~ المقدمة ~
ترجل من سيارته الصغيرة بسرعة ليغلق بابها بعجلة و يسحب حقيبته و يهرول تجاه بهو ذلك البنك ، دلف و هو ينظر الي ساعته ليتأكد من انه لم يتأخر لوقتٍ كثير الا ان اوقفه صوت مديره و هو يناديه :
_ آسر !!!
جز علي اسنانه بحنق قبل ان يزفر بقوة و يرسم ابتسامة صفراء علي شفتيه تزامنت مع التفاتته الي ذلك السمج !
_ ايه اللي مأخرك !
هز كتفيه بلا مبالاة و هو يقول بصوت هادئ :
_ الطريق كان زحمة !!
_ الصبح كده !
كانت تلك جملة مديره المستنكرة ليجيبه هو بنفس النبرة :
_ هو مش بيبقي زحمة غير الصبح كده !
و انهي جملته بابتسامة سخيفة ليجد الآخر يتنهد بملل و هو يقول :
_ ياريت متتأخرش تاني !
زفر بضيق ليتجه الي مكتبه الانيق و يجلس علي كرسيه بتعب !
فهو قد تولي تنظيف شقته بليلة أمس !!! ، فقد ظل يحارب و يطاحن تلك الاتربة و تلك الفوضى حتي انتهت المعركة بجسد مجهد ملقي علي السرير مع عقل ظل يسب و يلعن تلك الفكرة الحمقاء !!!
و لكن في النهاية ما باليد حيلة ! فهو وحيد في بيته ، لا احد معه !
فقد نشأ في اسرة مستقرة نوعا !! كان هو وحيد ابويه ! و ربما تأتي فكرة بأنه كان مدلل و لكن حظه العثر لم يجعل تلك القاعدة تسير عليه هو و أسرته !
فهو ولد بين ابوين متنازعين دائما ! لن ينكر انهما كانا يخفيان الامر عليه ! و لكنه كان يستمع لصياحهما كل ليلة !! كان طفل لم يعي ماذا يحدث حتي كبر قليلا ليعرف الحقيقة الصادمة !
فأباه الموقر كان زيرا للنساء حتي بعد زواجه ! و المسكينة أمه كانت تصمت لأجله ! حتي انتهي الامر بطلاقهما عندما كان في فترة مراهقته لتتولي أمه شئونه من بعد ذهاب الاب !
لم تنقطع الاتصالات بينه و بين والده و لكن في نفس الوقت لم تكن دائمة ، فقط من حين لأخر ! و كأن والده بذلك الأمر يقوم بدوره كأب !
حقا هو لا يتذكر شكله حتي !
حتي عندما توفت والدته و هو يدرس في جامعته لم يحاول اباه ان يأتي ! او يهتم بأبنه !
و لكن في نهاية الامر هو اعتاد ! و قد اصبح في مرحلة يقين بأنه يتيم الاب و الام !!
افاق من شروده لينظر الي تلك الاوراق التي امامه بكسل !
حقا !! فها هي معركة اخري سيضطر ان يحارب فيها !
***
تعالي بكائها بحرقة لينظر لها الجميع بشفقة ! بينما اتجهت اليها صديقتها و هي تضمها اليها بحزن و هي تقول بنبرة مواسية :
_ please , don't cry
من فضلك لا تبكي *
_ I can't believe that my mum is died !!!
لا استطيع تصديق بأن أمي توفت *
قالتها ببكاء و نبرة حزينة و هي تتذكر والدتها !
يا الله !! كيف ستعيش بدونها !
من سيعتني بها ! من سيرعاها من بعدها !
لمَ تتركها وحيدة في هذا الوقت !!!
عادت تبكي بحرقة بينما ظلت صديقتها تهدهدها لبعض الوقت حتي ذهب الجميع و عم المساء ليأتي والدها الي البيت بوجه خالي من اي تعابير !
جاب المنزل الانيق بعينيه بحثا عن ابنته الي انه وجد صديقتها الفاتنة تنزل علي الدرج بخطوات هادئة حتي وصلت اليه ليجدها تبتسم ابتسامة حزينة و هي تعدل من شعر خصلاتها الشقراء قائلة :
_ Luna is sleeping now !
لونا نائمة الآن*
_ thank you for taking care of her !
أشكرك علي اعتنائك بها*
_ She's my friend
هي صديقتي *
قالتها بلطف لتصافحه بعدها و تذهب بينما صعد هو الي حجرة الصغيرة ليسمع شهقاتها التي حاولت بقدر الامكان كتمانها ، دلف الي الغرفة ليغلق الباب خلفه و يجلس علي السرير ليلاحظ جفنيها اللذان انغلقا بقوة كبيرة ليبتسم هو لبراءتها !! تتصنع النوم ، و هو يعلم ذلك !
مسد علي ذراعها ليناديها برقة :
_ لونا !
فتحت عينيها بيأس لتعتدل في جلستها بينما اخذها هو في احضانه و هو يقول :
_ انا عارف انك كنتِ بتحبيها قد ايه !
لم تجيبه ليبتعد هو عنها قليلا و يمسح دموعها قائلا بنبرة هادئة :
_ لونا ! انا عارف ان الوقت مش مناسب بس في قرار مهم لازم اقولك عليه !
نظرت له باستفهام ليتابع بحسم :
_ احنا لازم نرجع مصر !
و اكمل بتقرير :
_ لازم تتعرفي علي آسر ..... اخوكي !
****
أنت تقرأ
رواية حب من نوع آخر
Romanceكان وحيدا ابويه .. عاني من تفكك أسري لا ذنب له فيه و رغم وحدته التي فرضت عليه بل و وجود أب حاضر غائب الا انه اعتاد الأمر .. حتي جاء والده أخيرا ملقيا علي عاتقه مسئولية فتاة لا يعلم عنها شيئا سوي انها شقيقته !! شقيقته ! هذا ما لم يعتاده ابدا ... و...