عمار

696 16 0
                                        

اتجهت حسناء الى غرفتها باكية , وأخذت تحضر حقيبتها لتغادر في الصباح , وعندما انتهت جلست على المقعد وأخذت تتذكر ما حدث لها ويزداد بكائها , حتى سمعت صوت المؤذن يقول "الصلاة خير من النوم " وتبعها صوت خطوات جدتها قائمة لتصلي الفجر , أغلقت ضوء الغرفة سريعاً حتى لا يلفت انتباه جدتها وتراها باكية , فانتظرت حتى انتهت الجدة من الوضوء وذهبت للصلاة في غرفتها , ثم قامت حسناء وتوضأت ووقفت تصلي وعندما حان وقت السجود لم تستطع أن تمنع دموعها ودخلت في نوبة بكاء شديدة وكأنها تشتكيهم الى الله .

أما سارة فكانت في غرفتها تحاسب نفسها , لم تكن سارة على علم بما دار بينهما , ولم يخبرها عمار بخطته تجاه حسناء , ولكنها في قرارة نفسها كانت تعلم انه سيثأر منها ويهينها ولذلك طلب منها أن تحضرها للعرس وتلهيها حتى تنسى لبس أسورتها , ثم توهمها أنها سقطت من يدها وتتركها بمفردها تبحث عنها , كل هذا لم يكن يحتاج لتفسير , واضح هو وضوح الشمس بأنه ينوي شراً لحسناء وستتعرض لضغط يفوق تحملها ومع ذلك اشتركت معه في تلك الخطة اللعينة , بل والاصعب انها راقبت حسناء من بعيد , ورأته وهو يجذب حسناء بالقوة الى تلك الغرفة التي اغلقها خلفه , ورغم ذلك تركتها , ولم تحاول انقاذها ولم يهتز لها رمش , بل تركت العرس والبستان وذهبت تنتظرها في البيت .

كان ضميرها يؤلمها , وليست قادرة على المواجهة , لذلك استسلمت ولم تحاول تبرير موقفها , وقررت أن تترك الأيام تصلح ما أفسدته هي .

أما عمار فوضع أمامه حذائها , وأخذ يتأمله ويتذكر قدمها وهو يزينه , فلا قيمة للحذاء بدون أن يلامس بريق قدميها , لأول مرة تصيبه هيستيريا اللاوعي , لم يطق النظر لنفسه , كسر مرآة غرفته , فهو يخجل مما فعله ,شعوره بأنه ليس رجلا ولا يستحق الحياة يخنقه , فنظرة عينيها وهي خائفة لا تفارقه , يغمض عينيه فيراها أمامه وهي تحبس دموعها من قسوته , صورتها وهى راكعة مذللة تحت قدميه تحاوطه , فهو لأول مرة يشعر هذا الشعور اللعين , لأول مرة يشعر بحقارته وضآلة عقله وجهله كما وصفته هي في أول مرة .

قرر عمار أنه سيذهب في الصباح اليها يستسمحها لتغفر له , سيبقى يرتضيها ولن يتركها حتى ترضي , سيفعل أي شيء حتى وان داست عليه وعلى كرامته عشرات المرات , مستعد لأن يجمع القرية ويعتذر لها أمام الجميع , أو حتى يركع أمامها ويقبل قدمها , مستعد أن تبصق في وجهه بل وتضربه , مستعد لأي شيء يريحه من عذاب الضمير .

ولكن حسناء لن تنتظره ... بعد أن انتهت من الصلاة , راقبت جدتها حتى عادت للنوم مرة آخري , فحملت حقيبتها بهدوء ووضعت نظارتها الشمسية لتخفي تورم عينيها ثم رحلت حيث دنيتها وتوأمتها وصديقتها وحنان أمها .

كانت نغم مازالت نائمة , ولكنها شعرت بقدوم أختها فاستيقظت مسرعة اليها :

_ حسناء اشتقت اليكِ يا توأمتي الحلوة .

حسناء ضلت الطريق ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن