السادس والعشرون

6.5K 217 4
                                    

رغم تأرقه طوال الليل الا أنه استيقظ باكرا وفضل ان يذهب للجري على الشاطيء. فقد بقي يتقلب على سريره محاولا طرد خيالات مي وهي تعاني وتصراع ذلك الحقير. فضا أن يخرج قبل أن تصحو. بعد أن أنهى الركض أخذ نفسا عميقا طرد معه مكنونات صدره. استلقى على الرمال علها تمتص تعبه
أغمض عينيه ليصغي الى صوت الموج الهادىء في محاولة لتصفية ذهنه.
آه يا مي كم انتي رقيقة وحساسة لدرجة أخاف أن ألمسك فأخدشك. أن أنظر الى عينك فتهربين. أن أضمك فتحترقين.
أمسك حفنة من الرمل بقبضة يديه قهرا لانعدام حيلته. أصبح يراها كالسراب يمسكها فتختفي. أخذ هاتفه يرن ليومض اسمها على شاشته الا أنه آثر عدم الرد لشعوره بأن هذا أفضل.

كانت تحاول التركيز مع مديرة المركز وهي تناقشها عن موضوع الحملة وخطة التنفيذ. الا أن عقلها يأخذها لسيف تارة والى اهله تارة أخرى. تفكر لم غادر باكرا هكذا. صحيح أنها أحست بالارتياح لأنها لم تلتقيه بعد ما حدث البارحة، الا أنها ليست من عاداته. ترى هل يشعر بالاستياء منها ومن ردة فعلها. أخذت تحلل الموقف للمرة المئة. هو لم يفعل شيئا ولم يخطو أي خطوة كل ما هنالك أنه ساعدها، هي بالغت بردة فعلها. لابد أنها جرحته، حتما قد استاء منها. كما أنه لا يرد على اتصالها. ثم فكرت هل أصابه مكروه؟ وعلى عجل مقاطعة حديث المديرة الذي لم تكن تصغي له أساسا " اعذريني سأعود فورا " خرجت تقف عند الباب تتصل به وحين لم يرد ازداد خوفها وكتبت له رسالة. " سيف لم لا تجب طمئني عليك، هل أنت بخير؟" وعلى الفور جائها الرد " بخير، لدي اجتماع" تنهدت بارتياح. كان رده قصيرا ومقتضبا. الا أنها اطمئنت عليه. وبينما هي واقفة عند الباب سمعت صراخا و جدال متواصل ذهبن الى حيث مصدره ترى ما الذي يحدث. كانت احدى المشرفات تحاول مع فتاة مصابة بمتلازمة داون. كانت الفتاة في عمر الثانية عشر تقريبا، تصرخ وتبكي بشكل مخيف. تقدمت مي من المشرفة تسألها " ما الذي يحدث ؟ " أجابتها وهي متمسكة بالبنت التي أخذت تضربها في محاولة للهرب " لا أعرف مالذي أصابها تأتي في الصباح تبكي و عند العودة تبكي وترفض الذهاب " أضافت " منذ مدة وهي على هذا الحال"
نظرت مي الى الفتاة التي تبدو منهارة وسألت المشرفة " ما اسمها؟"
أجابتها " نورة "
ابتسمت مي لنورة وهي تحاول ان تهدأها " نورة ألا تريدين العودة للبيت " هزت نوره رأسها مؤكدة. " اذا فلتبقي قليلا بعد " حدقت نورة بمي وكأنها تتأكد من صحة كلامها "
وجهت مي حديثها الى المشرفة " أرى أن تبقى قليلا ثم تذهب "
قالت المشرفة وهي تلهث منهكة " لا أظن بأن هذا سيفيد كما أن السائق ينتظر "
اقترحت مي " لم لا تتصلين لأمها لتأتي وتأخذها قد يكون هذا أفضل " ثم التفتت لنورة قائلة " أليس كذلك يا نورة "
تشبثت نورة بمي وهي تقول بلسانها الثقيل " هذا أفضل"
كانت المسكينة تبدو خائفة " ستبقي برفقتي اذهبي انتي واتصلي بأهلها "
وعلى الفور ذهبت المشرفة تنفذ ما قالته مي التي أخذت الفتاة برفقتها الى المكتب.
" والآن هل نصبح أصدقاء يا نورة " ابتسمت الأخيرة مرحبة. سألتها مي " لم لا تريدين الذهاب؟" أطرقت نورة رأسها دون أن تجيب " هل تحبين هذا المكان كثيرا؟" أومأت مجيبة. قالت مي محاولة التفاهم معها " لكن يجب عليك أن تعودي الى البيت " صمتت نورة ولم تجب . فجأة سمعت طرق أحدهم على باب المكتب وكان السائق الذي قال بنفاذ صبر بلكنة مكسرة " يجب ان آخذ نورة وأذهب والا ساعاقب"
قفزت نورة مرتعبة واختبأت خلف مي ترتجف. مي هالها منظر الفتاة وقالت للسائق والخوف بدأ يتسلل اليها أيضا " انت ارحل نحن نحل الأمر " لكن السائق ألح أن يأخذها. ركضت نورة واختبأت تحت طاولة المكتب وهي تصرخ رافضة. أخذ العرق يتصبب من جسد مي و أطرافها بدأت ترتعش. لكنها ظلت محافظة على رباطة جأشها " اخرج و الا احضر الأمن "
خرج السائق مجبرا. مي حاولت أن تستند على المكتب خشية الوقوع بسبب الدوار الذي أصابها. انتبهت لنورة التي كانت تجلس متكورة على نفسها ترتجف. سألتها متأكدة " هل فعل لك السائق شيئا؟ " ارتجفت المسكينة أكثر و ظلت تبكي. جذبتها مي تخرجها من تحت المكتب. ضمتها اليها تهدئها ودموعها تملأ عينيها تخشى أن يكون ما تفكر به صحيحا. نظرت اليها وهي تمسح دموع الصغيره " لا تخافي لن يستطيع ايذاءكي " بدأت الفتاة تهدأ. أخذت تمسح على شعرها وترتبه لها وهي تفكر كيف ستحل الأمر. وبينما هي ترتب هندام نورة وتعدل ياقتها انتبهت الى كدمة على جانب عنقها. ارتعشت أصابع مي وهي تزيح ياقة القميص أكثر لتكشف المزيد من الندب. شهقت مصدومة وهي تغطي فما بيدها. انسكبت دموعها وهي تفتش في الجهة الأخرى. سألتها " هو من فعل بك هذا " تمسكت نورة بقميصها تحاول اخفاء ماشاهدته مي " لا تخافي لن يستطيع أن يفعل بك شيئا سوف نحميكي منه فقط أخبريني " حاولت أن تجعلها تفهم " سوف أحميكي يا عزيزتي لن يفعل هذا بك مجددا" نظرت اليها نورة تحاول الوثوق بها. أعادت مي السؤال عليها بصيغة أخرى " من فعل هذا " أخيرا أجابت " السائق "
ضمتها مي وهي تبكي بحرقة آسفة على حال هذه المسكينة وما عانته " حتى أنتي لم تسلمي من شر هاؤلاء الحيوانات".
مي حاولت أن تتماسك رغم شعورها بأنها ستنهار في أي لحظة. حاولت منع ذاكرتها من العودة للزمن الى الوراء. ليس الآن، ليس وهذه المسكينة تحتاجها وتحتاج الى مساعدتها. أخبرت المديرة التي أبلغت الشرطة وتم استدعاء والدي نورة و الأخذ بشهادة الشهود وكانت مي ضمنهم وتم استجواب السائق الذي أعترف بجرمة.

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن