الفصل السابع
حالة من الصمت غريبة اجتاحت الاجواء و لكنه كان اول من خرج من تلك الحالة و هو يبتعد عن الطاولة بسرعة و يتجه الي صديقه و (ديما) التي تطلعت نحوه بنظرات مبهمة اقلقته فوقف امامها لينظر لها قائلا :
_ ديما ! جيتي ليه ؟ اقصد .. كان في حاجة ؟
قالها بنبرة متقطعة و متوترة فنظرت له بثبات ثم قالت له :
_ مكنتش عايزني اجي ولا ايه ؟
امسك بيدها عفويا ثم قال لها بسرعة نافيا :
_ لا لا طبعا انتِ تيجي في اي وقت !
نظرت خلفه الي (لونا) التي نظرت لهما بتوجس فلاحظ ذلك ليقول لها :
_ ديما دي مش زي ما انتِ فاهمة !
لم ترد عليه فتابع هو :
_ ديما .. انا لما شوفتك مع سامر مشكتش فيكي للحظة .. اكيد انتِ مش شاكة فيا صح ؟
لم تستطع الرد عليه ، وقعت حائرة بين ثقتها الكبيرة به و بين كلام (سامر) الذي كان مقنعا لحد كبير ..
لم ترد ففطن هو الأمر و نظر لها بحزن ثم نظر لصديقه الذي نظر له بعدم فهم فقال له :
_ دي اختي يا رامي .. هي دي المفاجأة اللي ابويا قاللي عليها !
بهت (رامي) عقب القاء صديقه لجملته الاخيرة فنظر له بعدم تصديق و صمت فتنهد (آسر) ثم نظر لها باحباط بينما نظرت له بدهشة ليبتعد عنهما و يعود و يجلس علي الطاولة فجلست (لونا) و نظرت له ثم عادت لتنظر ل(رامي) و الفتاة التي معه لتزدرد حلقها قائلة بصوت خافت :
_ آسر ! مين دول ؟
لم يرد عليها فقط ظل يهز قدمه بتوتر و اشاح بوجهه بعيدا عنها بضيق بينما تقدمت منهم (ديما) و لحقها (رامي) ليجلسا علي الطاولة و يعم الصمت عليهم جميعا ..
نظرت (لونا) ل(رامي) باستغراب قبل ان تسأله بابتسامة لطيفة :
_ ازي حضرتك ؟
نظر لها (آسر) باستغراب شديد بينما نظر له (رامي) بتردد قبل ان يرسم ابتسامة رسمية علي شفتيه و يقول لها :
_ ازيك انتِ ؟ ايه اخبارك
نظر لهما (آسر) ثم قال باستغراب شديد :
_ انتوا تعرفوا بعض !
اومأت (لونا) مبتسمة بعدم تصديق لتقول له بعفوية :
_ ايوة ده المعيد بتاعي في الجامعة ؟
_ ايه !!!!!
تفوه بها بصدمة بينما جحظت عيناه من الدهشة و هو يبدل انظاره بينهما فابتسم (رامي) بتكلف و خرج منه الكلام ثقيلا رغما عنه :
_ اه .. دي من الطلاب عندي و كانت جاية جديدة برده .. يمكن عشان كده الصدمة شديدة زيادة شوية
قال جملته الاخيرة بنبرة حاول جعلها مرحة فنظر له (آسر) بتمعن ثم قال له بخفوت :
_ هي دي نفس اللي قولتلي عليها
_ لا اللي بقولك عليها بنت تانية ... جديدة برده
قالها بابتسامة مرواغة ثم اشاح بوجهه ..
بالتأكيد لن يقول نعم ! خصيصا الآن ..
_ آسر ممكن اتكلم معاك ؟
قالتها (ديما) بنبرة خافتة فأومأ علي مضض و قام لتلحق به ليبتعدا قليلا ليتركا (رامي) و (لونا) وحديهما ..
نظر (رامي) لها بتمعن قبل ان يقول لها :
_ انتِ اخت آسر بجد ؟
اومأت بهدوء فقال لها بدهشة :
_ طب ازاي ؟
_ بابا بعد ما طلق مامته اتجوز مامتي و سافرنا برا و بعد ما ماما اتوفت بابا جابني هنا عشان اقعد مع آسر !
_ و ... آسر كان يعرف عن وجودك ؟
_ لا .. ولا انا كنت اعرف .. بابا كان قاللي بأنه كان متجوز قبل ماما و مخلف منها بعد ما مامتي اتوفت و بعد ما قالي علي طول كنا في الطيارة راجعين مصر
ثم تابعت :
_ و انا كل ده كنت قاعدة مع بابا في اوتيل لحد ما يظبطلي ورق الجامعة و يخلص كام حاجة كده .. بعدها وداني عنده
اومأ (رامي) ببطئ ثم قال بخفوت :
_ قصة غريبة !
اومأت بقوة ثم قالت بابتسامة خافتة :
_ اوي
ابتسم لها مرة اخري ثم قال بمزاح :
_ طب بما انك اخته بقي .. و انا صاحبه فأي اي حاجة تعوزيها قوليلي علي طول
ثم تابع بسخرية :
_ فصل كده جزئية كده عايزاني اشرحهالك انا فاضي 24 ساعة .. و مش هاخد فلوس منك ... هاخد من اخوكي عشان من ساعة ما عرفته و هو عايد عليا بخسارة
ضحكت عقب جملته الاخيرة فابتسم لها قائلا :
_ صدقيني ! اخوكي ده من ساعة ما عرفته و هو قارفني في عيشتي !
ثم تابع بابتسامة :
_ بس هو طيب و جدع اوي .. صدقيني انتِ هتكتشفي انك محظوظة عشان عندك اخ زيه
اومأت بابتسامة متسعة فبادلها اياها دون تعقيب ..
و عم السكون عليهما..
و لم يحاول احد ان يقطعه .. فالمفاجأة كانت مسيطرة علي كلاهما
******
_ انا اسفة يا آسر .. بس انت لازم تعذرني
قالتها (ديما) بندم و لكنه لم يقتنع و نظر لها بغضب قائلا :
_ و هو لما شوفتك مع سامر شكيت فيكي ! انا متوقعتش انك ممكن تفكري اني بعرف واحدة عليكي
_ انا مقولتش كده
_ مش لازم تقولي ! كل حاجة كانت واضحة
زفرت هي بضيق ثم زويت ما بين حاجبيها و هي تقول :
_ يا آسر قدر موقفي ! انا مضغوطة بينك و بين اهلي و كله بيزن علي دماغي
_ اه فأي اي حد يقولك حاجة هتصدقيه !
قالها بغيظ ثم تابع بحنق :
_ كل ده عشان لسة متقدمتش ! انتِ مش شايفة الوضع عامل ازاي .. مش مقدرة اللي انا اتحطيت فيه
اثار كلامه غيظها فزمت شفتيها بقوة ثم لمعت عينيها بدموع مغتاظة قبل ان تهتف به باستنكار :
_ مش مقدرة اللي انت فيه ! كل ده و مش مقدرة ...
ثم تابعت بحنق :
_ انت مش عارف انا اتضغطت قد ايه عشان خاطرك .. الناس كلها كانت ضدي بس فضلت مكملة عشانك .. و استحملت كلام اهلي و برده عشانك .. انا لو مكنتش بحبك او مقدرة ظروفك مكنتش بقيت عليك
قالتها بغيظ شديد و قد اوشكت علي ان تذرف دموعا فتنهد هو ثم نظر لها بندم ليقول :
_ حقك عليا يا ديما انا بس الفترة دي متوتر شوية
اومأت بقوة ثم شددت قبضتها علي حقيبتها قبل ان تعلقها علي كتفها و تقول :
_ انا همشي
_ ديما استني
قالها بسرعة و هو يراها تبتعد عنه و لكنها لم تقف بل اسرعت من خطواتها لتخرج من المكان بأكمله و تذهب ..
غلل اصابع يديه في شعره و هو يزفر بحنق شديد هامسا بغيظ :
_ يا ربي ليه كل حاجة ماشية غلط كده !
******
عاد مجددا ليجدهما صامتين فلم يهتم و جلس علي الكرسي بجانب (لونا) التي نظرت له باستغراب بينما سأله (رامي) و هو يبحث بعينيه عن ديما :
_ في ايه يا آسر ! و فين ديما ؟
لم يهتم (آسر) بسؤاله و نظر له بضيق ثم قال بغضب :
_ انت مقولتليش ليه يا رامي انها جاية معاك ؟
_ عشان هي مكانتش جاية معايا فعلا ! انا نزلت من العربية لقيتها ماشية قدامي !
_ كان المفروض تقول انك قابلتها و هي جاية معاك
_ اقولك فين و اساسا عقبال ما قابلتها كنا قربنا علي الباب ! و بعدين اكيد مش هيجي في بالي انك ممكن تضايق او ممكن يحصل سوء تفاهم !
قالها (رامي) بغيظ شديد فتوترت (لونا) من الوضع الذي اوشك علي ان يحتدم بينهما فنظرت لآسر بتوجس قائلة :
_ آسر .. What's wrong !؟
_ انتِ بالذات تسكتي ! كله من وراكي و من ورا ابوكي !
استفزتها جملته فجلست بتحفز و نظرت له بغيظ لتقول له بضيق :
_ هو ليه حوار ابوكي ابوكي ده ! هو مش ابوك هو كمان ولا انت لقيط !
ضحك (رامي) بعد عبرتها الاخيرة فنظر له (آسر) شزرا فوضع يده علي فمه ليكتم ضحكته و هو يتابع الاخير ينظر لاخته قائلا بغيظ :
_ و الله انا كان الفرق بيني و بين اللقيط مش كبير اوي ! بس قولي علي الاقل كنت مرتاح قبل ما هو يجي و يرميكي عندي
قامت هي واقفة فاجأة ثم قالت و هي تسحب حقيبتها الصغير بغيظ :
_ Fine .. انا هقعد هنا لحد ما اتخرج و اول ما اشتغل و اثبت نفسي هسيب البيت او هرجع امريكا تاني
قام (رامي) هو الاخر لينظر لها قائلا :
_ اهدي كده هو ميقصدش
نظر له (آسر) بغيظ ثم قال له :
_ انت بتتكلم ليه ! ما كل ده من تحت راسك برده
_ لا بجد ! ليه ؟ هو انا اللي روحت لأبوك و قولتله انزل مصر و ودي لونا لأخوها ! ولا انا اللي جيت قولتلك متقولش لديما انك عندك اخت فعشان لما تيجي تفهم غلط و تتخانقوا مع بعض !!
خرجت جملة (رامي) مغتاظة ثم تابع و هو يشيح بيده :
_ يا اخي طب بدل ما انت بترمي اللوم علينا شوف انت قولتلها ايه خلاكوا تتخانقوا و حاسب نفسك
انهي جملته ثم ابعد الكرسي ليهم بالذهاب قائلا بامتعاض :
_ انا همشي .. ده انت معرفتك كانت معرفة غم !
رحل (رامي) مسرعا فنظر (آسر) لاثره بغيظ قبل ان يستمع لجملة اخته تقول :
_ عجبك كده ! اديك ضايقته
_ اسكتي انتِ مش عايز اسمع صوتك
ضيقت عينيها بغيظ شديد ثم نفخت بغضب فوقف و هو يسحب مفاتيحه ليقول لها بغيظ :
_ يلا يلا عشان نروح ! كان يوم اسود لما فكرت اخرجك في حتة
علقت حقيبتها علي كتفها و هي تغمغم بغيظ شديد و تسير خلف (آسر) الذي قد بدأ بالسير مسرعا لتحاول اللحاق به !
*******
دلف الي بيته بخطوات بطيئة ليجد والدته تخرج من المطبخ و تنظر له بابتسامة حنونة قائلة :
_ كويس يا حبيبي متأخرتش
ابتسم لها (رامي) ثم اقترب منها ليقبل جبينها قائلا :
_ هو انا اقدر اتأخر عليكي برده
ضحكت هي ثم لكزته في ذراعه لتقول له مضيقة عينيها بمزاح قائلة :
_ كل بعقلي حلاوة ! ايه اللي رجعك بدري
_ ايه ده ! مش عايزاني اجيلك بدري ؟
_ بصراحة كنت بستريح من ازعاجك !
_ اخص مكانش العشم
قالها بسخرية و هو يلقي بجسده علي الاريكة متابعا :
_ طب بزمتك مين هياخد بحسك غيري !
_ في كتير ياخويا اتكل انت بس و متقلقش
_ معاملتك بقيت وحشة يا نبع الحنان !
_ معلش
قالتها و هي تبتعد ناحية المطبخ فابتسم ساخرا متمتما :
_ معلش ! هي وصلت لمعلش !!
انهي جملته ليرفع من صوته كي تسمعه و هو يقول :
_ طب علي فكرة بقي عشان معلش دي انا ممكن اخدلك اجازة و اقعدلك !
_ يبقي شكلك ناوي تعليلي الضغط عندي
قام من جلسته ليتجه اليها قائلا :
_ ليه كده بس ! بزمتك كده مش البيت من غيري هيبقي وحش
تحولت ابتسامة والدته الساخرة لأخري حنونة و هي تقول بصوت امومي دافئ :
_ بصراحة في دي عندك حق .. بس برده ده ميمنعش اني عايزة افرح بيك
ابتسم ساخرة ليقول لها :
_ يعني شايفاني لاقي يا ست الكل ! اديكي شايفة الوضع عامل ازاي
_ ما انت اللي مش راضي اشوفلك عروسة !
_ عروسة من اللي بتختاريهم ! لا اعنس احسن
ضيقت عينيها بغيظ و رفعت حاجبها الايسر تنظر له بضيق قائلة :
_ قصدك ايه يا واد ! تقصد زوقي وحش !
_ لا خالص .. انتِ ليكي زوق مميز كده بس ياريت انا اللي اختار يعني
قالها بابتسامة مازحة فلوت شفتيها قبل ان تقول :
_ اما نشوف اللي هتختارها !
_ اكيد لما الاقيها هبهرك بيها ..
_ اكيد طبعا .. كون انها تختارك دي لوحدها هتبهرني
قالتها بسخرية فتناول تفاحة من طبق امامه ليخرج قائلا :
_ ربنا ما يحرمني من كلامك الحلو !
ذهب لغرفته قبل ان يلقي بجسده علي سريره و يغلق عينيه بضيق و هو يتذكر حديث صديقه !
القاءه للوم عليه يشعره بضيق و الغيظ .. حتي هو حمل اخته الذنب !
اخته ! تلك القصة التي لا يصدقها عقل !
(آسر) صديقه من الطفولة .. تظهر لديه شقيقة فجأة !
و شقيقته تلك نفس الفتاة التي جذبت انتباهه في الجامعة !
_ يخربيت الحظ !
قالها متمتما بغيظ ثم فتح عينيه لينظر للسقف بشرود قبل ان يتمتم لنفسه بتهكم قائلا :
_ مين يصدق ان البسكوتة دي تطلع اخت المدب التاني .. ربنا يستر عليها ده هيبهدلها !!!
*****
_ انا مش فاهمة انا مالي بمشكلتك دي !
قالتها (لونا) بغيظ عندما وجدته يتحدث معها باقتضاب منذ رجوعهما للمنزل ، نظر لها بغيظ شديد ثم اشاح بوجهه بعيدا عنها فذفرت بضيق ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة لتقول له :
_ طب هي مين دي !
_ حبيبتي ... كان بينا مشروع خطوبة !
_ عسولة اوي .. انتوا لايقين علي بعض علي فكرة
ابتسم بضيق ثم قال :
_ خلاص بقي !
قضبت حاجبيها باستغراب ثم سألته :
_ خلاص يعني ايه ؟
_ يعني الموضوع شكله باظ !
_ ليه ؟
_ كان في مشاكل بسبب اني متقدمتش و الموضوع زاد انهارده .. تقريبا عكيت جامد
أنت تقرأ
رواية حب من نوع آخر
Roman d'amourكان وحيدا ابويه .. عاني من تفكك أسري لا ذنب له فيه و رغم وحدته التي فرضت عليه بل و وجود أب حاضر غائب الا انه اعتاد الأمر .. حتي جاء والده أخيرا ملقيا علي عاتقه مسئولية فتاة لا يعلم عنها شيئا سوي انها شقيقته !! شقيقته ! هذا ما لم يعتاده ابدا ... و...