العشرون

7.2K 221 2
                                    

حين التفتت اليه وجدته قريبا جدا منها لكنها استطاعت ان تتظاهر بعدم الارتباك. قالت مستفهمة " اي طبيب؟ أنا لا أشوكو من شيء"
عدل جلسته ليقول مسندا مرفقيه باعياء على ركبتيه " فكرت أن نستشير طبيبا بخصوص حالات الذعر التي تنتابك"
نهضت من مكانها معترضة " شكرا لك لكني لن أذهب الى طبيب نفسي "
هل يراها مريضة نفسيا كي تحتاج الى استشارة ؟ قضت حياتها وهي تستشير الاطباء واحدا تلو الآخر، لكن هذه المرة لن تذهب.
وقف هو الآخر محاولا التفسير لها " مي قد يساعدك هذا كما أنني سبق وتحدثت الى أحدهم عن حالتك "
نظرت اليه مصدومة غير مصدقة ما يقول " هل تعتقد حقا باني بحاجة لعلاج ؟ هل أنا متعبة نفسيا لدرجة تجعلك تستشير الأخصائيين دون علمي ؟"
أحس بأنها على وشك الانهيار " مي قلقت عليك "
تابعت " هل خشيت أن يذهب عقلي ؟ أم انك تعتقد بأنه ذهب فعلا "
أمسكت رأسها بين كفيها لتقول بعصبية " لا أصدق أنك فعلت هذا "
تقدم منها لتصرخ في وجهه " ابق بعيدا لا تقترب "
سارت مسرعة لتخرج الى الفناء الخلفي تستنشهق الهواء الندي بعد توقف المطر.
اسرع ليها ليقول " حسنا أنا أعتذر لن تذهبي ان كنتي لا تريدين ذلك " أردف " لن يجبرك أحد"
التمست نبرة غاضبة في صوته جعلتها تستدرك تصرفها. قالت وهي تشعر بالندم " لا تلمني فقد زرت الكثير في السابق " تابعت حين ضل صامتا " أساسا قد كنت شفيت من كل هذا لكن لا أدري لما عاد كل شيء من جديد"
تقدم منها ليمسك بكفيها ويقول مبتسما " هل تناولت عشاءك؟ "
لقد غير الموضوع، ابتسمت هي الأخرى فقد أراحها ذلك. هزت رأسها نفيا.
قال " دعينا نأكل شيئا اذا "
احمرت وجنتيها محرجة " لم أذهب للتبضع لا أعتقد بأنه يوجد شيء للأكل "
عقد حاجبية يفكر " لا أعتقد بأن هناك مطعم مفتوح بعد الجو العاصف ، لكن سنحاول أن نجد أحدا فأنا أتضور جوعا"
وكانت توصيلة البيتزا هي الحل الوحيد

كانت الساعة تشير الى 11:30 حين انقشع السحاب تماما و ظهرت النجوم معلنة هدوء العاصفة التي استمرت عدة ساعات. كانا يجلسان بصمت على عتبة الباب الخلفي، يتأملان السماء ويصغيان الى أصوات المساء. لا يريدان أن يفتحا موضعا للحديث مكتفيان بمتعة بقائهما في مكان واحد يجمعهما. يتنفسان نفس الهواء أرواحهما تحلق معا في تناغم. لا شيء يعكر صفو هذا الجو النقي.
ليته يبق معها هكذا دائما. وجوده معها يشعرها بالأمان، بالسلام ومشاعر اخرى أيضا تجعلها تحس بحرارة في جسدها وضربات قلبها تتسارع.
أخيرا وقف سيف ليمدد جسمه في اعياء. نظرت الى طوله وعرض منكبيه واللون الأسود الذي يزيد من جاذبيته. تحمر خجلا كلما تتذكر أنها ولعدة مرات قد التجأت الى حضنه.
مرر أصابعه في شعره بحركة معتادة تجعلها هي ايضا ترغب بتلمسه " حسنا اذا أين سأنام"
نظرت اليه متفاجئة من سؤالة. فسر لها " سأبقى هنا الليلة ان لم يكن لديك مانع فلا أستطيع تركك وحدك"
هزت رأسها بأن لا بأس فلسانها انعقد عن النطق. ابتسم تلك الابتسامة التي تذيب قلبها فهو يعلم بأنه اربكها
" يبدو أني سأنام في غرفة الجلوس "
وقفت على عجل وهي تقول بارتباك " كما تعلم ليس هناك غرف في المنزل و..و..."
قاطعها " دعينا ندخل فالجو بارد"
ما أن دخلا حتى ألقى بجسده المتثاقل على المقعد ليقول " هل بوسادة وغطاء"
ومن فورها أسرعت مي تحضر ما طلب. قال لها وهو يغطي نفسه ويعدل وضعيته " تصبحين على خير "
استدارت و صعدت السلالم واضعة يدها على قلبها علها تهدء من ضرباته. التوت شفتيها بابتسامة، سعيدة باهتمامه بها، سعيدة بوجوه قربها، سعيدة لظهوره في حياتها.
دخلت غرفتها وحين اغلقت الباب احكمت اقفاله لا ايراديا، عبست وكرهت نفسها على ذلك لكنها لم تستطع ابقاءه غير مقفل.
ظلت طوال الليل تتقلب تحدق الى السقف. تجلس على أعصابها، تصغي الى اي صوت يصل اليها.
مابها؟ لم هي خائفة؟ هل حقا لا تثق به؟ أليس هو الشخص الوحيد الذي احتواها وأشعرها بالأمان؟ حاولت جاهدة أن تسترخي وتنام لكن لم تفلح.
وصل الى مسامعها اذان الفجر. فتحت النافذة سامحة لصوت الشجي بالدخول واراحة روحها. رددت خلف الأذان ودعت الله بأن يمدها بالقوة لمواصلة حياتها كما يجب.

اغتصبت ولكن أحببت........مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن