لم تنبس شفتا خطيبي عن كلمة إطراء واحدة تلك الليلة!
مضت الساعات و هو يتحدّث أحاديث لا يهمّني سماعها في وقت أنا بحاجة فيه لسماع بعض المديح !
(بالأصح : الغزل )
و لمّا فقدت الأمل في الحصول على ما أريد تلقائيا منه، قررت أن (استخرج) الكلمة منه ( غصب ! )انتهزت فرصة صمت هو فيها( لأنه مسترسل في الكلام مثل الراديو!)
و قلت ( بشوية دلال )" يا ترى ... ما هو رأيك بي ؟ أو انطباعك عنّي حتى اليوم ؟ "
و فتحت أذني ّ ( على مصارعيها ، إلا على فكرة، وش يعني مصراع ؟ أصلا ما لها دخل بالإذن ! هي شي خاص بالباب بس أنا استعرتها الحين !المفرد = مصراع، و الجمع = مصاريع ! لا حول ! مو كأنها كلمة هبلة شوي ؟؟ )
فتحت أذني على ( مصاريعها ) و اصغيت باهتمام شديد جدا ...
يهمني كثيرا أن أعرف رأي خطيبي بي ! لا لن أقول رأيا، بل لأقل: انطباعا...
و لابد ، و بالتأكيد ... هو أيضا يتساءل في أعماقه : ما هو رأي لمى بي !خطيبي قال :
" مع مرور الوقت سنتعرّف على بعضنا أكثر.. و نعرف عن بعضنا كل شيء ! "
( أدري ! ما يحتاج تقول لي ، بس لو سمحت عطني انطباعك الأول ! الشي الوحيد اللي تقدر تحكم عليه الآن هو مظهري ! يالله قوووول ، قمر و إلا مو قمر ؟؟ )
قلت :
" بالتأكيد ! لكن ... لحد اليوم، ما هو انطباعك عني و كيف وجدتني ؟؟ "
(قمر ! مو صح ؟؟)
قال :
" بداية أنا لا تهمّني المظاهر و الجمال، و حين طلبت من والدتي اختيار عروس لي أكّدت عليها البحث عن صاحبة الأخلاق الطيبة .. "
( هذه مدحة ! يعني أنا صاحبة الأخلاق الطيبة ! حلوووو )
تابع قائلا :
" الأخلاق أولا ، ثم الجمال، يعني 80 % أخلاق، و 20 % جمال يكفي "
( وش قصدك يعني ؟؟ أنا جمالي بس 20 % ؟؟؟ )
أزعجتني هذه الجملة، لكنها لا شيء أمام الجملة التالية !
" الأخلاق هي من تصيّر المرء جميلا ، فكما يقول المثل : (القرد في عين أمه غزال !) "
( قرد !؟؟ تقول قرد ؟؟ إن شاء الله تقصدني أنا ؟؟ و الله إنك عديم الذوق و مالت عليك و على أمثالك و تشبيهاتك ... )
قال :
" أليس كذلك ؟؟ "
( و بعد تبيني أأكد كلامك ؟؟ أورّيك يا ولد أم مجد، و الله ما أعدّي هذه الإهانة عليك ... يا بليد يا عديم الذوق ! )
كان يجب عليه أن يختار ( أمثالا ) مناسبة ، تصلح للذكر في غرفة مغلقة تحوي خطيبين يريان بعضهما للمرة الثالثة فقط !
أنا لا أدري إن كان هذا المثل (القبيح) قد خرج من لسانه عفويا دون قصد، أم أنه يشير إلى شيء ما ...
لكنني لا أقبل مثل هذا التشبيه !
ما هي العلاقة بين :
( ما رأيك بي ؟ ) و ( القرد في عين أمه غزال ؟ )
أخبروني أنتم ؟؟؟
قلت بغضب :
" و الضب في عين زوجته حصان ! "
( وحدة بوحدة ، العين بالعين و البادي أظلم ! )
أي شخص يملك نصف عقل سينتبه لمعنى ما قلت ! لذا، صمت مجد و نظر إلي مطوّلا ثم قال معتذرا :
" أنا لم أقصد شيئا ... إنني فقط أضرب لك مثلا "
قلت بعناد :
" و أنا أيضا لم أقصد شيئا ! أضرب لك مثلا ! "
(بالذمّة ما لقيت غير ها المثل تقوله قدّامي في ها الوقت ؟؟ يا أخي انتبه لألفاظك ... إذا هذه من أوّلها أجل بكرة وش رح تقول لي ؟؟ )
لو توقفنا أطول عند هذه اللحظة، لأنحرف مسار علاقتنا الذي بالكاد انطلق ... مجد استدرك الموقف ، فابتسم و قال :
" إنها مجرد أمثال ! القصد ، هو أن الأخلاق الحميدة هي الأهم ، و هي التي تغطي عن أي عيب في المرء ، و الله يوفقنا و يبارك رباطنا معا "
استجبت أنا لتغطيته هذه ، و تجاهلت ( القرد ) ... ( تجاهل و ليس نسيان ! )
لكن... لا تزال الكلمة مغروسة في صدري كالدبّوس !
( دبّوس ، مو خنجر ! بس ما أقدر أنساها و رب الكون، هذا المثل هو أوّل مثل ينطق به خطيبي ، ردا على أول سؤال أسأله إياه : وش رايك فيني ! بالذمة مو شي يجرح و حتى لو من غير قصد ؟؟ )
و إن كتب لي العيش معه خمسين سنة قادمة ، فأنا لن أنسى ( القرد في عين أمه غزال ) و لسوف أجعله يدفع ثمنها حين يشيب !
>> إن كنت َ لا تعرف، فالفتاة المخطوبة هي وتر مشدود عن آخره ! أتفه كلمة تهزّه ، و أبسط لمسة تقطعه ! رفقا بالقوارير ! <<