الفصل السادس لو أن الحب قرار..

3.7K 130 9
                                    

(الفصل السادس)

مستلقية على الفراش تفكر به كعادتها
تشعر بالارتباك منه وبسببه..
تارة تشعر أنه يحبها وتارة أخرى هي محض فتاة
مناسبة يخطبها.. لم تعد تفهم شيئا!
يغار عليها إذا هو يحبها أم أنه يغار فقط كأي
شرقي يغار على خطيبته؟!
نهضت لتكتب كعادتها ولكن هذه المرة
كانت مختلفة فقد قررت أنها ستكتب له
رسالة تخبره فيها بعشقها له.. هي لم تعتاد
على العيش داخل دوامة المشاعر هذه
هي دوما صريحة ولا تستطيع إخفاء مشاعرها
ولا ما يموج بداخلها.
فحديث مرم مازال يتردد داخلها حتى هذه
اللحظة.. أخبرتها ربما هو يخشى الاقتراب
منكِ أو ربما لا يعلم كيف يقترب من الأساس
ساعديه ليصل إليكِ.. اقتربي أنتِ منه طالما
لن تفعلي شيئا خاطئا.
وهي ستنفّذ ذلك علها تنجح في كسر الحاجز
الذي تشعره بينهما.
****
(يحيى لو سمحت قابلني بكره الساعة 7
عند موقف الاتوبيس عايزه اديك حاجه)
هذا كان ملخص الرسالة التي أرسلتها له يارا
على الهاتف النقّال فقد خجلت أن تعطي
الرسالة لسما لتعطيها له ولم تستطع الانتظار
حتى يأتي لزيارتها فقط تفقد شجاعتها الوليدة
وتغيّر رأيها ولا تمنحه إياها..
انتظرت الرد منه بلا جدوى لتنام على أمل أن
تستيقظ على رده وفي الصباح تجهّزت للجامعة
وما إن أمسكت بالهاتف لترى رده حتى تجمدت
الدموع بمآقيها!
(مش هينفع يا يارا اكلمك في الشارع ..
لما اجي ابقي اديني اللي انتي عايزاه)
حدّقت بالهاتف لفترة قبل أن تمحي الرسالة
وتضعه بحقيبتها وتذهب للجامعة.
****
"مالِك يا يارا؟ شكلك مش عاجبني النهاردة"
سألتها مريم حالما رأتها لتجيبها يارا:
"مفيش حاجه مانمتش كويس بس"
غمزتها مريم مشاكسة:"ايوه ياعم الحب بقى
وكده"
اغتصبت ابتسامة قبل أن تغمض عينيها
متظاهرة بالنوم حتى تصلا للجامعة وعقلها
يدور بمتاهات لا تعلم ما نهايتها!
هل أخطأت بالموافقة على هذه الخطبة؟!
هل أخطأت عندما تركت مصيرها تحت حكم
قلبها؟!
أكان عليها أن ترفضه؟ أم تتأكد أولا من حبه
لها؟!
وصلت للجامعة لتنحّيه من أفكارها تماما
وتركز على محاضراتها.
****
أسبوعين منذ تلك المرة التي أخطأت بها
وأرسلت له تلك الرسالة.. أسبوعين كاملين
لم تسمع فيهما صوته أو يأتي أو حتى يعتذر
حتى أنها بدأت تشك بوجوده!
التقطت عدوى الانفلونزا وكعادتها العدوى
كانت قوية لتظل أسبوعين تقريبا مغيبة
بين حرارتها المرتفعة والتي تتعدى الأربعين
وبين نفسيتها التي تدمرت من تجاهله لها حتى
بمرضها!
شهر كامل قد مر ولا أخبار عنه أبدا وكأنه
نسيها أو ربما ندم على خطبتها.
كانت قد أنهت الاختبارات عندما بدأت صحتها
تتحسن وتعود للحياة وتقنع نفسها بتركه
وتحضير إجابات لأسئلة لابد وأنها ستُطرَح
عندما تخبرهم برغبتها بتركه
حتى جاءت والدتها لتخبرها:
"يارا, يحيى اتصل وقال انه جاي ياحبيبتي
جهزي نفسك بقى"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي
تفكر.. سيد يحيى تذكرني أخيرا
ياللمفاجأة!
أبدلت ملابسها دون حماس لتسمع صوت جرس
الباب ثم صوت والدها مرحبا به ثم....
صمت غريب!
عقدت حاجبيها وهي تتساءل أين تراه ذهب؟!
ناداتها والدتها لتخرج لها بصمت ..
"يحيى طلع على فوق ياحبيبتي اطلعي فوق
هو مستنيكي"
قالت والدتها لتومئ برأسها بصمت قبل أن تصعد
لشقة شقيقها سامر وهي تشعر بالحنق..
لا تريد رؤيته حتى لا تضعف كعادتها
فلسذاجتها كلمة واحدة منه ترضيها!
تساءلت ولماذا نصعد للأعلى ولِمَ لا نجلس
هنا؟؟ ولكن تساؤلاتها لم تتعدَّ جوفها.
بعد ربع ساعة كانت فى طريقها للصعود
ووالدتها أعطتها حلوى من صنعها لتقدمها
بجانب المشروبات لدى شقيقها.
ودخلت لتجده جالس بأريحية يتحدث مع سامر
واعتدل عندما رآها.. ألقت السلام وردوا جميعا
بادرها سامر:"تعالي يا يويو جايبالنا ايه
معاكي؟؟"
تجاهلت وجوده تماما وهي ترد على شقيقها
ضاحكة:"ايون قول كده بقى انت عايز ال انا
جايباه مش عايزني انا؟؟"
أجابها سامر ضاحكا:"يا حبيبتي انتي الاساس
بس مايضرّش يعني نستفاد من الحاجات الحلوة
ال ماما بتعملها"
"ماشي يا أبيه نعدّيها المرة دي.. ماما عامله
كنافة بالمكسرات ورز بلبن"
"امممم الله الله طب ياللا ادخلي المطبخ
هتلاقي سما وضّبوا الاطباق وتعالوا"
دخلت يارا إلى المطبخ لتجد سما تجهز عصير
المانجو المفضّل لسامر وعندما رأت يارا بادرتها:
"يويو حبيبتي تعالي يا قمر ايوه الخيرات جت
اهي ربنا يجعل بيت المحسنين عمار"
قالت يارا ضاحكة:"ايه نظام الشحاته ده؟!
خدي يا ختي امي باعتالكوا الصينيه كلها
تقريبا"
غمزتها سما بمكر:"ايوه متوصيه بقى عشان
العريس هنا"
كتمت يارا سخريتها ولم ترد وفكرت
العريس؟؟ هه ده حتى ماقالّيش ازيك..
قاطعت سما أفكارها قائلة:"طب ياللا روحي
اقعدي مع خطيبك في الصالون وانا
جاية اهو"
"ماهو قاعد مع ابيه سامر"
"لا ده كان مستنيكي والعيال هلكوه لعب
روحى هتلاقيه راح الصالون"
قالت سما لتذهب على مضض لتجده جالسا على
نفس المقعد الذي جلس عليه بآخر زيارة
لتجلس هي أيضا على مقعدها القريب نسبيا منه
بادرها يحيى:"ازيك يا يارا؟"
أجابته باقتضاب:"الحمد لله"
سألها عندما لاحظ اختصارها بالرد:"مالك؟"
"مالى؟"
قالتها بدهشة مصطنعة ليجيبها يحيى:
"شكلك متضايقه من حاجه؟ هي النتيجه
ظهرت وال ايه؟"
لوت شفتيها قائلة:"يعني لسه مخلصة اول
امبارح والنتيجة هتظهر ازاي يعني؟ وحتى لو
ظهرت ايه ال هيضايقني في كده؟"
هتف يحيى ضاحكا:"ايوة انا كنت مستني
الرد ده"
"ده على اساس انك عارفني يعني فعارف هرد
ازاي؟"
قالتها ساخرة ليسألها:"انتي متضايقه مِنّي ليه؟"
أجابته ببرود:"وهتضايق منك ليه؟ هو انا
كنت شوفتك اصلا عشان اتضايق منك؟"
"معنى كده انك متضايقه عشان
ماشوفتنيش"
لم ترد يارا عليه فقد شعرت أنه يستفزها عمدا
وأنها ستقذفه بأي شيء أمامها..
عاد ليقول:"انا قايلك اني مش هاجي عشان
مااعطلكيش وكنت بطمن عليكي من سما"
"وسما ماقلتلكش اني كنت تعبانه في
الامتحانات وكان ممكن ااجل الامتحانات
للسنه ال جايه؟"
قالتها يارا بحدة ليجيبه:"ايه؟ لا والله مااعرف
ماقلتش حاجه.. تعبانه مالك خير؟"
لوت شفتيها ساخرة وهي تقول:"على اساس لو
عرفت هتفرق معاك يعني!"
أجابها مؤكدا:"اكيد طبعا كنت هبعت ماما
تطمن عليكي"
تساءلت يارا هي يجوز قتله!
"ماهي طنط سعاد جاتلي مع عمو عبد اللطيف"
"انا عارف انهم جم عندكوا وعرفت ان جالك
دور برد بس لكن محدش قالي انها حاجه
خطيره"
رفعت حاجبها قائلة:"اها دور برد؟ لا ما هو
بسبب دور البرد العادي عندك ده مكنتش
هروح الامتحانات بس ربنا ستر"
"يبقى بتدلّعي بقى دور برد مش هيخليكي
تروحي الامتحان؟"
شعرت يارا بالإهانة الشديدة وكادت تبكي
لو كان يحبها لم يكن سيتكلم بهذه
اللامبالاة.. حاولت السيطرة على الدموع
التي بدأت تتجمع فى عينيها لترد عليه
مقررة إنهاء كل شيء.
"اها بتدلع لدرجة ان حرارتي كانت 40 ومش
بتنزل وكانت الكحة مش بتخليني انام
لدرجة ان بابا نفسه كان بيقوم يعملي
حلبه بالليل لما بيسمع صوتي وكان مصمم اني
مادخلش امتحانات السنة دي لكن انا
ماوافقتش وقولتله اني مذاكرة كويس
ومش هضيع مجهودي وربنا هيسترها معايا..
شوفت بقى دلع كده؟ بعد اذنك عشان اروح
اكمل دلع.."
وقف يحيى معترضا طريقها...
"يارا..انا اسف والله مكنتش اعرف كل ده
ومكنش قصدي ازعلك"
كادت تجيبه منهية كل شيء ولكن قاطعها
دخول سما بالعصير والتحلية ..
"انتوا واقفين كده ليه؟ لحقتوا تخلصوا
كلام؟"
أجابتها يارا:"لا انا كنت هروح اشوفك
اتأخرتي ليه قولت تكوني طمعتي في نصيبنا
احنا كمان"
هتفت ضاحكة:"لا لا ماتخافيش العيال
لبخونى بس على ماخلصت منهم ياللا اقعدوا"
جلسا مرة أخرى وغادرتهما سما..
"انتي عصبية اوى على فكرة.."
"اه جدا محدش قالك الموضوع ده كمان؟"
أجابته ساخرة ليقول:"ممكن تهدي شويه.. انا
قولتلك اني مكنتش اعرف انك تعبانه
كده"
"وحتى لو عندي دور برد عادي مش من الواجب
انك تتصل تطمن عليا؟ بلاش تيجي يمكن
بتخاف من العدوى وال بتتقرف.. بس تليفون
حتى تفتكر بيه ال اسمها خطيبتك"
"على فكره انا مش بتقرف خالص انتي لسه
ماتعرفنيش"
أجابته بحدة:"وهعرفك ازاي؟ وانا لا بتكلم
معاك ولا بشوفك ممكن اعرف يعني؟"
"انا بس عشان ..."
قاطعته يارا بحدة:"بالله عليك ماتستفزنيش
بالكلام ده..على اساس ان كل المخطوبين في
الدراسة مش بيشوفوا بعض ولا بيتكلموا؟
انا مش بقولك تعال بات عندنا لكن على
الاقل اتكلم مرة في الاسبوع او تعال مره
كل أسبوع أو حتى أسبوعين.. ده حتى لما
بعتلك رسالة عشان عايزه اديك حاجه
حسستني اني طلبت حاجه عيب وال حرام!"
صمت قليلا تستجمع أنفاسها قبل أن تقول:
"انا عايزة اسألك سؤال وترد عليا بصراحة لو
سمحت واوعدك انى مش هزعل"
"اتفضلي"

"هو انت اتقدمتلي ليه؟"

رواية لو أن الحب قرار..  بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن