للنفس البشرية متاهات ودهاليز لا نفقهُ عنها شيئاً.. داخل ظلام روحهم هناك طفل في زاوية ما ينتحب بصمت، ينتظر يد من المجهول تمتد لتنتشله، لتخلصه من تلك العتمة.. فلا تسحب يدك في الوقت الذي يجب ان تتشبث اكثر!.
#سارة_ح_ش#
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- رسالة من عاشق -
( ما اصعب امنيات ان تحققت تصيبنا بالتعاسة.. كأمنيتي بلقائكِ دون غيركِ.. كم ندمت على لهفة رؤيتكِ.. ولكن -ودعيني اكون صادقاً معكِ يا سيدة قلبي- اني تمنيت لحظتها لو انكِ لم توجدي.. لو انني لم اعرفكِ.. لو انني لم اربط شريط حذائكِ، لم ارتطم بكِ صدفة، لم اخض حديث معكِ.. في يومها حقاً تمنيت لو انكِ امرأة عابرة في حياتي، جارة لطيفة القي عليها تحية الصباح قبل مغادرة شقتي.. تمنيت وكم تمنيت!.. ولكن ذلك القلب الساذج يرفض تحقيق ما ارغب به الان اكثر من اي وقت مضى)
كمحارب مخذول من جيشه وسط معركة لم يخضها غيره، هكذا كان يجهش بالبكاء فوق سطح مبنى المشفى.. في المكان ذاته الذي كانت تحضره روان لتعتصم عن البشر.. في ذات المكان الذي لم يكن يستذيق فيه يزن طعم الخذلان، اصبح الان يتجرعه على مضض!
جلس على ركبتيه كطفل صغير فقد امه وغطا وجهه بيديه واجهش ببكاء مسموع.. هو لم ينهار هكذا بحياته قط.. سمع خطوات لم تثير اهتمامه ليوقف نحيبه.. تمنى لو انه يصرخ امام الجميع بتلك النار التي تحرقه لتتركه اشلاء انسان.- يزن؟!
انطلق صوت روان المليء بالذعر والقلق عليه، ولكنه لم يوقف بكائه ولم يلتفت اليها حتى.
احاطت كتفيه فوراً وحاولت رفع ظهره المنحني ولكنها فشلت.. كان متصلب ومتقلص حول ذاته كجنين يرفض رؤية هذه الحياة..يغمض عينيه بقوة ويضم اطرافه لبعضها بينما يصرخ بقوة دون ان يبالي من يحيطونه بصراخه او يعيدوه حيث يريد!- انا داخل كابوس.. انا لست بوعيّ.. ارجوكِ اخبريني ان كل هذا كذب.. اتوسل اليك اصفعيني او افعلي اي شيء فقط لتوقظيني من هذا الحلم!
ثم احاط صدره من جهة قلبي واردف بذات دموعه:
- هذا مؤذي يا روان.. هذا الكابوس مؤذي... اريد ان استيقظ اتوسل اليكِ افعلي اي شيء!
- يزن اخبرني فقط ماذا هناك بحق السماء انت تقتلني!
- انها ليلى.. خطيبة مازن هي ليلى يا روان!
فرفعت يديها فوراً عنه كمن تعرض للسعة سامة وشهقت بصدمة بينما تكتم صوت انفاسها في الحال تخشى ان تشي بسرهم الرياح.. فلطالما كانت ليلى سرهما الصغير الذي لم يبوح به يزن لأحد.. وهذا السر صار اليوم اعظم!
قالت بتلعثم بعد ثواني من كتم صوتها:
- هذا مستحيل.. لا بد ان يكون هناك خطأ ما!..
استند بأجهاد على السور الحجري وابرز واخيراً وجهه المشتعل وعيونه الملتهبة بالدموع، هز رأسه بيأس وهو يقول بصوت اثقله البكاء: