بعدَ مراسيمِ عقد القران تمت مأدبةُ عشاء وحفلةُ الرقص. قُدِمَ لكلِّ ضيفٍ قطعةَ كيكٍ بعدَ الوجبةِ الزاخرةِ في العشاء، وبعدَ أنّ خلت الطاولاتُ من الأطباقِ والطعام، أتى ممثلُ الحَفل وطلبَ من كلِّ الثنائياتِ أنّ ينهضوا لأداءِ رقصةٍ جماعيّة.نهضَ جيمين أولاً مادًا لي كفًا أمسكتُ بها بدونِ ترددٍ بابتسامةٍ على شفتيّ، ثم تركتُه يقودني إلى منتصفِ الصالةِ لنحظى برقصتِنا الأولى.
لم تكن رقصةً معقدةً أو ما شابَه، ولكننا معَ ذلكَ تعلمناها وتدربنا عليها قبلَ اليومِ الموعود، وقد كرسَ جيمين، الراقصُ المبدع، وقتَه ليساعدني في تلافي أخطاءٍ عديدة، إضافةً إلى المراتِ الغفيرةِ التي دستُ فيها على قدمِه.
كانَ صبورًا جدًا طوالَ الوقت، وفي كلِّ مرةٍ كنتُ أرى اهتمامَه بي كنتُ أشعرُ بقلبي ينبضُ بقوةٍ في صدري.حين وصلنا إلى منتصفِ ساحةِ الرقصِ الصغيرةِ أخيرًا، جذبني جيمين أقربَ إليه بيدٍ تحيطُ بخاصرتي وبالأخرى تمسكُ بيدي، ومن جهتي كانت يدي تستريحُ على عنقِه.
- أتتذّكرين كُلَّ ما علمتُكِ إياه؟ سألَ فأومأتُ له ببطءٍ وأنا أحدقُ بقدميّ وأحاولُ بكلَّ جهدي أنّ أتذكرَ كلَّ خطوةٍ واستدارة.
بدأت الموسيقى، وكذلكَ بدأت رقصتُنا.
ترأسَ جيمين تحريكَ الرقصةِ طبعًا، وأنا تبعتُه قدرَ ما استطعت، فلم يسبق وأنّ كانَ الرقصُ من أقوى قُدراتي، ولكنني حاولتُ أنّ أجعلَه فخورًا بي.
تكاثرَ الناسُ في ساحةِ الرقصِ مع مضيّ ألحانِ الأغنية حتى بات كلُّ الراقصون على الساحةِ أزواجًا يجولون حولَ بعضِهم بتزامنٍ تام.رحتُ أجولُ بنظري فيهِم مبتسمةً عندما رأيتُ والديّ يرقصانِ معًا.
كانَ دائمًا من الجميلِ أنّ أراهما وهما في أحضانِ بعضهما، ضائعانِ كثيرًا في أعينِ بعضهما بتلكَ الابتساماتِ تزينُ محياهما.
خيلَ لي بأنّي رأيتُ صورةً مما كانا عليه تمامًا في يومِ عقد قرانِهما.. والدتي تلبسُ فستانًا يشبه فستاني، ووالدي يرتدي بذلتَه وهو يقبُلُها قبلتهما الأولى.بالقربِ من والديّ كذلك، رأيتُ يورا صديقتي بين يديّ زوجِها هوسوك، فقد سبقَ وعُقِدَ قرانُهما قبلَ أسبوعٍ مِنا، وكنا فيه نحنُ الشاهدون كذلك.
كان كلاهما يضحكان في ذلكَ اليوم، أخفقت يورا في إنهاءِ خطابِها تامًا، وحاولَ هوسوك جاهدًا أنّ يبقيها مستقيمةً وواقفة.علمتُ من جيمين بأنّهما يأخذانِ دروسًا للرقصِ معًا، فاستنتجتُ أنّ هوسوك بنفسِ مهارةِ جيمين كذلك.
بدا وكأنّ صديقانا كانا مجردَ طفلين صغيرين يلعبان، وكانَ منظرًا بريئًا وجميلاً لحدٍ لا يُحتمَل.
لم يكن هناكَ أدنى شكٌ بأنهما ناسبا بعضيهما تمامًا منذُ بدايةِ لقائهما.حينَ التفتُّ أخيرًا لزوجي أنا، وجدتُت يحدقُ فيّ مليًّا، بل ولحظتُ عبوسًا طفيفًا على وجهِه.
- أهناكَ خطبٌ ما، دا يونّ؟
حتى على الرغمِ من أنني أردتُ إخبارَه بأنّ كلَّ شيءٍ على ما يُرام، أدركتُ أنّ ذلكَ غيرَ صحيح..
كانَ هناك شيءٌ مفقود.. شخصٌ ما..تنهدَ جيمين ودنا إليّ أكثر حتى استراحَ جبينه على جبيني ونحنُ نرقصُ على الساحةِ نفسِها.
اختفت ملامحُنا بذلك، ولم يرى أحدٌ القلقَ الذي اعتلى تقاسيمَه حينَ انكسرت البسمةُ في وجهي.- ما الخَطب؟
سقطَ نظري إلى الأرضِ حيثُ رأيتُ قدمينا تتحركان بتناغمٍ واضح، وفاجأتني حقيقةُ أنني بقيتُ أرقصُ رغمَ أنّ عقلي كان مشغولاً بالتفكيرِ في أشياءٍ أخرى.
كانت المراتُ التي انكسرت فيها حصوني أمامَ جيمين نادرةً جدًا، خاصةً وأنّ سببَ غمي لم يكن شيئًا أستطيعُ قولَه جهرةً.
ولكن في أحيانٍ ما.. يصعبُ عليّ أنّ ابتسمَ أمامَه، ولذلكَ أستنزفُ كلَّ طاقتي في تحويرِ الحقيقةِ لشكلٍ أصّح.. لشكلٍ يجدرُ أنّ أؤمنُ به.- أتمنى لو أنّ جونغكوك يراني اليوم.. لو أنّه هنا يرقصُ معنا.. نبستُ مغلقةً عينيّ هربًا من عينيه.
لطالما تجنبتُ النظرَ في عينيه كلّما أتى ذكرُ صديقي العزيز، وذلكَ كانَ أسهلَ له كذلك، لإنه بهذه الطريقةِ يخفي ألمَه كذلك..
إلا أنني غفلتُ عَن ذلكَ الألمِ دائمًا..سمعتُ همهمتَه، وشعرتُ بيدِه تمسحُ على ظهري ونحنُ نتمايلُ بين الراقصين.
عرفتُ بأنّه لم يجد شيئًا يصحُ قولُه لي، ولم أمانع، بل لم أتطلع لأنّ يقولَ شيئًا.. لأنني أتفهمُ أنه ما من شيءٍ يُقال.
ما من شيءٍ قد يكونُ بَردًا على قلبي وألمِ فقدانِه.بقيتُ بين يديّ جيمين، زوجي الذي أحبُه وأهتمُ به، حتى انتهت الأغاني وانفصلَ الراقصون.
رانَ علينا الهدوءُ في ما تلى من الرقصات وانحنينا عندما أُخرِسَت الموسيقى، وبعدَ تصفيقِ الحضورِ جميعًا، أُعلِنَ انتهاءُ الحَفل بآخرِ تصفيقةٍ سُمِعَت.نسألُ الله لكم حياةً مديدة، وعسى أنّ يخلُدَ هذا الحُبّ حتى آخرِ رمقٍ من الحياة..
ولكن.. هل اكتفى المجتمعُ بخطيئةٍ واحدة؟!
****
أولاً، أعتذر جدًا على التأخير، ظروفٌ شديدة عرقلتني.
ثانيًا، أعتذرُ عن ترجمتي لهذه الفصل.. أشعرُ بأنّها غير مرتبة أبدًا، ترجمتُه الآن على عجل.
ثالثًا، هكذا ننهي الفصلَ الثاني، وسنبدأ بالفصلِ الثالثِ والأخيرِ من الرواية، ويعتبر أجمل فصل بالنسبةِ لي..دمتُم بخير ~

أنت تقرأ
مَطرُ نوفمبر
Romanceفي إحدى ليالي نوفمبر حينَ هلَّ المَطر.. فقدتُ جزءًا مني.. أمسى المطرُ ثلجًا.. وقلبي مليئٌ بكلِّ باردٍ في الدُنيا.. #أنا مترجمةٌ لهذه الرواية ليسَ إلا. #الغلاف من تصميم Hope_879 #This story is originally written by Marrilaure, an author here in...