في كل مرة كان يسألني "كيف أنتِ من دوني ؟"
كنت أمزح و أستر ما أشعر به خلف إبتسامة مصطنعة و قهقهات لها دوى و لا أخبره بحقيقة ما أشعر به ..
لم أخبره أن بغيابه الأشياء تفقد هويتها .. و تفقد ألوانها و تفتقد الحياة و الحركة .. و من ضمن تلك الأشياء .... أنا ..
لم أخبره أنني أقف صلبة متماسكة و متحدية العالم و أرسم البسمة على وجههي في حين أن كل ما بي قد سقط مني في لحظة غيابه .. كل ما بي قد سقط !!
لم أخبره أنني أستند على أنفاسه ليلا .. و أن مجرد حضوره يجلب لي الأمان .. تماما كما كانت تخبرني جدتي بأن مجرد سماع أصوات أبي و هو نائم كانت تطمئنها فحينها فقط كانت تستطيع أن تخلد إلى النوم ..
لم أخبره أنه يحمل عن أكتافي ثقل الحياة و المسئوليات و ما إلى ذلك من أشياء تكتفني و تعيق أجنحتي فلا أستطيع التحليق .. كيف لي من دونه ؟!!
لم أخبره أن الوقت بغيابه لا يعني شيئا .. فما فائدة النهار و الليل و أول الاسبوع من اخره إذا لم يكن هو حاضرا ...
لم أخبره كم أشتاق إليه .. لم أخبره أن تلك البقعة السوداء بروحي لا تنقشع إلا بحضوره ...
لم أخبره أنه عكازي حين تؤلمني قدماى و لا أستطيع المضى قدما ..
لم أخبره أنني لا أحضر الطعام في غيابه فممن سأنتظر كلمات ككلماته حين يثني علىّ ..
لم أخبره أنني آكل كثيرا بغيابه ... لا بل أخبرته و لكنني لم أخبره بالسبب الذي يدعوني لفعل ذلك ..
أحيانا نظن بأننا نستطيع تعويض هرمون السعادة عن طريق مصادر أخرى غير تلك التي أعتدنا عليها .. هباء منثورا ..
لم أخبره أن أشياءه بالثلاجة و بخزانة الملابس و بزوايا المنزل و تلك المبخرة و نعليه و كل الأشياء هنا لا تنفك تنادي عليه .. فأذهب و أرتدي نعليه ... و حين يعود و يجدني مرتدية إياهما يسألني لما ارتديتهما ! .. فلا أخبره..
لم أخبرك .. و ربما لن أخبرك ..
و لن أعتاد على غيابك .. و ستظل الأشياء تناديك .. و سيظل المنزل فارغا و به من الخواء ما يسيطر على أنحائه جميعا و لن يمتلئ إلا بحضورك ..
فلا تتأخر كثيرا ..
أنت تقرأ
خواطري المعتقة ،، 💜
Romanceخواطري كتبتها منذ فترة ليست بالبعيدة تعبر عن جنوني وهدوئي ورقتي وضعفي تمتلا باهاتي واناتي ،، يملئوني الحنين الناس افتقدهم رغم وجودهم ، ، خارجي هادئ عذب ولكن بداخلي بركان صاخب من المشاعر