بين أنياب الوحش 8 لـ منى لطفي

23.1K 620 2
                                    


بين أنياب الوحش

الفصل (8)

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

رجع بظهره الى الخلف فوق الصوفا بغرفته حيث لجأ اليها بعد أن أعطى تعليمات مشددة الى روجيندا ألّا تحاول الخروج من باب الكوخ، وبالطبع لم يأمن لموافقتها المريبة ليحكم اغلاق الابواب جيّداً، قبل أن يأمرها بتحضير طعام الغذاء وعدم ازعاجه حتى تنتهي منه..

زفر بعمق وشريط ذكرياته يمر أمام عينيه، ليغوص عميقا به رغما عنه، فيتذكر أيام البؤس والشقاء في دور الايتام التي تنقل منها حتى استقر به المقام في ذلك الأخير حيث قابل رسلان.. أخاه الذي وُلد له من رحِم المحنة والألم و.. الحرمان، فكلاهما... قد دُمغ بتلك الصفة التي كانت السبب في نظرة الاشمئزاز التي صاحبت كل من يعرفها.. فقد كان كل منهما... "لقيطا"!!!!!..

لن ينسى أول يوم له بالملجأ الأخير الذي تم ترحيله اليه وكان حينها في العاشرة من عمره، كان طفلا منطوٍ على نفسه قليل الكلام، متهجم دائما، جسده كان يعطيه عمرا أكبر من سنّه الحقيقي، فقد كان أطول وأضخم من أقرانه، الأمر الذي كان يهابه الجميع من زملائه، على العكس من رسلان الذي كان دائم الضحك، ولكنه إذا ما غضب فهو اعصار.. لا يبق ولا يذر!!!!!!..

ارتسمت ابتسامة شاحبة وقد تخللت ذهنه تلك الذكرى البعيدة مما يزيد عن الربع قرن، كان بعد قدومه الى الملجأ بفترة زمنية قصيرة، حاول خلالها رسلان التقرب منه ليقابله هو بوجه متحجر يناقض سنوات عمره العشر، وكان رسلان يماثله بالعمر، وعلى عكس الباقين لم يحاول رسلان فرض نفسه عليه، فما أن كان يقابله ببرود حتى يبتعد رسلان وابتسامته المميزة لا تفارقه وكأنه يخبره بأنه سيأتي اليوم الذي سيسعى فيه هو اليه... وقد كان!!!!!

كان هناك بعض الاطفال التي تكبره في العمر بعامين على الأقل، كان رئيسهم قد تعارك مع أصلان بعد رفض الأخير لرفض الأخير ترك مكانه لذلك المتبجح كي يجلس هو، وعندما تطاول عليه بالسباب ينعته بأشد النعوت بذاءة مستغلا أنه لقيط فلم يكن وقتها من أصلان إلا أن لكمه بقوة على فمه تسببت في سقوط أسنانه الأمامية ليُعاقب هو بالنوم دون عشاء وفي غرفة شديدة البرودة والظلمة، ولم يهتز له جفن!.. لم يحاول تليين قلب المشرف عليه، بل تقبل العقاب بكل برود وبوجه قد تجمدت تعبيراته..

وقضي ساعات الليل ملتفا حول نفسه يحاول بث الدفء اليها في تلك الليلة الشديدة البرودة، ليفاجئ بمن يهمس له من خلال النافذة الصغيرة المطلة على الحديقة، لم يعر الأمر انتباها ليستمر النداء بإلحاح فتحامل على نفسه فقد أوشكت قدماه على التجمد، وما ان رفع رأسه لأعلى حتى سمع من يهمس له بلهفة أن يحاول الصعود للوصول الى النافذة، وبكل جمود سأل صاحب الصوت عن السبب ليجيبه أنه قد أحضر له بعض الطعام خفية عن الأعين!..

بين أنياب الوحش رواية  رومانسية تركية مكتملة لـ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن