعصابها لتجنب الوقوع في المشاكل.
حتى أتت بنا الشرطية بشخص طويل القامة وضخم البنية، يناهزه شارب طويل مكثف.
ونظت لنا "أهذا هو عمر الذي تتحدثين عنه؟"
نظرت لريم منبهرة، وصرخت "بالطبع لا"
وأردفت بغضب "هذا ليس عمر أخي، ولايشبهه في شيء حتى"
فنبهتني ريم لعصبيتي الزائدة، وقالت "حرية اهدئي بالتأكيد هنالك عمر آخر في هذا المكان، أسماء عمر تتكاثر مع زمننا هذا"
فردت الشرطية بخبث "لا، هذا عمر الوحيد هنا".











على حافة الحلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن