الثاني و العشرون

6.6K 219 3
                                    

اتكأ على اطار النافذة ينظر الى اغصان الأشجار التي تتمايل مع هواء المساء اللطيف. عقله لم يستطيع استيعاب الكلام الذي قالته مي، يحس بالنيران تشتعل في داخله وتأكل روحه. كان يتوقع أن يكون سببا قويا وقاسيا هو ما دفع مي للانتحار لكن لم يتوقع أبدا أن يكون الاغتصاب أحدها. ليته يجد ذلك الوغد الحقير الذي دمر حياة مي حتى يسقحه بين يده وينهش أحشاءه. ليتك يا مي لم تخبريني ؟ ليتني لم أعلم بأمرك؟ ضرب بيده زجاج النافذه بعدم حيلة.
أحس بيدين تطوقان خصره أراد أن يلتفت لكنها منعته " لا تنظر الي " أحس بيديها ترتجفان فشد عليهما بيديه. اسندت جبينها على ظهره لتقول وهي تغالب دموعها " كن واثقا بأني سأرضى بأي قرار تتخذه بعد الآن" لكن لم تستطع منع نفسها من التوسل اليه وهي تجهش بالبكاء " لكن لا تتركني وحدي أرجوك، لا تدعني أفترق عنك "
كلماتها هزته بل زلزلته. تتوسلين اليه يا مي وهو من لا يستطيع التخلي عنك؟!! استدار اليها يحتضن وجهها المبلل بين كفيه ليقول لها مطمئنا وهو ينظر في أعماق عينيها " ما هذا الكلام يا مي مستحيل أن أتركك "
عضت على شفتها السفلى في محاولة بائسه لمنع نفسها من النحيب أمامه، مم جعله يمرر ابهامه برفق عليها. كيف له أن يترك هذا الملاك الطاهر خلفه بعد أن تعلقت به روحه. أبعدت يديه عنها و تحركت هاربة من مكانها لانها لن تستطيع البقاء صامدة أمامه، الا أنه عاد وجذبها نحوه. ليقول و هو يضمها اليه بقوة " من الآن وصاعدا سيكون مكانك هنا "

استرخت بين ذراعيه وهي تصغي الى ضربات قلبه مغمضة العينين لا تريد أن تعود الى ارض الواقع تود لو تبقا هكذا الى الأبد. ليت العالم يخلو من كل شيء عداهما. قال لها بصوت أجش مليء بالعاطفة " مي انك تفقدينني صوابي "
انتزعت نفسها من حضنه وتراجعت للوراء محرجة. أخرجها مواء قطة صغيرة من الموقف، التفتت اليها " قطر الندى!!" التقطتها من على الأرض قائلة لابد وأنك جائعة يا صغيرتي " ثم تحركت مسرعة الى المطبخ.
يا الاهي قلبها يكاد يخرج من مكانة. همست للهرة قائلة " جئت في الوقت المناسب "
انتفظت مجفلة مكانها حين جاءها صوته على غفلة منها " سآخذك غدا الى أهلي وأعرفهم عليك"
ماذا ؟؟
هل حقا هو جاد بما يقول ؟
فكرة أن تلتقي بأهله أرهبتها تقدمت منه قائلة " سيف سيغضب أهلك كثيرا"
نظر اليها بنفاذ صبر " مي أريد أن أنهي هذا الموضوع أرجوك"
أطرقت بصرها " كما تشاء " صمتت لبرهه لتقول بعدها برجاء " لكن ليس الآن دعنى ننتهي من امر الدراسة والمشروع اولا "
هز رأسه مجيبا بعدم اقتناع شكرت الله انه وافق فهي ستسايره حاليا حتى يفرجها الله.
"ناوليني الغطاء شارفنا على الفجر ولم ننم حتى الآن" قال ذلك وهو يمرر أصابعه في شعره باعياء.
رتبت اه المكان كي ينعم بنوم هانئ قدر المستطاع، ستحاول غدا أن ترتب له غرفة الخالة مريم. فضميرها يؤنبها كثيرا لنومه على هذه الأريكة الغير مريحة.
قبل نومها صلت لربها ودعت أن يختار لهما الافضل.

في صبيحة اليوم التالي بالكاد استطاعت مي أن تستيقظ فقد ناما متاخر جدا ليلة البارحة. كانت تهم بصنع القهوة حين رمى سيف شيئا هلى طاولة المطبخ مصدرا صوت ارتطام اجفلها.
" ما الأمر ؟" سألت خائفة، ثم نظرت الى الشيء الذي ارتطم بالطاولة كانت علبة صغيرة سوداء " ماهذا؟"
سحب كرسيا ليجلس وهو يقول بحدة " ألا تعرفين ماهذا ؟"
ردت عليه غير مستوعبه " مابك يا سيف منذ الصباح؟"
أجابها وهو يضع الكيس الأسود ورقة على الطاولة " هل هذا من جاسم ؟"
عضت على شفتها السفلى، لقد نسيت أمر الهدية تماما.
قالت وهو تحاول الانشغال في قهوتها " اضطررت لقبولها لكن لم افتحها"
اشار الى العلبة قائلا وهو بالكاد يتمالك نفسه " افتحيها "
تناولتها مي وفتحتها لتذهل بما بها كان خاتما باهض الثمن. أخذت تنظر بذهول اليه ثم رفعت بصرها الى سيف الذي قال وهو يناولها الورقة " اقرئي"
امسكت الورقة لتقرأ بارتباك ما كتبه جاسم بخط يده " مي، انت فتاة أذهلتني بشخصيتها ولا أستطيع منع نفسي من النظر اليك باعجاب و الوقوع بحبك لذا لم أجد طريقة من التعبير عن مشاعري غير عرض الزواج عليك بهذه الطريقة ان كنت موافقة أتمنى أن تضعي هذا الخاتم"
نظرت الى سيف محرجة دون أن تقول شيئا تعلم بأنه سينفجر عليها. قال لها وهو يأخذ الورقة من يدها ويقطعها الى قطع صغيرة " أخبرتك سابقا بأن تبتعدي عنه"
أمسك العلبة " يجب أن أعيد له هذه "
قالت مي وهي تحاول أخذها عنه " سوف أعيدها أنا "
نظر اليها بحده " لن تلتقي به مجددا "
نظرت اليه هي الأخرى بنفس النظرة " سيف لا تبالغ"
قال مستنكرا " لا أبالغ ؟ كنت أعرف بأنه معجب بك "
حاولت تهدأته " سيف أرجوك لا داعي لهذا كله سؤعيد له هديته و ينتهي الموضوع "
" كيف تجرأ على التفكير بالتقدم إليك " بدا مغتاضا جدا مما جعلها تضحك عليه.
نظر اليها مندهشا " لم تضحكين يا هذه ؟"
اجابته " سيف أنه لا يعرف بأننا متزوجان "
تقدم نحوها وامسكها من ذراعها قائلا بصوت أقرب للهمس " لا أحتمل فكرة أنه كان ينظر إليك يا مي"
انعقد لسانها فانفاسه التي كانت تلفح وجنتيها جعلت تيارا يسيري في عروقها وقلبها يرجف بين ضلوعها. ازدرأت ريقها تحاول أن تقول شيئا الا أنها بقيت أسيرة عينيه. قال لها وهو يمرر أصابعه على وجنتها " تعرفين كيف تطفئين غضبي "
أخيرا استطاعت أن تتمتم " عفوا؟"
" لا تنظري الي بهذه الطريقة يا مي "
انسكاب القهوة على النار هو من أنقذ الموقف. استدارت تصب القهوة في الفناجين لتسمعه يقول " أعيديه قبل وقت العرض كي لا يبقا متأملا" أردف " ويفضل أن ترسليه له بدلا من أن تلتقي به "
" أمرك سيدي "
اسلوبه لم يكن لا ئقلا لكنها تحبه. ناولته قهوته لتقول مبتسمة في محاولة للخروج من تأثير سحر نظراته " اشرب قهوتك ودعنى نتمشى على البحر " جلست قبالة لتتابع " فقد توترنا بمافيه الكفاية"
أبتسم لها ليرتشف من قهوته ثم يقول بعدها " لأول مرة تقولين شيئا صائبا"
رفعت حاجبيها مستنكرة، ليضحك عليها هذا الأخير.

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن