كلما زاد الألم , تفننا في أساليب إحتضانه , حتي لا يتسرب لمن حولنا .
خرجت مريم من عند طبيبها منهارة فقد أخذ لها طبيبها خزعة منذ عشرة أيام ، والتي كانت نتيجتها غير متوقعة , تبين أنه ثمة ورم سرطاني في الثدي الأيمن , وأن المرض في مرحلته الثالثة ,ونوع الورم نادر يعيش في شرايين الثدي لا يكون ملموسا , وقع الخبر عليها كالصاعقة ,
إلا أن الطبيب قد رسم لها خطة للعلاج ، ومنح لها أمل للعيش من أجل طفلها ، المراحل صعبة إلا أنه توجد علاجات تسمح بتخفيف حدة الأعراض الناتجة عن العلاج الكيميائي ،وحالتها تلزم إستأصال التكثلات ، وثماني جلسات من العلاج الكيمائي وستة وثلاثون جلسة علاج بالأشعة ،كل ذلك يجب أن يدعم بنفسية مقاتلة , ودعم ممن حولها ، لكنها وحيدة من سيدعمها , يارا يجب أن تكون قوية لتربي إبنها وتهتم به، إذا ماحدث لها شئ , عليها أن تؤمن بالله بإستمرار فهو إبتلاء من الله لها .
قررت أن تحارب لوحدها , دون إخبار يارا ، هي لا تحتاج إلي نظرة الشفقة , ولن تحتمل نظرة إبنها عند تغير شكلها ،عادت أدراجها إلي طبيبها موافقة علي قراره، والذي سيكون بأقرب وقت ،ستلتزم بخطة العلاج في مشفاه دون علم أحد ممن حولها .
إنقضت عشر دقائق وهي تقف داخل المطبخ , تائهة , ليقف هو أمامها بهيبته الطاغية , ورائحة عطره المسكرة, إقترب منها دون كلام , إبتسم تلك الإبتسامة الساحرة , صار الجو مشحونا ، مغيبا للعقل و خطواته تقل بينهما , تستشعر بتلك الكلمات التي يبعثها همسا دون النطق بها , إنعدمت المسافة بينهما لم تشعر إلا ويداه تحاصرانها :
" كم إشتقت إليك. "
خرجت تلك الكلمات كنسمة هواء أنعشت روحها , إلا أن تلك النسمة معبقة برائحة القهوة , مهلا. ...
" ياإلهي إنها المرة الثانية التي تفور فيها القهوة , عليا إعادتها من جديد ،لقد عُدت إلي عادتك السيئة يايارا ، ءلن تنسي أحلام اليقظة التي تهربين بها من الواقع. "
نفضت رأسها يمينا ويسارا :
" مالذي تفكرين به لقد جننتي حقا ".
{مادمنا وحدنا , وإن كلمتك لن يعتبرني الجميع مجنونة صح , هل من الممكن أن أسألك سؤال ؟
" تفضلي عزيزتي ، لكنني أول مرة أسمع ببطلة رواية تسأل الكاتبة، رغم ذلك انا أسمعك , هات سؤالك ؟ "
" سؤالي بسيط ماهو الحب ؟؟؟؟ "
" سؤال صعب الإجابة عليه أجد أن كلمة حب رغم صغر حروفها ، إلا أن معناها كبير، الحب من أصعب واعقد المعاني التي يصعب أن تحملها الكلمات , فالحب إمتزاج للأحاسيس بين الاعجاب والفرح والرضى والتواصل الروحي ,هو تداخل بين تلك المعاني جميعها ، لتصنع لنا كلمة مضيئة تنير القلب , وتشعل نبضاته ، يصبح متألقا مضيئا يبعث بنوره الى من حوله , ويستقبلها الشخص المناسب .
للحب معاني كثيرة وتعريفات كل يفسره بعينه , إلا أن المعاني الخفية للحب لا يعلمها إلا من إنفعل بها , وعاشها وملأت كل كيانه ووجدانه .
بإختصار الحب تجربة حية , من ذاق الحب عرف , ومن عرف إعترف , بأنه شعور مهما إسترسلنا في وصفه لن نصل إلى معناه ، واقتبس معناه من الكاتبة جوجو مويس :
{ماهية الحب هو شعورك بالأمان , قد يكون ضروريا ولازما للحياة كالهواء , الحرمان منه قد يشبه الهوس , الذي يستحوذ عليك ويسبب لك الألم , الحب هو الدافع لكل القصص ليس فقط العشق الرومانسي .}
الان سؤالي لك انت : " هل بدأت تشعرين به ؟"
ظلت يارا تجول بفكرها باحثة عن الإجابة ,
" كيف لي أن أعلم فانا خلاصة تفكيرك , كيف لي أن أجيبك أعيش حياة تسطرينها لي بقلمك , مع اني أري انك لم تسطري لي حياة سعيدة رومانسية ، فبدايتها كلها الم , وجع وفراق ،أتمنى أن تكون النهاية سعيدة ، فحقا أنا أتمني أن أعيش الحب بكل جنونه ولو مرة.
اجبتها وأنا أحاول أن لا احرق تفاصيل الرواية ، أظن القرار والنهاية بيديك فانت من ستسطرين النهاية .
" كيف ذلك ؟" :قالتها يارا مستفهمة .
" اظنك تأخرت كثيرا عن ضيفك، ولنترك الأحداث تسير بسلاسة ،فحتي انا لا أعلم كيف ستكون النهاية، فقد قلتها لك انت من ستسطرين نهاية للرواية وانت من تقررين .}
تقدمت بخطى متعثرة ، فقد تأخرت كثيرا في المطبخ , ولا تتهمونني أنني السبب في ذلك , بل احلام يقضتها ، فلا الوقت المناسب لتسافر بخيالها وفارس الأحلام ينتظرها بالصالون.
قدمت له قهوته , وقالت بجدية محاولة رسمها علي ملامحها :
" إذا سيدي مالموضوع الذي تريدني فيه , وجعلك تقصدني في منزلي. "
صوت مريم صارخا علي إسلام ويارا قطع كلماته التي تجاهد للخروج .
وقفت مريم تتأمل كل من بالصالون ،وهمت بسؤال يارا :
" لما باب الشقة مفتوح , كاد قلبي أن يتوقف عندما رأيته كذلك , أحم ، أحم ، أظن بأنه لدينا ضيوف، أعتذر علي دخولي المفاجئ , وصراخي ."
وجد إلياس أنه الوقت المناسب لكي يلقي بعرضه و لينصرف ويرحم نفسه من موقف وضع نفسه به لجنونه الغير مسبوق, وقف أمامها ليظهر فارق الطول بينهما , مرر بيده بشعره محاولا تخفيف الضغط :
" غدا أراك في الشركة , فأنا لم أطردك من العمل ."
أستأذنهما وأنصرف دون مزيد من الكلام الذي رأى بأنه لا معني له مخلفا وراءه هالة من الغموض.
نظرت يارا ومريم إلى بعضهما مندهشتين , وأنفجرتا بالضحك .
قالت مريم وهي تنظر إلى يارا بإستفسار :
" أظنك لم تطردي من عملك عزيزتي , هل هناك أمر تخفينه عني. "
إرتبكت يارا من كلام مريم وحاولت إخفاء إرتباكها :
" أي أمر تقصدينه عزيزتي , فقط هو يحتاجني معه ,".
ضحكت مريم بعد أن ألقت بكلماتها :
" أكيد عزيزتي يارا فالحب إحتياج , والذي يصبح مع الوقت إجتياح يجتاح مشاعرك , تفكيرك , وبعدها جسدك ههههههه."
أمسكت يارا بوسادة بجانبها ،وألقت بها علي مريم التي تفادتها.
أما إسلام صرخ بأعلي صوته:
" إنها حرب وسادات فلنتشارك كلنا ."
وكان نهاية اليوم غير متوقع للجميع، بين أمل في لقاء غدا , وأمل في مواصلة خطواتها في طريق إثبات لنفسها ،وبين أمل في محاربة مرض إستفحل في جسدها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
منتظرة تعليقاتكم وتشجيعكم تحياتي لكم
أنت تقرأ
حبك ....لعنتي الابدية (مكتملة )
Randomحياة الرجل تبدأ في رحم أنثى ، وترتب في حضن أنثى ، ولا تصبو وتنضج إلا في عين أنثى ماذا لو تغيرت نظرة الرجل لها وتتأثر بمن حولها ، هل تستطيع تلك العلاقة الاستمرار في ظل تلك العواصف . روايتي تناقش نظرة المجتمع للمرأة المطلقة ، وكيف لها أن تواجه مجتمعه...
