بين أنياب الوحش 15 "الجزء الاول" لـ منى لطفي

19.4K 562 3
                                    

بين أنياب الوحش

الفصل (15)

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

جلس على المقعد المقابل للفراش، يطالعها بعينين متألمتين، بينما هي فنائمة بوداعة كطفل صغير، لن يظن أنه سينسى أبدا منظرها حينما دلفت عليه بوجه يحاكي في شحوبه شحوب الموتى، لتهمس بذاك السؤال الذي جعل خافقه يكاد يتوقف عن العمل.. " كلارا استيفانوس.. هل ماتت فعلا يوم زفافاكما وفي حادث مدبر أنت سببه؟!!"..

زفرة عميقة خرجت منه وهو يرجع برأسه الى الخلف يستند الى ظهر مقعده بينما أحداث ذلك اليوم تعاد بتفاصيله أمامه وكأنها حدثت بالأمس القريب، ليرتسم أمامه وجه كلارا الخمري اللون بابتسامته الوضائة ونغزة وجنتها اليمنى والتي كان يحلو له اشباعها تقبيلا، وبينما كانت هي تناغشه بأنها تشك بأنه يحب غمازتها تلك أكثر منها كان هو يهمس بصوت أجش "صدقتِ"!!!.. لتشهق وقتها بتذمر حانق، محاولة الابتعاد عن ذراعيه بينما لا يدع لها الفرصة ليسارع الى سحبها بين أحضانه ثانية، وهو يجيبها بحرارة بأن لها مذاقا خاصا.. كلما تذوقه رغب في المزيد، حتى أنه يشك أنه سيموت يوما ما من فرط شوقه الى تلك الغمازة الـ مدمرة!!..

وقتها نهرته بسخط أن يعيد كلمة "الموت" تلك ثانية، وأردفت بحزم أنها ستغضب منه وبشدة أن كررها ثانية، ولم تعلم حينها أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من تلك الكلمة التي تقشعر لها الابدان!!!..

فرك وجهه براحتيه وهو يغمض عينيه بشدة بينما خلف جفنيه المغلقين تراءى له صورتها بفستان الزفاف الابيض، وضحكتها الواسعة، وهي تلوّح بيدها لعائلتها التي حضرت خصيصا لحضور الزفاف الميمون، وصعدت بجواره في سيارتهما حيث انطلق من فوره بينما تبعته سيارة الحراسة الخاصة، تحت تشديد من أصلان بألا تفارقه، ولكنه كان يريد أن يحيا صدق تلك اللحظات معها بمفردهما، كرسلان وعروسه فقط، بعيدا عن احتياطات أصلان التي تكاد تخنقه في كثير من الاحيان، ولكنه اكتشف بعدها أنه قد أخطأ خطئا فادحا يوم أن طاوع وساوس نفسه وعمِد الى الهروب من سيارة الحراسة التي أصرّ أصلان على أن تتبعه، فقد حدث ما كان يخشاه الاخير.. فقد تربّص به أعدائهم، ولكن لم يكن هو من دفع ثمن جرائمهم التي ارتكبوها منذ عملهم مع كنعان في تلك المنظمة الارهابية، بل كانت هي.. وردته الرقيقة.. كلارا.. والتي غفت عينيها الاغفاءة الاخيرة ولا تزال ابتسامتها الناعمة تعلو شفتيها!!..

لا يزال صوت صرير عجلات السيارة يدوي في أذنيه، بينما يحاول هو بكل قوته السيطرة على المقود، وهو يتحدث اليها يأمرها بأن تتمسك جيدا.. وفي أقل من طرفة عين كانت تلك الحافلة التي ظهرت من العدم تتقدم من الاتجاه المعاكس لهما، وكأنها قد عزمت على الارتماء بين أحضان سيارته، لتتوسع عيناه ويهتف بشتيمة نابية، وهو يحاول تفادي تلك الكارثة المروعة ليفاجئ بانزلاق السيارة بسبب الجليد المحيط بهما، وعبثا حاول ايقافها، لتدور حول نفسها عدة مرات قبل أن تنقلب مرة، فالثانية، ثم الثالثة فالرابعة لتستقر على سقفها، فحاول بصعوبة فك حزام الامان، ليميل ناحية كلارا التي اصطبغ فستانها ببقع من الدماء القانية، فيما خيط دموي يمتد من جبهتها نزولا الى منتصف وجهها، فأحاط وجهها براحتيه وهو يهمس بعنف يوقظها، ولكنها لم تستجب، ليفك حزام الامان المحيط بها وبصعوبة كان يخرج من نافذة الباب المجاور له، ليلتفت وهو يترنح محاولا عدم السقوط ويتجه الى بابها محاولا فتحه ولكنه استعصى عليه، ليطلق لعنة قوية بينما يكاد يبكي، فرائحة الوقود تزداد في الجو من حوله، وكأن الله قد استجاب لدعواته فقد فتحت عينيها وهو يحاول مد جسمه من النافذة المفتوحة بجوارها، محاولا اخراجها فالباب لا يعمل، لتنظر اليه من بين عينين نصف مغلقتين وهي تنادي باسمه بضعف ووهن شديدين، فهتف بصوت متحشرج:

بين أنياب الوحش رواية  رومانسية تركية مكتملة لـ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن