الجزء الثاني

16.2K 356 18
                                    

صعد الجميع الى الطائرة، كانت تقف على رؤوس أصابعها تحاول أن تضع حقيبتها في الكبينة فوق مقعدها تلفتت يمنة ويسرة باحثة عن مضيفة لتساعدها. " عن إذنك " تفاجئت بذراعين تمتدى من فوقها وتدفع بالحقيبة إلى الداخل. لم تحتج لتسأل نفسها من هذا الشخص فرائحة عطره قد رسخت في أنفها منذ أول لقاء. استدارة إليه شاكرة " شكرا لك "
غمز لها بعينه مبتسما ليقول هامسا
"هذا واجب طوال القامة "
لا تدري لم تحس بمعدل ضربات قلبها قد إزداد بالرغم من السخرية الواضحة في صوته إلا أنها أحست بالارتباك واحمرار في وجنتيها.
جلست على مقعدها مركزة بصرها أمامها. كان يجلس على نفس خط المقاعد يفصل بينهم الممر وسيدة عجوز يابانية.
همست ريم لمي وهي تلكزها " ماذا قال لك ؟"
مي تظاهرت بالانشغال بوضع الحزام " لا شيء "
قالت ريم بنبرة اعجاب واضحة
" كم هي جميلة ابتسامته ليته يبتسم لي هكذا"
حدجتها مي بنظرة مستغربة من جرئتها و طريقتها في التعبير بصراحه عن مشاعرها
" ماذا؟! " سألت ريم مستغربة " لا تقولي لي بأن ابتسامته تلك لم تذب جليد برود مشاعرك هذا ؟"
قالت هند التي كانت تجلس على المقعد الذي أمامهن
" هذا ظلم أنا حشرت مع هذه وأنتن تتهامسن من خلفي وتتحدثن عن الوسيم ذاك "
كانت هند تجلس برفقة الأستاذة لمى التي جاءت مرافقة لهن في الرحلة.
طبعا الأستاذة لم تكن تصغي لهن فقد كانت تضع السماعات على أذنيها
" انظرو الى مجموعة الشباب لقد جلسوا جميعا قرب بعضهم البعض " أردفت حانقة
" أخبروني من الذي حجز تذاكر السفر كي اريه عمله "
ضحكت ريم وابتسمت مي
لا تدري مي لما تحس بنفسها غير مرتاحة وكانها مراقبة من قبل الاستاذ سيف، كانت تخشا ان تلتفت وتلتقي بعينيه
نفضت تلك الافكار عن رأسها و وضت السماعات واخذت كتاب تقرأه
التفتت الى شخص يربت على كتفها، فاذا بها المرأه العجوز قالت لها بلغة انجليزية ركيكه " can you give me that wool ball "
" هلا اعطيتني كرة الصوف تلك"
التفتت حيث اشارت كانت كرة صوف زرقاء تتدحرج بين المقاعد
تأففت مي، لما هي عليها احضارها فكرت بتجاهلها والتظاهر بعد فهمها لكلامها
عادت العجوز محاولة توضيح طلبها الا ان مي تجاهلتها
سمعت صوته يقول بكل لطف " if you don't mind i will bring it to you"
نهض الاستاذ سيف بعد ان رمق مي بنظرة ذات مغزا جعلها تحرج من تصرفها. ناول العجوز كرة الصوف التي قالت بلهجتها اليابانية " arigato gosiemas "
اومأ الاستاذ سيف برأسه مبتسما " domo"
سعدت العجوز لانه رد باليابانية
قالت العجوز وهي تري مي القبعة الصغيرة اللتي تحيكها
This is for my grandson my doughter will deliver soon thats why im going back to japan
هذا لحفيدي ابنتي سوف تلد قريبا لهذا السبب عدت الى اليابان
احست مي بتانيب الضمير إلا أنها لم تعتذر، قال الاستاذ سيف للعجوز وعيناه معلقتين على مي
Im sure he will be a buatiful baby
انا متأكد من أنه سيكون طفل جميل
كانت نظراته مؤنبه أم هذا ما اعتقدته مي
كانت ريم قد غطت في نوم عميق وهند انشغلت بفلم يعرض على شاشة الطيارة
أما مي فانشغلن بالاستاذ سيف وحديثه اللبق مع العجوز التي لم تكف ابدا عن الكلام
هل يعقل بانه يستطيع تحمل ازعاجها ام انه يتصنع اللباقه؟!
كانت تحاول التركيز في كتابها الا أن صوته العميق الأجش وقهقهاته على قصص تلك العجوز لم يتركا لها مجالا ابدا من تجنب الاصغاء اليهم.
استيقظت من غفوتها، تلفتت حولها، الطائره اضائتها خافته لم تشعر بنفسها وهي تغط بالنوم نظرت الى الاستاذ سيف، هو الاخر قد غط في النوم مكتفا ذراعيه على صدره. أسندت رأسها على المقعد الذي أمامها وأخذت تتأمل ملامحه التي يطغى عليه الحزم لكنها بابتسامته تتحول الى تعابير دافئة.
فتحت الانارة فجأة ليفتح عينيه هو الآخر وتلتقي بعينيها، ضلت تحدق به مصدومه فقد مسك بها تراقبه. رفع حاجبيه مستفهما مما جعلها تشيح ببصرها محرجه. يا الاهي انها تشتعل من شدة الاحراج لابد وان وجهها اصطبغ باللون الاحمر.
" يالي من غبية كيف وضعت نفسي في هذا الموقف "
تمتمت لنفسها
سمعته يضحك بصوت خافت ام تهيأ لها ذلك؟؟

بعد أن استقروا في الفندق وارتاحوا، خرجوا جميعا في جولة قصيرة في المدينة طوكيو. طوال الرحلة كانت مي تحاول تجنب النظر الى الاستاذ سيف وتجبر نفسها على الاختلاط اكثر بالفتيات والتحاور معهن. توقف الجميع عند تقاطع طرق منتظرين اشارة المرور تضيئ لتسمح لعبور المشاة. علقت هند " لم ارى في حياتي مثل هذا الجموع من المارة، الجميع يقف بهدوء ينتظر الاشارة "
احست مي بالتوتر يتسلل اليها وأن جسمها بدأ بالتعرق
نظرت حولها بالفعل هناك زحام شديد. اشتعلت اشارة المشاة وتدفقت افواج المارة. أحست مي وكأنها تجر اقدامها جرا ولا تستطيع تحريكها حاولت ان تمد يدها لريم وحاولة مناداتها الا أن الأخيرة ذهبت مبتعدة عنها دون أن تلاحظها. أحست بالرؤية تتلاشى ونفسها يكاد ينقطع أخذت تشهق محاولة جمع اكبر قدر من الاكسجين.
أحست بالوهن في قدميها فما كان منها الا أن تخر على ركبتيها. لكنها قبل تصل الى الارض وجدت ذراعين تتلقفها وتمسكها من مرفقيها ثم تسحبانها متراجعة الى الرصيف.
" هل أنت بخير؟"
كان صوت لم تستطع تمييزه في البداية لانها لا تزال لا ترى شيئا بعد الحالة التي عاشتها للحظات. لكن حين قال
" ما الذي جرى لك؟" ادركت انه الاستاذ سيف

هاله منظرها، لم يستطع افلاتها خشية ان تسقط ارضا. كانت ترتعش وجسدها ينتفض، تأخذ نفسها بصعوبه وهي تشهق. بحث حوله عن كرسي أو اي مكان يضعها عليه. اخذاها الى مقهى قريب يضع طاولاته خارج المحل. طلب لها كوب ماء، امسكته بيدين مرتجفتين لتاخذ رشفة منه.
انتظرها حتى هدأت ليسألها مجددا، " هل أنت بخير؟"
أومأت برأسها
كانت كالطفلة الصغيرة الخائفه " ما الذي حدث لك؟ " كرر سؤاله
قالت بصوت متعب " لدي رهاب من الزحام" اردفت مبرره " لكن ظننت أني قد تعافيت من ذلك ، هذا كان منذ زمن "
أحس بتعاطف معها بل شعر بشعور غريب حين رأها واقفا تحاول استنجاد أحدهم، لاول مرة يراها ضعيفة هكذا.
رفعت بصرها اليه " شكرا لك "
رأى نظرات غريبة في عينها فيها الكثير من الالم والحزن، لم يشأ أن يسأل أكثر بل قال لها " ان كنتي تحسين بأنك أفضل دعينا نلحق بالمجموعة" أومات برأسها مجيبة
سارت خلفه تجر قدميها جرا فهي لا تزال تشعر ببعض الوهن. نظرت إليه وهو يسير أمامها، كيف افتقدها في وسط هذا الزحام ولم هو الذي افتقدها ليس أحدا آخر ؟

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن