السابع عشر

6.4K 218 8
                                    

ترجل من السياره والتف ليفتح لها الباب " هيا انزلي " كان غاضبا جدا. مي امتثلت لأمره الا أنها قالت وهي تسير مبتعده " حسنا سأذهب وحدي "
بخطا سريعه لحق بها وهو يتلفت حوله خشية أن يراهم أحد ليمسكها من ذراعها ويديرها نحوه " ألن تتعقلي ولو مرة في حياتك "
قالت له بعصبية " اتركني ابتعد عني مستحيل أن أعود الى ذللك المكان "
قال لها وهو مشوش التفكير حول موضوعها " لماذا هربتي "
صمتت لبرهة وهي تنظر اليه مفكرة في ما ستقوله " لا أريد أن أتزوج " افلتت ذراعه من يده وتابعت مشيها وهي تتذكر نظرات ذلك الرجل وهمس علي الوقح " جميعهم وحوش متعطشه " كانت تسير على غير هدى وهو يلحقك بها غير مصدقا موقفها السخيف، يسير خلف فتاة في هذا الليل، ماالذي سيظنونه. سبقها ليقف أمامها " ألم أقل لك سنجد حلا "
ظلت تحدق به وهي تلهث لتقول بعدها بنبرة يائسة مترجية" هل يمكنني الوثوق بك "
نظر في أعماق عينيها " لازلت عند وعدي يا مي " ليردف معاتبا " ولو أنني أطالبك بتفسيرات كثيرة "
أطرقت بصرها متفادية النظر الى عينيه المعاتبه. أعاد ترتيب خصل من شعرها أفلتت من حجابها وهو يقول بعد أن تنهد " يجب أن أحل هذا الموضوع يا مي "
نظرت إليه مذهوله، نبرة صوته كانت ترسل أحسيس تجعل قلبها يعصف وعينيه كانتا تحكيان شوقا ولهفة. قال بصوت أجش أقرب الى الهمس " هيا الآن عودي قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه"
عضت على شفتها السفلى وذهبت مبتعده، تلك النظرات الدافئة جعلتها تنصهر وتذوب.

بالكاد استطاعت أن تتسلل عبر بوابة المنزل الوحيده لتدخل من الباب الخلفي للمنزل وتصعد على رؤوس اقدامها الى غرفتها وتحكم اقفال الباب خلفها لتسحب المفتاح وتضعه جانبا مؤكدة لنفسها بأنها أحكمت الاغلاق. وضعت يدها على صدرها تهدئ نفسها المتسارع. تعلم تماما بأنها ستلقا جزائها غدا صباحا. اتجهت نحو الشرفة وفتحتها على مصراعيها لتطل عبرها تستنشق الهواء وتملأ به رئتيها. ابتسمت بسعادة وهي تنظر للسماء وهي تتذكر الأستاذ سيف. رغم كل ماحدث تشعر بالسعادة لمجرد رؤيته. " هل تحبين أحدا يا مي " عبرت كلمات منى ذهنها لتقول بصوت مسموع " نعم يا منى أحب ان كان هذا هو الحب " أغمضت عينيها لشعورها بالألم على هذا الحب الذي لا مستقبل له.
دخلت الى الحمام لتنظر عبر مرآته وتشهق حين رأت عينيها عبارة عن هالات سوداء. لقد نسيت أمر مساحيق التجمل التي تلطخ وجهها، فتحت صنبور الماء وخذت تغسله ، لقد رآها الأستاذ سيف بحالتها الفظيعة هذه. شعرت برغبة قوية بالبكاء من شدة القهر. رمت ملابسها واستحمت تغسل كل القذارات التي على وجهها وجسدها فلمسات ذالك الحقير تجعلها تحس بالاشمئزاز.

حين خرجت من الحمام وقع بصرها على حاسوبها، لم يأخذه والدها. اسرعت متجهة نحوة وهي تبتسم لفكرة خطرت في بالها. فتحته لتبدأ بارسال رسالة الكترونية الى الأستاذ سيف، لكن ماذا ستقول له فكرت قليلا ثم فتحت برنامج لدردشات لترسل آملة بأن تستطيع التواصل معه " لقد أخذ أبي هاتفي "
تحولت العلامة الرمادية الى خضراء. شكرت الهواتف الذكية كثيرا في قلبها انتظرته حتى يجيب الا أنه تأخر حتى شكت بأنه قد قرأ ما ارسلته فعلا. أخيرا أرسل " هل فعلو لك شيئا" يا إلاهي انه خائف عليها. كتبت " لم يرني أحد "
لم يعلق لترسل هي له تذكره " لقد وعدتني "
كتب لها " لا زلت كذلك "
ثم أرسل " تصبحين على خير "
ردت " تصبح على خير "
لم ترغب بأن ينهي الحديث بل كانت تود أن تتحدث معه حتى الصباح. كانت الساعة تشير الواحدة ليلا ، طبيعي بأن ينهي المحادثة. وبينما هي غارقة في تأمل سطور محادثتهم فاذا بها تسمع " لقد عدتي " رفعت رأسها مجفلة " كيف دخلت " كان علي يقف قرب الباب ويضع المفاتيح في جيبه. وقفت مرتعبه " اياك أن تقترب مني والا أصرخ" قال غير مهتم وهو يقترب منها " اصرخي ان شئتي لن يسمعك أحد فالجميع يغط في نوم عميق " تابع وهو يقترب أكثر " لم أستطع تجاهل جمالك هذه الليلة"
حاول الامساك بها الا أنها هربت للجهة الأخرى. من شدة خوفها انعقد لسانها وقيدت قدميها وهي تراه يسير نحوها بكل ثقة. هاجمت صور من الماضي ذاكرتها وهو يغتصبها في صغرها. أخذت تشهق وهي تحاول أن تصرخ لكن لا فائدة ظلت واقفة شاخصة البصر مذعورة. حاولت أن تحرك قدميها وبصعوبة، حملت نفسها الى الحمام الا أنه سبقها اليه ليمسك بها ويدفع بجسدها نحو الباب. أطلقت صرخة بالكاد خرجت من حلقها لكنها لم تكن مسموعة كفاية. غطى شفتيها المرتجفة بكفه وهو يهمس لها " ألم تشتاقي لي أنا أكاد أموت من شوقي إليك " كان صدرها يعلو ويهبط بشدة. تأملها وهو يقول " ليتك لم تغيري فستانك الأحمر ذاك " أردف وهو يدفن وجهه في عنقها " لكن لا بأس أنتي جميلة في كل أحوالك "
حاولت مي أن ترفع يديها وتدفعه عنها لكنها كانت خائرة القوى. جسدها يرتعش وحلقها جاف ولسانها شل عن النطق. وهو يتلذذ بتقبيلها. انهمرت دموع حارة صامته حين بدأ بالتهام جسدها كالوحش المفترس. مهما كانت تحاول ابعاده عنها كانت تفشل. تزاحمت الصور أمامها بين الواقع والماضي. أحست بنفسها تنهار ونفسها ينقطع والرؤية تغيب تدريجيا. حتى أخيرا وجدت نفسها تركله بقوة وتدفع به بعيدا عنها. قال وهو ينظر لها ملتقطا أنفاسه. " عجبا يابنت من أين خرجت هذه القوة "
تلفتت حولها وأخذت ترميه بالأشياء البسيطة الموجودة في الغرفة وهو يقهقه على محاولاتها الفاشلة حتى أخيرا حملت حاسوبها وضربته بكل ما أوتيت من قوة على رأسه بحركة مباغته. نظرت إليه وهو يترنح ويسقط أرضا. حدقت به لفترة وهي تقف تنتفض من هول الموقف. تقدمت منه تستمع الى نبضات قلبه، تبا له لازال على قيد الحياة. بحركة سريعة مشمئزة أخرجت المفاتيح من جيبه بأصابع مرتجفة. أسرعت لتفتح الباب وتسحبه بصعوبة وتلقيه خارج الغرفة ثم تعود وتقفل الباب " الحقير لديه مفتاح احتياطي " قالت ذالك وهي تنظر الى المفاتيح في يديها. نظرت الى غرفتها المبعثرة حتى ادركت أن مامرت به ليس كابوسا بالواقع أسوء من الكابوس نفسه. أطلقت شهقة باكية وهي تجر قدميها جرا لتغلق على نفسها في الخزانة تبكي بحرقة تماما كما كانت من قبل. الى متى ؟ الى متى ستبقى على حالها هذا. ليتك يا أمي لم تلديني، ليتك تركتني في ملجأ للأيتام ولم تتركيني لوالدي. الاهي ان كتبت لي الشقاء طوال عمري فخذ روحي وارحني وان كتبت لي بالفرج فعجله لي فلم تعد لي طاقة على التحمل بعد.
توالت الطرقات على باب غرفتها منذ الصباح الباكر الا أنها لم تفتح حتى يؤسو وكسرو البااب كانت لا تزال مكانها متكورة على نفسها في الخزانة. والدها ومنى، سمعتهم يبحثون عنها ويتسائلون. بتثاقل خرجت من مكانها وقد تيبست أطرافها من كثرة الجلوس على وضعية واحدة طوال الليل.
" بسم الله الرحمن الرحيم ما الذي أصابك؟!" سألت منى مفجوعة من منظر مي وجهها متورم كدمات حول عنقها، شعرها أشعث عيناها محمرة ونتفخه، شفتها مجروحة. قال والدها وفي صوته نبرة استهزاء هل تعاركت مع الجن يابنت. القت عليه نظرة أخافته حقا. سحبت نفسها واندست في سريرها دون أن تقول أي كلمة.
قال والدها متسائلا بعصبية " لماذا هربتي البارحه مالذي فعلته لقد جعلتنا في موقف محرج "
" عمي أرجوك في ما بعد " قالت منى متوسلة وهي تشير الى وضع مي. قالت " دع الأمر لي سوف أتحدث معها في ما بعد "
قال وهو يرفع سبابته متوعدا " اجعليها تتعقل الرجل يريدها لو لم أخبره بأنها خجلة و انزوت في غرفتها لكان قد تراجع"
قادته منى الى خارج الغرفة و نادت الخادمة كي توضب المكان. حاولت أن تتحدث مع مي لكن لا فائدة بل ضلت كما هي.
مضت عدة أيام ومي لا تزال على وضعها قابعة في غرفتها لا تغادرها ولا تأكل الا الشيء اليسير من الطعام. لم تعد تملك أي قوة أو طاقة على مواجهة أي شيء او عمل أي شيء. كانت تمر بحالة يأس من الحياة.
في يوم الجمعة وبعد الصلاة دخل والدها عليها الغرفة ووجدها على سجادتها ترتل كتاب الله. اقترب منها وجلس على الأرض قربها ليقول بصوت منكسر لم تألفه من والدها " تشبهين أمك كثيرا "
التفت اليه مستغربة لأول مرة يذكر والدتها ولأول مرة يخبرها بأنها تشبهها.
" ابنتي أتمنى أن تسامحيني " ازداد ذهول مي هل حقا هذا والدها ؟
تابع كلامه " لم أعرف كيف أكون أبا لطفلتي الوحيدة "
تراء لها دمعة وحيدة تتدحرج على خده.
قال وهو يربت على ركبتها " هيا اجمعي أشيائك ستذهبين مع زوجك "
ماذا ؟!!
زوجها ؟
أي زوج؟
كيف ومتى ؟
استطاعت أن تنطق أخيرا " ماذا تقول ؟ "
قال والدها وهو مندهش من صدمتها. "لقد زوجتك اليوم تم عقد قرانك أليس هذا مارغبتي به".
وقفت لتقول مستنكرة " متى رغبت بالزواج " تابعت وهي تسير مبتعدة " كيف تزوجني دون أن تسأل عن رأيي"
قال والدها مستنكرا هو الآخر " أليس أنت من اتفقتي معه على الزواج "
ردت محتجة " ولم أتفق ومع من؟ "
" سيف " نطق باسمه وكأنه ألقى قمبلة في وجهها.

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن