التاسع عشر

7.3K 214 3
                                    

مسحت دموعها على عجل لتبتعد عنه محرجة وتقف مديرة ظهرها له قائلة " آسفة لم أعرف ماذا أصابني "
أحس بارتباكها واحراجها تقدم منها ليديرها نحوه قائلا " مي لا أريدك أن تخجلي من شعارك أمامي "
صمتت غير قادرة على رفع بصرها اليه.
" هيا الآن دعينا نتناول غدائنا " قال ذلك واتجه نحو المائدة لتلحق به.

أثناء تناولهم الطعام حاول أن يحدثها عن مواضيع مختلفة، تبعدها عن التفكير بحالها وعن مامرت به. أحاديث تجعلها تنظر للأمام وحياة جديدة. عن ماذا ستفعله بعد التخرج وعن الوظيفة التي تحلم بها. كما حثها على العودة سريعا الى الكلية وخصوصا أن المدارس قد بدأت موسمها الجديد. وأنها يجب أن تلحق بجاسم وتكمل معه تطبيق المشروع. مي حاولت مجاراته وتناست الجانب المظلم من حياتها وشكرته كثيرا في قلبها لانه أراها بأنه لا يزال هناك جانب قد يكون مشرقا وأن هناك أمل لحياة أمامها.
قالت وهي تجمع السفرة " آسفة ليس هناك شاي والا لكنت اعددته لك "

يجلس يراقبها وهي توضب المكان بعد هذا الغداء المتأخر. يعلم تماما بأنها تحس بالارتباك او شيء من عدم الارتياح لوجوده معها في بيت واحد. على عكسه هو انه يشعر براحة كبيرة لرؤيتها أمام عينيه وتحت جناحة. يعلم أيضا بأنها ترغب بأن تختلي بنفسها، الا انه غير قادر على تركها لوحدها فهو يخشى عليها. انه محتار جدا كيف سيمكنه ان يتركها في هذا البيت بعيدا عنه. كل يوم تعلقه بها يزداد وخوفه عليها يزداد أكثر وأكثر.
هاتفه في جيبه يهتز، لا بد وأنها والدته من تتصل وللمرة التي لا يعرف عددها. انها غير معتادة على تغيبه عن تجمعات العائلة. أساسا الجميع يحترم رغبتها بأن يكونو متواجدين في منزلها وهي تحرص دائما على ان لا يجد أحد اي عذر على تفويت هذه المناسبات وهذه الطقوس. لا بد انها الآن تحرترق كي يرد عليها وتوبخه، فهي امرأة صارمة وحازمة. سبحان الله وافق شن طبقة فوالده رغم هدوءه غير أنه شخصية لا تقهر والكلمة عنده لا تثنى. رجل عصامي أنبت نفسه من وسط صخرة صماء. سيف الوحيد الذي استطاع ان يستقل بعمله ويبتعد أن أجواء تجارة العائلة.
دخل صوت اذان العصر عابرا الشرفة المفتوحة. لاحظ مي وهي تقف منصتة للأذان وترردده في سرها. رفعت كفيها تدعو الله وترجيه شيء في خاطرها. أحس وكأن قبضة امسكت بقلبه وعصرته لمنظرها الذي يدمع العين. حين انتهت قال بصوت مسموع " آمين "
التفت اليه مجفلة " عفوا؟؟"
قال وهو يقف " قلت آمين " ليتقدم منها ويجيب على نظراتها المتسائلة " مهما يكون ما دعوتي أتمنى أن يستجيب الله لك "
لاحظ ارتباكها لقربه منها و حمرة الخجل التي اكتست خديها، الا أنه أعجبه ذلك. تحركت بعيدا عنه تلهي نفسها بأي شيء. ابتسم لحركاتها العفوية. قال لها يعطيها متنفسا " سأذهب الآن، هل تحتاجين الى أي شيء؟"
قالت له بصوت تلمس منه شيء من الخيبة " لا، شكرا لك"
لم تعجبه نبرة صوتها ولا تعابير وجهها اللتي انطفأت " مي! " ناداها لتنظر اليه ويقول مؤكدا" لا تخجلي مني ان احتجتي الى أي شيء اتصلي بي "
ابتسمت تطمئنة " لا عليك كل شيء على مايرام"
تنهد ليقول بعدها " حسنا اذا لأذهب "
رافقته الى الباب لتقول له شاكرة قبل أن يغادر " شكرا لك على كل مافعلته من أجلي "
لم يعلق، كان رده مجرد ابتسامة. خرج وهو يجر قدميه جرا الى الخارج. ما ان اغلقت الباب حتى أخرج هاتفه واتصل بأمه وبمجرد أن رن الهاتف مرتين حتى ردت بعصبية قائلة " خير يا أستاذ سيف أشغلتني عليك، هذه اول مرة تغيب عن غدائنا يوم الجمعة "
ابتسم رغم قساوة اسلوبها الا انه يحبها كثيرا ولا يرضى عليها الزعل. " آسف يا أمي قلت لك بأن لديلدي عمل لما تصرين على أن تقلقي ؟"
قالت وقد هدأ صوتها بعض الشيء " هذه ليست من عاداتك سيف "
أجاب وقد ارتحل بفكرة بعيدا " يبدو أنه ستكون لدي عادات جديدة بدءا من اليوم يا أمي "
تغير صوتها ودخلت فيه نبرة المكر " تعال الآن عندي لك مفاجأة"
صعد السيارة " ماذا هناك"
ردت متحمسة " هناك من يجب أن تلتقي به "
تأوه سيف وهو يدير المحرك " أمي ان كنتي عدتي الى موضوعك السابق أتمنى أن تنسي "
قالت له بعدم رضا " ولم يا سيف انها تغيرت كثيرا ليست كما في السابق لقد اصبحت امرأة ناضجة و غدا تعود من أمريكا وتصبح زوجة لائقة لك "
أحس سيف بالغضب يتصاعد في داخله لذا قال قبل أن يخطئ في حق امه " سأغلق الخط الآن فأنا أقود السيارة "
لا تكل ولا تمل من نفس الموضوع لا يعرف كيف يجعلها تخرج هذه الأفكار من رأسها.

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن