#14

355 45 43
                                    

" يا طبيعةَ الدُنيا، إنكِ قارسةٌ كالثَلج، فهلا برحمةٍ منكِ ورأفة.. "

°°°°

حينَ رأى جونغكوك رَجُلاً غيرَه على الشاشةِ في ذلكِ اليومِ المشؤوم، ظنَّ بأنّه ما مِن ألمٍ كفيلٍ بأنّ يجعلَ قلبَه يئنُ أكثر مما أنَّ لحظتَها..
ظنَّ بأنّه ما مِن شعورٍ أسوأ من أنّ تُدَهسَ أحلامُك بشيءٍ يفوقُكَ سُلطةً وجبروتًا..
ظنَّ بأنّ المجتمعَ لن يقترفَ شيئًا كذلكَ لَه هو.. هو الذي صبرَ وانتظرَ لشيءٍ لطالما تاقَ إليه.

ولكن حينَ دقت عقاربُ الساعة، وحينَ أخضّلَ جسدُه بماءِ المطرِ.. حينَ انتظر طويلًا تحتَ ظلالِ شجرةٍ عندَ الحدود..  وحينَ لم يرها آتيةً إليه.. عَرِفَ كم كانَ مخطئًا..
عرفَ أنّ هناكَ شيءٌ أسوأ من أنّ تُدهَسَ أحلامُكُ بقوةٍ أعظمَ منك.. وهو أنّ يدهسَها ذاكَ الذي رجوتَ منه أنّ يحققها لك..

ولكن.. ألم يكن ذلكَ متوقعًا؟!
لكم كانَ غبيٍّا وأحمقًا حينَ ظنَّ بأنّ دا يونّ ستتخلى عن كلِّ شيءٍ لتهربَ معه.. حينَ ظنَّ بأنها ستتخلى عن كلِّ شيءٍ لأجلِه هو، وهو دون سواه.

كَرِه مطرَ نوفمبرَ يومَها..
كان باردًا، يخترقُ ملابسَه ويتسللُ إلى عظامِه..
ربما وجبَ عليه أنّ يحضرَ معطفًا على الأقل، أو ربما أي ملابسٍ غير التي كست جسدَه.. أو ربما فرشاةُ أسنان؟
لم يسعَه إلا أنّ يخرجَ نحنحةً ساخرةً من حلقِه المغصوص..

أيفترضُ عليه الآن أن يعودَ لمنزلِه وقد عرفَ بأنّه عاجزٌ عن فعلِ شيءٍ إلا تقبلَ ما كتبَه له غيرُه؟
لم يرغب بأيٍ من هذا..
لم يرغب بأنّ يقتربَ من تلكَ الفتاةِ التي أظهروها له في ذلكَ اليومِ حتى..
لم يرغب بعملٍ مثاليّ، ولا بمنزلٍ مثاليّ.. ولا أي شيءٍ من ذلك..
كلُّ ما طلبَه من الدنيا لم يكن إلا شيئًا واحدًا بسيطًا بدا له كافيًّا.. ولم يكن إلا هي..

يستحيلُ أنّ يشهدَ بعينيه سيرها بجانبِه ممسكةً بيدِ رجلٍ غيرِه، ذاكَ الذي قالوا بأنّه المختارُ لها..
يتسحيلُ أنّ يطيقَ ويتحملَ رؤيتَها تبتسمُ وتنظرُ لشخصٍ آخر كما كانت تبتسمُ وتنظرُ له هو.

أيهونُ عليها أنّ تتركه خلفها وحيدًا هكذا؟! أنّ تمتثلَ بدونِ ترددٍ لحسبانٍ أقامَه غيرها؟
ربما..

نكصَ الفتى على عقبيه بدونِ أنّ ينظرَ للوراءِ ولو للحظة مستقبلاً ظلمةً دامسةً رحبت بناظريه.
فُرِشَ أمامُه دربٌ للمجهول، للمستقبلِ الذي اختارَه هو لنفسِه، وقررَ أنّ يسيرَ فيه ولو خسرَ بذلكَ كلَّ شيءٍ له، لأنّ خسارتَها هي تعني بأنّه خسرَ كلَّ شيءٍ آخر يربطُه بذلكَ المجتمع.

صحيحٌ أنّه يكترثُ لأمرِ أبويه لحدٍ معين، ولكنه يعلمُ عنهما أشياءً كثيرةً جدًا تجعلُ حبَّه لهما... بدونِ فائدة..
لم تكن كلُّ اختياراتِ المجتمعِ مثاليّةً بعدَ كلِّ شيء، ولم تكن كلُّ حياةٍ في ذلكَ المجتمع مثاليّةً كذلك..
لو أنّ دا يونّ علمت بذلك فقط.. فربما كانت ستفكرُ بطريقةٍ مختلفة.

مَطرُ نوفمبرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن