الفصل الرابع

191 6 0
                                    

الفصل الرابع 
صمت غريب عم المكان عقب جملة الوالد الاخيرة ..
و علي ما يبدو بأن الوضع اصبح متوتر و يكاد ان يحتدم ..
نظر (سالم) لهما بترقب غير متوقع ردة فعل ابنه الكبير الذي نظر له و لابنته بوجوم !
بينما صمتت هي و اكتفت بهز قدمها بتوتر و هي تطلع لأخيها هذا بنظرات متوجسة حتي قطع ذلك الصمت صوت والديهما و هو يقول بنبرة هادئة :
_ انا عارف يا آسر ان الوضع غريب و المفاجأة كبيرة عليك ... او عليكوا انتوا الاتنين بس علي الاقل لونا كانت عارفة من شهر 
التوت شفتي (آسر) بابتسامة ساخرة قائلا :
_ و طبعا آسر اخر واحد يعرف ! صح و هو حضرتك هتفضي تقولي امتي و انت عندك اولويات تانية !!
قال عبارته الاخيرة و هو يشير بنظراته اليها فعقدت حاجبيها بضيق و كادت ان تخبره بأنها ايضا لم تكن يوما من ضمن اولويات والدها العزيز و خصيصا منذ قدومها لمصر ؛ فوالدها من بعد ما اخبرها بأمر اخيها و هو مهتم بأحوال ذلك الاخير بشكل اكبر !
قطع شرودها رد والدها الذي جاء خاليا من اي انفعال يذكر :
_ آسر انا عارف انك كان لازم تبقي عارف من بدري بس اللي حصل انه ...
قاطعه (آسر) بنبرة حادة و هو يقول بغيظ :
_ اللي حصل اني كنت علي طول برا حساباتك .. و علي طول و انت مشغول بحاجات تانية فطبيعي تنسي انك تقولي انك اتجوزت و خلفت من سنين !! 
ثم تابع بتهكم شديد :
_ بس كتر خيرك يا بابا انك جيت قولتلي ان انا ليا اخت ! لا بجد كويس انك دخلتني في الصورة 
اثارت لهجة (آسر) الغاضبة و المتهكمة غيظ (لونا) فخرجت عن صمتها و صاحت به بضيق :
_ هو في ايه ! انت بتكلم بابا كده ليه !! محدش علمك تكلم باباك ازاي !
نقل (آسر) نظره اليها لينظر لها متفحصا قبل ان يقول لها ساخرا :
_ معلش اصل بابايا مكانش فاضي يربيني !!
_ خلاص يا آسر 
قالها (سالم) بنبرة صارمة فصمت الاخير و نظر له بحنق بينما زفرت (لونا) غاضبة و هي تحدجه بغيظ شديد قبل ان تجد والدها يقول له :
_ انا مقدر موقفك كويس و عارف اللي انت فيه ! بس انا برده مش هسمحلك تتكلم معايا بالاسلوب ده !
استفزه حديث والده و نبرته الغير مبالية فهتف به بحنق :
_ حقيقي ! جاي بعد سنين طويلة كنت قربت انسي فيها وجودك في حياتي و لما تيجي الاقيك بتقولي ان ليا اخت !
ثم اشار اليها باستنكار ليتابع :
_ و ياريتها طفلة صغيرة ! لا دي شحطة !! و لسة عارف بوجودها دلوقتي !
كادت ان ترد عليه بعصبية و لكنه قاطعها بتهكم شديد :
_ يا تري بقي مخطوبة ولا متجوزة ! اخاف اسأل الاقيها مخلفة كمان و الاقي نفسي خال !!
_ I'm single !
قالتها باقتضاب و برود جعله يصيح بها بغيظ :
_ بجد ده اللي لفت انتباهك في الموضوع كله !
اجفلت من صياحه و ارتدت قليلا للخلف فنظر (سالم) لها ثم حدج (آسر) بغيظ قائلا :
_ آسر ! متعليش صوتك علي اختك 
اثارت الكلمة الاخيرة السخرية بداخله فصمت و اشاح بوجهه بعيدا قبل ان يعود و ينظر لهما قائلة بابتسامة مصطنعة :
_ طب تمام ! كتر خيرك يا بابا انك جيت تشوفني و تعرفني علي "اختي" ... كان في حاجة تانية !!
نظر له والده بجمود ثم قال :
_ اه .. اختك هتيجي تعيش معاك 
التفتت (لونا) له بصدمة ثم همست له بأسي :
_ يعني ايه ! انت مش هتبقي معانا !!
لم يرد بل ظل مسلطا انظاره علي ذلك الذي نظر له بصدمة هو الاخر قبل ان تتوحش نظراته و يصيح محتجا :
_ افندم !! هي مين دي اللي هتقعد معايا !
_ اختك !
بهت عقب جملته الاخيرة ثم قال بغضب كبير :
_ بجد ! جاي تقولي ان ليا اخت و هتعيش معايا ! فجأة كده !
_ امال انت كنت عايزني اعرفك عليها امتي ! 
قالها (سالم) بغيظ شديد فتهكم ابنه قائلا :
_ و الله كان المفروض ... المفروض يعني انها لما تتولد اعرف ! مش اجي في يوم و ليلة اكتشف ان سبحان الله عندي اخت !
ثم تابع بسخرية مريرة :
_ بس صح ! انت كنت هتقولي امتي و احنا التواصل بينا مقطوع اساسا !!
تنهد (سالم) بضيق بينما نظرت له (لونا) و عادت تنظر الي (آسر) ..
ذلك الشاب ذو الملامح الوسيمة الشبيهة بأبيها الي حد كبير ، يبدو بأنه يعاني من مشكلة كبيرة مع والدهما .. و ربما هي نفس مشكلتها و لكن بشكل اسوأ 
في الواقع هي لا تستطع لومه ! فهي تتذكر ردة فعلها المستنكرة حين معرفتها بوجود اخ كبير لها !
فكيف تلومه عندما يغضب حين اخباره بوجود اخت له تصغره بما لا يزيد عن عشر سنوات !
كما ان علاقته بوالدهما يبدو بأنها متوترة بشكل كبير و ذلك الذي لم يحاول (آسر) اخفاءه و هو يوجه اتهاماته الباطنة اليه !
وجدت والدها يحمل حقائبها و يضعها امام اخيها و هو يقول بجدية :
_ انا عاذرك يا آسر .. و مقدر حالتك فياريت منتكلمش و انت في الحالة دي .. لونا اختك و ليها حق عليك .. خصوصا انها لسة مخدتش علي العيشة في مصر .. انا كان ممكن مقعدهاش معاك بس انتوا ملكمش غير بعض و لازم تاخدوا علي بعضكوا !
ظهر عدم الرضا علي وجه الاثنين فتابع دون اهتمام كبير :
_ انا هخرج دلوقتي و هرجع بليل .. تكون انت هديت و اختك استريحت و اهو يكون في فرصة تتكلموا مع بعض 
هم بالرحيل و لكنها اوقفته عند الباب حين امسكت بذراعه لتتوسل له قائلة :
_ بابا متمشيش خليك قاعد عشان خاطري !
- ايه ! مش بتعرفي تقعدي من غير بابي !!
كانت تلك جملة (آسر) الساخرة و التي جعلت (لونا) تنظر له بضيق قبل ان تلتفت لوالدها الذي قال :
_ لونا انا هاجي تاني علي بليل ... بس في مشوار لازم اعمله و برده انتوا لازم تاخدوا و تدوا مع بعض
انهي جملته قبل ان يربت علي شعرها و يقبل وجنتها بحنو اثار غيظ الاول فاشاح بوجهه بعيدا عنهم قبل ان يعود و ينظر لها حين سمع صوت الباب يُغلق .
توترت الاجواء بينهما و لم يستطع احد التحدث !
فماذا سيقولان !!
شعرت (لونا) بألم في قدميها جراء وقفتها لمدة طويلة فاتجهت الي الاريكة و جلست علي طرفها بتحفظ و كأنها ضيفة في بيت احدهم !
نظرت له مرة اخري لتجده ينظر امامه بشرود بينما لم تنفك عقدة حاجييه فكان الغيظ باديا بقوة علي وجهه !
تنحنحت بحرج قبل ان تناديه بصوت رقيق :
_ آسر !
نظر لها بتحفظ فتوترت اكثر قبل ان تقول بابتسامة دبلوماسية :
_ I know الموضوع صعب عليك و مش سهل
ابتسم بتهكم قبل ان يقول لها بغيظ مشيحا بيده :
_ تعرفي ايه بالظبط ! انتِ متعرفيش حاجة خالص !!
تلك الفتاة تخبره بأنها تفهم حالته !
كيف ستفهمها و هي مدللة ابيها و قرة عينه التي علي ما يبدو بأنها لا تستطيع فعل شيء بدونه !
اتخبره بأنها تعرف بصعوبة الامر !
و هو الذي لم يتحدث لوالده او يراه من سنوات يجده يعود اليه بشقيقة لم يكن ليعلم عنها شيء
بل و ايضا ستمكث معه ليتحمل مسئولية فتاة لم يراها سوي مرة واحدة !
شعر بصداع شديد يجتاحه فغلل يديه في شعره و اغمض عينيه محاولا الهدوء و لكن الامر لم يفلح !
فتح عينيه و نظر لها بغيظ شديد ثم قال لها و هو يتجه الي الرواق الذي فيه الغرف :
_ هتلاقي في اوضة علي ايدك اليمين .. حطي فيها حاجتك دي اللي انتِ هتباتي فيها
توقعت بأنه سيوصلها الي الغرفة و لكنها وجدته يذهب لغرفة في نهاية الرواق ثم يغلق الباب بعنف جعلها تنتفض في مكانها !
تنهدت بغيظ قبل ان تدمدم :
_ Rude !!
قامت و اتجهت الي حقائبها لتحملهم بصعوبة و تتحرك كالبطريق ذاهبة للغرفة قبل ان تلقي بالحقائب فور دخولها !
انارت ضوء الغرفة فوجدتها غرفة اطفال ذات سريرين !
تنهدت ثم جلست علي حافة السرير قبل ان تستند بمرفقيها علي فخذيها و تغلل اصابعها في شعرها بضيق !
تشعر بالغيظ الشديد من حالها ... و من حياتها
و من والدها
و من كل شيء ...
هي سأمت تلك الحياة ..
هي حتي لا تعلم كيف ستسير حياتها فيما بعد !
تنهدت بغيظ شديد قبل ان تلقي بظهرها علي السرير و تنظر للسقف بشرود ثم تغمض عينيها لتدخل في سبات بسيط
علها تضيع القليل من الوقت حتي يأتي والدها
******
لا يصدق ... هو لا يصدق
اتلك كانت مفاجأة والده !!
يأتي له بشقيقة لم يكن يعلم عنها شيء !
اللعنة علي تلك المفاجأة !
ليته لم يولد من الاساس !
ظل يجوب الغرفة ذهابا و ايابا و هو يفرك وجهه بعصبية
تارة يركل الارض تحت قدمه و تارة يجذب شعره بغيظ شديد !
لا يعلم ما تلك الكارثة التي وقعت عليه !
كانت صلته بوالده طوال حياته منقطعة و عندما يعود اليه بعد العديد من السنوات يأتي له بمدللة لا تصغره بالكثير و يخبره بأنها اخته و انه سيتكفل بمسئوليتها و شئونها !
غضب شديد اجتاحه و هو يفكر في حياته التي تزداد سوءا يوما بعد يوم !
زاد من فتيل غضبه هاتفه الذي لم يكف عن الرنين فاتجه اليه بحنق شديد ليجيب بصوت عالي و حاد :
_ ايوة في ايه !
_ آسر ! مالك في ايه !
قالتها (ديما) بقلق فرد هو بغيظ شديد :
_ بجد ! عمالة تتصلي عشان تسأليني مالك !
_ في ايه يا آسر ! بعدين انت مكنتش بترد ليه
غلل اصابعه في شعره ثم اشاح بيده قائلا بغضب :
_ يا ستي انا حر ارد او مردش ! خلصيني عايزة ايه
صمتت للحظة قبل ان يجدها تقول بصوت خافت و نبرة بطيئة :

رواية حب من نوع آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن