الفصل الخامس لو أن الحب قرار..

3.9K 139 10
                                    

(الفصل الخامس)
استيقظت على رنين هاتفها فالتقطته بلهفة
تتخيل أنه يحيى لتختنق غصة أنه حتى لم
يسألها على رقم هاتفها.. لم يهتم من الأساس
أن يسألها عن أي شيء يخصها بشكل خاص
رمقت اسم صديقتها التي تعرّفت عليها مؤخرا
بابتسامة شاحبة وكأنها تشعر بها على الرغم
أن صداقتهما مازالت وليدة..
فتحت الخط ليصلها صوت مريم:
"ايه يا عروسه؟ كل ده نوم؟ مش قولتلك
كلميني امبارح يا بت بعد الخطوبة عشان
تحكيلي! وال من لقى أحبابه نسى أصحابه"
ضحكت رغما عنها وصوت صديقتها جعلها
تشعر بالراحة لتجيبها:"ايه يابنتي انتي بالعه
راديو؟ اه لسه نايمه ومش عايزه اقوم الصراحه
وامبارح مكنش ليا نفس اتكلم اصلا فنمت
بدري"
وصلها صوت مريم تهتف بريبة:"مكنش ليكي
نفس؟! يا دي النيله قفل نِفسك من أولها كده
ليه عمل ايه المزغود؟"
ضحكت بقوة وهي تقول:"المزغود معملش
ايتها حاجه غير انه فقعني ومشي"
"يابت احكيلي انتي هتنقّطيني بالكلام؟"
هتفت مريم بغيظ قبل أن تسألها بفضول:
"هل قالك ايه امبارح؟"
زمّت شفتيها وهي تقول:
"قالي هتجهزي نفسك لرمضان ازاي؟"
صمت ران للحظات قبل أن يصلها صوت مريم
مرتابا وهي تقول:"مين ال قالك رمضان؟
العريس! العريس اللي قالك كده؟"
أومأت وكأنها تراها وهي تقول:"ايوه ياختي
العريس.. وطلب مني اصحّيه قبل السحور عشان
يصلي.. مش بقولك فقعني! ده كان ناقص
يقوم يصلي ركعتين جنبي.. عرفتي ليه
مكنش ليا نفس اتكلم؟"
صمت ران للحظات عليهما قبل أن تنفجرا
بالضحك معا وكأن هناك مزحة غير
منطوقة بينهما!
قبل أن تهدأ الضحكات ومريم تقول:
"بصي يا يارا مانظلمهوش برضه يمكن
مكسوف وال حاجه؟"
"يمكن"
قالتها يارا بغير اقتناع قبل أن تغيّر الحديث
وهي تسألها عن أحوالها ..
"المهم مش هتعرفي تجيلي؟ زهقانه اوي"
سألتها يارا لتجيبها مريم:"طيب ماتيجي نخرج"
"لا بابا مش هيرضى, وبعدين هنخرج نروح
فين بس؟ تعالي نقعد هنا احسن وتلحقي من
الجاتوه اللي جيبناه امبارح"
أجابتها يارا لتهتف مريم ضاحكة:
"لا إذا كان فيها جاتوه فهاجي طبعا"
ضحكت يارا بقوة وهي تقول:"يا طفسه"
****
بعد ساعتين كانت قد تناست ما حدث
وكأن خطبتها لم تكن أمس..
وكأن أملها لم يبدأ بالخفوت أمس!
كانت تلعب مع أولاد شقيقيها عندما وجدتها
مريم لتضحك عاليا وهي تهتف:
"انتي يابنتي مش هتكبري أبدا؟ هتفضلي
تلعبي مع العيال كده طول عمرك؟"
قالت سما ضاحكة:"سيبيها يا مريم خليها
تاخد راحتها بكره تتكتم زينا ولا تلعب ولا
بتاع"
لتهتف مها:"اعوذ بالله ايه الاحباط ده؟
هتعقدي البنت ليه من أولها؟ ماتسمعيش
كلامها يا يويو.. العبي وهزري وعيشي
حياتك واوعي تتغيري أبدا.. خليكي دايما
البنوتة الرقيقة ال كلها حيوية"
نظرت لهم يارا مبتسمة بصمت فهي تشعر
بالتوتر بما فيه الكفاية لتدخل في حديث
عن حياتها القادمة.. حياة لا تعلم لِمَ لم تعد
متحمسة لها كما كانت قبلا.
****
كانت زياراته متباعدة بحكم عمله في
مدينة أخرى لذا كان الهاتف هو وسيلتهما
للتعرف بشكل أفضل.. ولكن ماذا تفعل إذا
كان ينتظرها أن تتحدث كل مرة ولا يحاول
هو فتح مجالا للحديث!
كانت مشاعرها مرتبكة ولم تعد تعلم
من تسأل ومن تتحدث معه عما يحدث معها
فام تجد سوى مذكراتها تبوح لها بما
يجول داخلها من مشاعر ومخاوف من حبيب يبدو
أنها لا مثّل له أهمية تذكر.
تمر الأيام وهي تنتظر منه كلمة أو لقاء أو
حتى نظرة عين تعبر عن أي شيء قد يمنحها
الأمل.. أي شيء يشعرها أنه ربما يكن لها أي
مشاعر تتعدى كونها فتاة مناسبة له ولكن
دون جدوى حتى كان أول خلاف لهما!
حقا لا تفهم كيف بدأ الخلاف أم لِمَ ولكن
ما تذكره جيدا أنه أغلق معها الهاتف دون
كلمة واحدة وتركها تحاول الوصول له
لثلاثة أيام دون جدوى!
ثلاثة أيام علمت وقتها أنه لا يهتم بها أبدا
لا يهتم بمشاعرها وهو لا يرد على هاتفه بل
يتعمد تركه مفتوحا من أجل الجميع إلاها!
لا يهتم حتى بكا قد تظنه به وكأنه مرّ
على خطبتهما سنوات وليس فقط شهر واحد!
ثلاثة أيام عاشتها جحيما لا تفهم ماذا حدث
لكل هذا وفي النهاية رضي عنها وهاتفها..
"ازيك يا يارا؟"
"الحمد لله"
قالتها بجمود نتج عن تعامله الغريب معها ليتابع
"معلش كنت مشغول الفترة ال فاتت"
سخرت داخلها.. أجل مشغول معي فقط ولكن
مع الجميع متاحا!
"الله يعينك"
قالتها بهدوء ليقول:"وحشتيني؟"
هل نبض قلبها؟!
ذاك الخائن ينبض من كلمة بسيطة كتلك
وهو من كان مفطورا قبل لحظات من تجاهله
لها وجفائه معها..
لم ترد عليه ليفسّره خجلا.. فيقول:
"وانا مش وحشتك؟"
"لا"
صدمه ردها ليضحك قائلا:"كدابه..
وحشتك واوي كمان"
"ياسلام؟ وايه اللي مخليك متأكد اوي
كده؟"
سألته وهي تشعر بالغيظ ليجيبها:
"امال مابطلتيش اتصالات بيا ليه؟ اكيد
كنت واحشك"
غصة كادت تزهق روحها وهي تفكر كيف
يتعامل معها بلامبالاة غريبة..
"وياترى بقى مكنتش بترد ليه؟ بتتقل؟"
قالتها بجمود وهي تشعر بالبرد يغزو كيانها
"لا ابدا بس كنت متضايق ومحبتش نتخانق
تاني.. فقولت لما اهدا هكلمك"
"كان ممكن تبعتلي رساله تقولي كده بدل
ماتسيبني اتصل كل شويه وانت مش معبرني"
قالتها بحدة ليجيبها ببرود:
"ده طبعي لما اكون متضايق ببعد عشان
ماقولش كلام اندم عليه بعد كده"
زمّت شفتيها بحنق وهي تشعر بالغليان.. تتمنى
لو أنه أمامها حتى تقتله علّ النار داخلها تهدأ
قليلا..
"كويس انك قولتلي بس برضه كان لازم
تعرفني ف رسالة على الاقل.. لان من الاساس
محصلش حاجة تستاهل كل ده"
قالتها وهي تتمسك بأقصى درجات الهدوء
ليجيبها ببرود:"ده بالنسبه لك انتي"
زفرت بضيق وهي تقول:"طيب يا يحيى زي مانت
بتبعد لما تضايق انا مش بحب حد يتجاهلني
ياريت لما نتضايق من بعض تقولي ايه اللي
ضايقك لاني مافهمتش اصلا انت زعلت من ايه"
"يعني لما تقوليلي واحد قعّدك مكانه في
المحاضرة المفروض اني افرح وال ايه؟"
قالها بحدة لتعقد حاجبيها بعدم فهم وهي
تقول:"وفيها ايه يعني هو انا كنت لوحدي؟
كان معايا زميلتي واصلا هو كان بيقعدها هي
مش انا"
"فيها كتير..."
قالها بحدة ثم صمت فجأة لتتنهد بتعب وهي
تشعر بالاستنزاف ليصلها صوته قائلا:
"بغير يا يارا فهمتي؟ بغير عليكي ومش عايز
حد يشوفك غيري انا"
نهاية الفصل

رواية لو أن الحب قرار..  بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن