#16

306 42 26
                                    


أخطأتُ حينَ قلتُ بأنّه ما من شيءٍ يدعو للقلق..

استغرقَ جيمين بعضَ الوقت، ولكنه ذهبَ بعدها لزيارةِ طبيبٍ في المركزِ الصحيّ الذي كنتُ أعملُ به.
شرحَ للطبيبِ حالتَه، وفحصَه الطبيبُ وفقًا لذلك مع إقامةِ بعضِ الفحوصات لإكتشافِ موضعِ الضرر ومعرفةِ الدواءِ الأنسبِ له.

ولكن جيمين تلقى النتيجةَ بعدَ شهرين كاملين.. النتيجةُ التي أخبرته بفواتِ الأوان، وأنّه ما من حلٍ ممكنٍ الآن..
خَطَت الكلماتُ السوداءُ تلكَ جُلَّ ما خافَه جيمين، وبدت وكأنها عتابٌ ولومٌ ألقاه المجتمعُ على عاتقِه.

بعدَ كلِّ ما أعطاكَ إياه المجتمع من حياةٍ مثالية، أهكذا تهدرُها؟!

لم يزد ذلكَ في ندمِه إلا الطينَ بلةً، ولكن لم يكن هناكَ شيءٌ تعسرَ عليه فعلُه بقدرِ ما تعسرَ عليه إخباري بذلك..
لم يطق ذاكَ الألم الذي سيظهرُ في عينيّ حينَ يعلنُ على مسمعيّ الخبرَ التعيس.
فضَّلَ أنّ تُكمِلَ السعادةُ مسيرها في حياتي حتى يحينَ الوقتُ المناسِب، لعلَّ ذلكَ سيخففُ من وطأةِ الألمِ.. لعلّه سيجعلُ وقتنا معًا مليئًا بذكرياتٍ حُلوةٍ وليسَ بترددِ عقاربِ الوقتِ نحو الفاجعة.

لم يخبرني بالنتائجِ على الإطلاق..

جلسَ جيمين بتوترٍ أمامَ مكتبِ الطبيب، أناملُه تعبثُ بسراولِه بدونِ أنّ يعي، بصمتٍ ثقيلٍ يحطُ على كتفيه، وذلكَ الطبيبُ يذرعُ الغرفةَ جيئةً وذهابًا.
فُتِحَ البابُ خلفَه فنهضَ فورًا واستدارَ منحنيًا لتحيةِ مديرِ المركزِ الصحيّ، الذي أحنى له برأسِه كذلك، بابتسامةٍ مكسورة.

- سيد بارك، أنا كيم هان سول، مديرُ المركزِ الصحيّ وعضوٌ في هيئةِ المجتمعِ الصحيّة.

مدَ الرجلُ يدَه ليصافحَ جيمين فصافحها جيمين بوهن بدونِ أنّ يتجرأ على ينبس ببنتِ شفةٍ حتى أُمِرَ بأنّ يجلس.

- لقد أعلموني بشأنِ.. ما حلَّ عليكَ من مصيبةٍ، وكجارٍ وكزميلٍ لكَ تقبلَ مني رجاءً خالصَ اعتذاراتي، ولكن كممثلٍ للمجتمع، لا يسعني أنّ أقولَ المِثلَ يا جيمين..

ازدردَ جيمين ريقَه صابًا نظرَه على فخذيه بألمٍ يكتسحِ صدرَه.

- أتفهُم ذلكَ بالطبع..

وهو فعلًا تفهمَ ذلك.. فذاكَ المرضُ كانَ شيئًا بمقدورِه أنّ يتجنبَه لو أنّه قامَ بكلِّ شيءٍ بشكلٍ صحيح، وكانَ المجتمعُ سيساعدُه لو أنّه مدَ يدَه لهم أولاً، ولكنه لم يفعل..
لذلكَ.. فات الأوان، وما عادَ للمجتمعِ قُدرةٌ على أنّ يصلَحَ ما أُفسِد.

مَطرُ نوفمبرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن