بين أنياب الوحش 23 لـ منى لطفي

15.8K 458 3
                                    

بين أنياب الوحش

الفصل (23)

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

يقفان بجوار بعضهما البعض في حُللهما الرسمية، بينما يقف الشيخ يتلو بعضا من آيات الله، والتابوت الذي يحمل جثمان كنعان يقبع أمامه، ليختم الشيخ بعدها بالدعاء للفقيد وبعدها بدأت عملية حفر القبر، وبعد أن انتهت عملية الدفن، تناول أصلان الجاروف الكبير من يد الدفّان ( من قام بعملية دفن)، ويهيل التراب على القبر، ليدنو منه رسلان ويتناول منه الجاروف ليقوم هو الآخر بوضع التراب يردم به القبر، (فمن التقاليد في تركيا أن تقوم رجال عائلة المتوفي سواءا أخوته أو أبنائه، بالتناوب في وضع التراب فوق قبره)، صمم أصلان أن يتولى هو ورسلان هذه المهمة دون غيرهما..

انتهت مراسم تشييع الجثمان الى مثواه الأخير وتفرّق المعزُّون، وكانت القضية قد قيّدت ضد المجهول كالعادة في تلك القضايا التي تكون فيها المافيا الجاني المجهول..

عاد كلّا من رسلان وأصلان الى منزل الثاني والذي كان قد رجع من رحلته هو وروجيندا فور تلقيه نبأ مقتل كنعان، والذي شعر معه بطعم اليُتم للمرة الثانية..

كانت الأولى وهو طفل صغير يقبع بين جدران متآكلة لملجأ الأطفال البعيد كل البعد عن الآدمية سواء في سلوك موظفيه أو ظروف المعيشة فيه، وحده رسلان من هوّن عليه تلك الأيام والليالي السوداء، حتى هربا منه، ليقعا في يد.. كنعان، الأب الروحي لهما..

لا ينكر أن كنعان كان قاسٍ بل شديد القسوة، ولكن، في داخل تلك القسوة كان يكمن حنانه، لا يراه أو يشعر به إلا من علم كنعان دندار حقيقة!.. وهو رسلان قد عاشا معه عمرا بأكلمه، حتى حفظاه عن ظهر قلب.. ولم يستطع الابتعاد عنه وترك ما هم فيه، فهو قد عدّ رسلان وكنعان بمثابة الأخ والأب، ولم يكن ليترك عائلته الوحيدة حتى لو بها حياته!!

انتبه أصلان من شروده على صوت رسلان وهو يخبره بوصولهما، ليترجلا من السيارة، متجهان الى المنزل..

دلف أصلان يتبعه رسلان، وكان أول ما شاهده وجه روجيندا الحزين، والتي مان وقعت عيناها على وجهه حتى تأوهت بألم قائلة وعينيها تدمعان:

- أوه.. حبيبي..

وقطعت المسافة بينهما بخطوات سريعة لترتمي بين ذراعيه اللتان تلقفتاها تلقائيا، حيث أحاطت عنقه بذراعيه هامسة بحزن صادق:

- بِيشِين صُغلصُونْ (الغين لا تنطق، الكلمة بمعنى يسلم رأسك).

احتضنها أصلان بقوة دافنا رأسه في عنقها يستنشق رائحتها بعمق، وكأنه يطمئن نفسه أنها هنا، ومهما حدث ستظل بجانبه، ولن يسمح لها بالابتعاد ابدا، فإن كان اليوم قد دفن من كان بمثابة أبوه الروحي، وأحد أفراد عائلته الصغيرة المكونة منه ورسلان، فهي.. تلك الصغيرة التي يكاد يعتصرها بين ذراعيه، هي كل عائلته، وهو لن يفرّط فيها أبدا ولآخر رمق في حياته..

بين أنياب الوحش رواية  رومانسية تركية مكتملة لـ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن