التفتت بسرعة لتنصدم بهوية القاصد اياها بالنداء و رمت بحقيبتها من يدها و جثت على ركبتيها وبعينين دامعتين لا زالت تراقب اقترابه من انظارها قالت :(لقد ماتت ...)!
لكنه لم يسمع ما الذي تقوله او تقصده حفيدته لان كبر السن قد لعب دوراً في انهاك حاسة السمع لديه
قال :( اووه ،لم اعلم انكِ ستبكين و تتحمسين للقائي هكذا ،يالحظي الجميل اليوم)
وهو يبطئ خطواته ويضع يده على خصره وبالاخرى يعدل قبعته ولا زال مبتسماً لكنه سرعان ما احس بوجود خطبٍ ما لان حفيدته لا زالت تبكي و طريقة بكائها ليس لاشتياقها له او مزاحاً ،بدأ يجزم بان خطباً ما قد حدث
اسرع تجاهها وقال :(ما بكِ لِم هذا البكاء ؟) و هو يفتح عينيه باقصى درجةٍ تصل اليها حدود عيونه بالتوسعاكملت الحفيدة الباكية :(جدتي ليست هنا يا جدي ... لا زلتُ لا اصدق ان جدتي ماتت !)
توقف الجد مكانه واحتضن قلبه بقبضة يده
حاول ان يكذب ما سمع وبنبرةٍ متسائلة قال :(ماذا ؟ من ؟هذا لا يمكن !)
اعتصر قلبه وعينيه وحاول الوصول لاحتضان حفيدته ولا زالت عيناه ترتجف والدمع يأبى ان يُذرف منها فلقد كان مصدوماً اكثر من كونه حزيناً لكن الشعوران كانا ينتشيان فيه ويكبران مع كل خطوة وكل ثانية تمرّ في يومه هذابدأت اصوات الانين تعلو من كلاهما وشهقات البكاء لم تكن اقل من الانين حدةً ،بقيا على هذه الحال حوالي الخمس دقائق يحاولان جاهدان كلاهما ان يعيا اين هما و ماذا يحدث
قال الجد لحفيدته :(هيا .. هيا انهضي ،لا تبكي في الشارع فالجو بارد هنا)حملها من تحت ذراعها بصعوبةٍ بالغة بالنسبة لكبر السن الذي يمر فيه ،اخذ من يدها المفتاح بصعوبة و قام بفتح الباب ثم توجه حاملاً اياها الى الاريكة المفضلة لها في غرفة الاستقبال و طلب منها الجلوس وهو يمد لها كأساً من الماء و يطلب منها الهدوء لتبادل الحديث معها بأمرٍ يخص جدتها
جلس بكرسيٍ اخر ليس بالبعيد عن حفيدته وهو لا زال يحاول ارجاع وعيه الى طبيعته و تلاعب اصابعه قبعته وهو في خضم سرحانٍ بعيدٍ كل البعد عن المنزل الذي هو فيه
قاطعت سرحانه حفيدته وهي مستلقية بصوتٍ باكٍ تقول :(جدي ؟لم كنت تتحدث معها ولم تفكر بزيارتها ؟)عض الجد شفتيه بحسرةٍ كأنها سيخبرها بجوابٍ مطولٍ على سؤالها وبدأ حديثه :(كانت جدتكي تحبني حقاً وانا احببتها ايضاً وانا لا اكذب بأي شيءٍ بمشاعري لكني احببت زوجتي الحالية ايضاً ،هي ... هي بعدما عرفت بحبي لزوجتي بدأت تعاند وتكرهني ومرّت كل هذه السنين وهي ترفض حتى ان تسمعني ترفض ان تراني رغم محاولاتي التي ليست بالقليلة لفرصة ،فرصةٍ اخرى منها
أنت تقرأ
الهـــاوية
غموض / إثارةحالمةٌ ولّت احلامها شطر السماءِ ساهرةٌ تفتشُ عن مفرداتٍ تحتضنُ بؤسَ مشاعرها في الخفاءِ تعلم انها أفاقت لواقعٍ أشعرها بالمرضِ أسمتهُ الكبرياءِ لم تحزن لما اصابها ولا تتمنى الشفاءْ راضيةٌ بما اعطاها اللهُ فهو لا يعطي الا خير العطاءْ هل هذا درسٌ قاتل أ...