الجزء السابع

254 15 0
                                    

تطلعت يارا لساعتها ،إنه موعد إنصرافها ،ظلت تتأمل باب المكتب , لحد الآن لم ينصرف مديرها , فكيف لها هي أن تترك مكتبها ,رغم أن الاستاذ حاتم أخبرها بموعد الإنصراف عندما كان يشرح لها طريقة العمل ، إلا أنها أبت المغادرة خوفا من أي خطأ .

في غمرة إنشغالها في مراجعة ماخطه لها زميلها إنفتح باب المكتب كان قد مر ساعة علي موعد الانصراف .
تأملها إلياس مطولا ليطرح بعدها سؤاله وهو ينظر إلي ساعته :

" أمازلت هنا أنسة يارا , لما لم تنصرفي بعد؟ "

همست بصوت يغلفه الخجل :

" نعم سيدي , إعتقدت أنك من الممكن أن تحتاجني ."

هتف مردفا محركا يده :
" أظن أن الوقت تأخر ولن تجدي مواصلات في هذه الساعة , خاصة أن المكان هنا غير مأهول ."

إتسعت عيناها بفزع فهي تتذكر حقا أن المكان خالي من أي مواصلات , كيف لها أن تعود الي الفندق و متي ستزور صديقتها .

تأملها جيدا وهي سارحة بأفكارها لا يعلم لما تجذبه فهي خجولة حد الطفولة , تظهر قوة حد الرجولة و أنيقة كما لوحة مرسومة بإتقان , هي الهدوء وقت الصمت و والصخب في الفراغ , تجمع جملة الصفات لتصل ذروتها , لكنها مغلفة جيدا بذلك الغموض الذي يجذبه أفاق من تأمله لينطق بعد أن عدل من ياقته:

" أمازلت تقيمين في الفندق , إن كان كذلك من الممكن أن أوصلك معي ".

تبادر الي ذهنها أن ترفض إقتراحه لو كانت في ظروف أخري , إلا أنها في موقف لا يمكنها الرفض أومات برأسها علامة الموافقة ، حملت حقيبتها وهي تلعن غباءها , فلو أنها إنصرفت قبلا لما وقعت في موقف مثل هذا .

إرتسمت إبتسامة ساحرة علي شفتيه أشار لها أن تسبقه بيده وغادرا المكتب معا .

كان يقود سيارته وكأنه يلاعبها بحركات خفيفة ، يمتلك هذا الرجل هالة من الجاذبية , فتنته تشبه ظهور القمر في ليلة كاحلة السواد , فطنت لنفسها كيف لها أن تظل بتلك النظرة الحالمة الوردية لرجل معرفتها به لم تتعدي اليومين ,وكأنها لم تتزوج سابقا ومطلقة أيضا , حياتها الآن تختلف عما كانته سابقا , هي الآن تبدأ حياة جديدة في عالم مليء بالألغام , ويجب عليها الحذر في تعاملها مع أي كان.

أعادت أنظارها الي جهة النافذة ,وظلت تسبح مع تلك المناظر التي تمر امامها , شعرت بتلك الغصة التي إحتلت حلقها بمرارتها ......أين أنت من كل هذا ؟ ؟ ؟

إنسلت دمعة مريرة فوق جمال خديها , إرتعشت شفتيها ,هي لم تبكي لحد الآن , لم تحزن ,لم تصرخ بعد طلاقها تقبلت الأمر بصدر رحب ,رغم أنها أرادت ذلك إلا أن الأمر مؤلم ,موجع ,أن تجد نفسك وسط مفترق طرق , تائهة وحيدة و تتلاعب كل الافكار السيئة بك , إلا أنها بعد أن مات قلبها بخيانته , كان لزام لها أن تحكم عقلها , لتعرف بعدها أنها تمتلك قوة فعلية في أصعب لحظات ضعفها .

فطنت لحالتها لما تريد البكاء الآن , لما تشعر بتلك الوخزات التي تشبه السم ، وهو يحتضن ذلك القلب الفتي الذي لم ينبض يوما بالحب , أتراها غير مقدر لها أن تحب , أن تعيش دور العاشقة في رواية حقيقية هي بطلتها ، أن تجد شخصا واحدا يجعلها تحب كل مايدور حولها ، و أن تحب الحياة وهو فيها , أن تعيش تلك المشاعر بثورة لهيبها وهدوءه .

حاولت أن تضبط مشاعرها و أن تظل علي هدوءها فليس المكان مناسب للتفكير في موضوع يثير مشاعرها ،ويسرع بمنادات دموعها التي لا تتواني في النزول وبسخاء , جاعلة أنفها أحمر كالمهرج , وتنتفخ أوداجها وعيناها التي لم تعد تعرف النوم خوفا من المستقبل المجهول .
إهتزازات قطعت الصمت المطبق عليهما ، إنه هاتفها ظلت تقلب داخل حقيبتها بإنفعال فدائما مايحدث لها نفس الشيء , يضيع منها هاتفها بين طيات حقيبتها والأشياء الكثيرة الموجودة داخلها , أمسكت الهاتف بكلتا يديها محاولة فتحه بعد أن شعرت بالإرتباك .

من يكلمها الآن فالرقم جديد لا يعرفه حتي أهلها ,حدقت في الرقم مطولا إنه رقم زوجها بل هو رقم زوجها السابق ، إزدردت ريقها مترددة في أن تجيب علي الاتصال .

من جهة أخرى كان هو يراقب خلجاتها تغير ملامحها ، لمحات الحزن التي تزورها فجأة وتختفي فجأة ، وكأنها تصارع في حلبة مصارعة , لمح تلك الدموع التي تحارب عدم الظهور ،إلا أنه إستاثر عدم السؤال أو الخوض في غمارها , فهي سكرتيرته و موظفة لديه ويجب وضع حدود لهما .

لم تتوقع منه مكالمتها , رسم نهاية للعلاقة يوم وصلتها ورقة الطلاق مالذي يريده منها الأن ظلت ممسكة بالهاتف ،فتحت الخط لتقابلها عاصفة هوجاء من الاسئلة ،شعرت بصوته يكسر الصمت المفروض عليهما.
شهقت وعلامات الخجل تغلف ملامحها ،قامت بغلق المكالمة, همست بتعب تلوم نفسها وتحتضن هاتفها :

" غبية اأنت وبلهاء لما جبنت عن الرد , هل أنت خائفة منه ؟ "
إهتز الهاتف مرة أخرى ، ألقت نظرة عليه ثم قامت بإغلاقه نهائيا ,لا المكان مناسب للرد ،ولا هي في حالة تسمح لها بمواجهة مع زوجها السابق .

أما هو إستمع إلي أنفاسها اللاهثة بقلق ,إلا أنه لم يحاول التدخل هذا ليس من شأنه :

" لا تنسى وضع الحدود إلياس لكي لا تقع في الخطأ مرتين ,فالمرء لا يلدغ من جحر الأفعى مرتين ،هذا ماقالها في قرارة نفسه .
توقفت السيارة أمام الفندق الذي تقيم فيه ، لم تدرك ذلك بإنشغالها بمكالمة محمود زوجها , أنبت نفسها فليس من اللائق أن تنزل معه للفندق ,قالت بصوت محرج وبصيغة السؤال :

"لقد وصلنا الفندق ؟"

رد هو بعينين مقتطبين :

" نعم وصلنا أظننا أمام الفندق ,لا تحتاج إلي سؤال".

أحرجت يارا من رده لامست يداها مقبض الباب وخرجت بعدها إستدارت لشكره :

" أشكرك سيدي أنا مم............ ".

قطع كلماتها إعصار هائج ، وجدت يدا تضغط علي ذراعها تعتصرها تسحبها إليه ,كان شعلة من النار تصلها تلفحها بحرارتها , سقطت حقيبتها من يدها , إنعقد لسانها لم تستطع الكلام ،وعند إستوعابها للموقف عقدت حاجبيها وقطبت جبينها وصرخت به :

" أنت مالذي تفعله هنا , أترك يدي ".

أظن أن الرواية لم تعجبكم لاني لا أجد أي تفاعل عليها أتمنى أن أري تعليقاتكم عليها ؛لاري أن كانت في المستوى
تحياتي لكم

حبك ....لعنتي الابدية (مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن